المقالات
مكتبة كتاب المقالات والأعمدة
حسن وراق
ازمة الخبز، فشل مبكر للموسم الشتوي !!
ازمة الخبز، فشل مبكر للموسم الشتوي !!
08-15-2018 07:08 AM

@ الخبر الذى يستحق أن تتناوله جميع اجهزة الاعلام و التواصل و الصحف اليومية بالتركيز و التحليل ، ما يتعلق بانعدام السماد في البلاد و خاصة سماد (الداب) . قد يسخر الجميع من خبر انعدام السماد و البلاد باسرها في حالة ازمات و انعدام لعدد من السلع الغذائية و في مقدمتها دقيق القمح لسلعة الخبز التي شمل كل بقاع السودان التي تشهد ظاهرة الصفوف الطويلة من الصباح الباكر للحصول علي بعض رغيفات تتطلب الوقوف لساعات طوال امام المخابز في انتظار ربما يكون بلا فائدة و الرجوع دون الحصول علي رغيفة واحدة الامر الذي جعل جميع افراد الاسر يقفون في صفوف الخبز و الغاز و اللبن بشكل يفوق ازمات ما قبل الانقاذ . انعدام الخبز و صعوبة الحصول عليه أجبر بعض المدارس أن تغلق ابوابها بعد أن تعذر الحصول علي وجبة الافطار لاعداد من التلاميذ الذين لم يذهبوا لمدارسهم و ظلوا في منازلهم في انتظار البديل لرغيف الخبز الذي اصبح هو الآخر مكلفا و يتطلب جهد إضافي.
@ لدي السودانيين مقولة مأثورة ظلت تردد علي مر الازمنة بأنه (لاشىء يغلي ثمنه مع غلاء العيش) و لكن في زمن الانقاذ كل السلع تدخل في سباق زيادة الاسعار و أصبح إقتصاد الندرة يأخذ بتلابيب النظام الذي يعاني من ندرة العملات الحرة المحرك الديناميكي لتوفر السلع و الخدمات . الندرة في الدولار هي السبب الرئيسي في ارتفاع الاسعار التي ترتبط بارتفاع سعر الدولار من تزايد الطلب عليه . ما زاد الطين بله ، فشل السياسات الاقتصادية للحكومة التي تعتمد علي طاقم لا يستحق ان يطلق عليهم اقتصاديون بعد أن أدمنوا سياسة (رزق اليوم باليوم) التي تنعكس في أن أي محاولة للخروج من أزمة لسلعة ما ، تكون علي حساب سلعة أخري لأن محدودية العملة الحرة لمقابلة استيراد السلع الضرورية تذهب في الصرف علي جهاز الدولة المتضخم و اهمال الصرف علي القطاع المنتج و،خاصة الزراعي الذي يؤكد في كل يوم انه المخرج الوحيد لأزمات البلاد المتلاحقة سيما و أننا بلد زراعي وكل الاستثمارات الاجنبية الناجحة كانت في الزراعة .
@ إنعدام السماد في السودان هو الخبر الذي يؤكد بشكل منطقي علي فشل الحكومة التي لا تحمل أي رؤية مستقبلية أو خارطة طريق للخروج من ازمات البلاد . انعدام السماد يكذب أي وعود تطلقها الحكومة الآن بأنها مقبلة لتجاوز الازمة الاقتصادية الراهنة بحزمة قرارات تراهن علي الحل النهائي دون ما يؤكد علي معقولية ذلك اللهم إلا أن الحكومة عثرت علي العصا السحرية التي تمكنها من تجاوز الازمة . الشعب السوداني ملّ انتظار الوعود التي أدمنتها الحكومة و التي في الغالب لا يحكمها أي منطق ولن يصدقها عقل و طريق الخروج من الازمة واضح للعيان بالإنتاج فقط و قديما كان الشعار (بالانتاج لن نحتاج) . الخروج من ازمة انعدام رغيف الخبز يتطلب ، توفير عملة حرة لاستيراد حاجة البلاد و هذا امر متعذر و المخرج الآخر يكمن في انتاج القمح للاكتفاء الذاتي و تصدير الفائض و هو امر ليس مستحيل و مجرب في مطلع التسعينات (مرحلة التكثيف) التي قفزت بانتاجية فدان القمح الي 9.2 جوال للفدان كأعلي انتاجية للقمح في ذلك الوقت .
@ بعد فشل العروة الصيفية الحالية بسبب ازمة الوقود و تأخر التحضير و بالتالي الزراعة ، كل التقارير تؤكد علي فشل الموسم الصيفي و لا مخرج للحكومة غير تعويض هذا الفشل بالتركيز علي الموسم الشتوي و الذي في الغالب ينتج المحاصيل الغذائية من قمح و لوبيا و فول و بقية البقوليات بالتركيز علي القمح في الجزيرة التي في كل موسم تحدد مساحة تأشيرية تفوق 450 الف فدان و العالم قد تجاوز عقدة الطقس البارد بانتاج تقاوي مقاومة لحرارة الطقس الي جانب استكمال المساحة الكلية في الولايات الشمالية لتصبح مليون فدان بانتاجية 10 جوال للفدان و بالتالي سيصبح انتاجنا من القمح اكثر من 10 مليون جوال يفوق حاجتنا الاستهلاكية و بتصدير الفائض و هذا ليس بالامر المستحيل الذي يتطلب الارادة السياسية الحقيقية و ليس اطلاق الوعود المخدرة .
@ كل المهتمين و المختصين بالشأن الزراعي يدعمون الاتجاه الرامي لإنتاج القمح و كل المطلوب التحضير الجاد بداية بالحرثة الخريفية للحشائش التي انبتتها الامطار قبل أن تتمكن من انتاج البذور و تحافظ علي بقائها كي لا تتطفل علي المواد الغذائية بالتربة و بالتالي تضعف إنتاجية الفدان و هذا لابد من أن يتم من الآن بإعتباره أحد أهم الحزم التقنية لزراعة القمح بالطريقة العلمية السليمة ، الي جانب الاهتمام بتحضير الارض بالحرث العميق و المتنوع و توفير كل المدخلات مع زيادة الجرعات فوق ما هو متبع لتعويض الانهاك الذي حدث للتربة المجهدة التي تزرع كل المواسم . هنالك نتائج باهرة تحققت في عدد من المناطق بالجزيرة بلغت الانتاجية فيها أكثر من 15 جوال (طن و نصف) و هو أمر مبشر و لكن المحبط الآن و الذي ينذر بفشل العروة الشتوية القادمة التي تفصلنا عنها شهرين فقط هو انعدام السماد و خاصة الداب و هذه فضيحة تتطلب محاسبة المتسببين في هذا الانعدام علما بأن السياسة السابقة في مشروع الجزيرة تحرص علي توفير جميع المدخلات قبل عام كامل ولكن سياسات الحكومة هي التي تشجع علي الفشل لأنها (سبابية) تمارس رزق اليوم باليوم فقط .

[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 562

خدمات المحتوى


حسن وراق
حسن وراق

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة