المقالات
السياسة
خطبة الجمعة
خطبة الجمعة
08-17-2018 02:00 PM

الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السموات والأرض وخلق كل شيء فقدره تقديراً، خلق الإنسان من نطفة أمشاج يَبتليه فجعله سميعاً بصيرا.. ثم هداه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً، فمن شكر كان جزاؤه جنة وحريراً ونعيماً وملكاً كبيراً.. ومَن كفر فلم يجد له من دون الله وليًّا ولا نصيرًا… وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تجعل الظلمة نورًا، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده المرسل مبشِّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا…

عباد الله:
أتعلمون لماذا كان المسلمون أعظم أهل الأرض؟ لقد كانوا كذلك أيها الأحباب لأن فيهم الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي قال: لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنهالم تمهد لها الطريق يا عمر! ذلك زمان مضى وجاء زمان لو أن الشعب كله مات بالجوع لم يعني ذلك للحاكم شيئاً!
تعالوا أيها الإخوة والأبناء نعيد قراءة هذه المقولة التي تخص مسؤولية الحاكم تجاه رعيته لتشمل الحيوان ناهيكم عن الإنسان يقول الفاروق (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها: لِمَ لم تمهد لها الطريق يا عمر)، عن ماذا يتحدث عمر؟ يتحدث عن خوفه من البغلة من أن "تتعثر".. إذن فهي لم تتعثر حتى الآن، هذا أيها الأحباب شعوره بالمسؤولية تجاه "بغلة".. فكيف سيكون شعوره تجاه الإنسان .
ودعونا نتساءل: (من أي شيء يخاف عليها)؟ هل يخاف عليها من الموت؟ لا بل كان يخاف عليها أن "تتعثر" لأنه قصّر في مسؤولياته ولم يمهد لها الطريق، وسؤال آخر جدير بالتمعن،: أين كانت هذه "البغلة"هل كانت بالقرب من مكان إقامته في يثرب؟ أهي في (العاصمة؟) أو بالقرب من قصر الحكم؟ لا، بل كانت في أقاصي دولته على تخوم العراق.. ولكنه يظل مسؤولاً عنها .

أيها الناس:
لقد انفطرت قلوبنا وتصدعت عقولنا وملأ الحزن جوانحنا وانسكب الدمع دماً من مآقينا أول أمس الأربعاء الموافق 15/08/2018م، لدى سماعنا عن الفاجعة التي حدثت بمحلية البحيرة بولاية نهر النيل حيث فارق هذه الحياة الفانية 21 تلميذاً وتلميذة، معظمهم في مرحلة الأساس، وبينهم طبيبة حديثة التخرج ليصبح العدد الكلي الذي راح ضحية هذه المأساة 22 فرداً كانوا يعبرون النهر بمركب خشبي قديم قاصدين مدارسهم في الضفة الأخرى، ومما يزيد الألم والفجيعة أن هنالك أسر فقدت أكثر من طفل، بل إن من بين الضحايا خمس طفلات وأخرى أربعة وثلاثة من أسرة واحدة!
لله درك يا عمر؟ أين بغلة العراق من أرواح هؤلاء التلاميذ والتلميذات الذين لا توفر لهم الدولة مدارس في أماكن سكناهم وتطلب منهم ركوب الخطر ومواجهة الصعاب؟ بل لماذا لم يعمل المسؤولون على توفير وسيلة نقل آمنة لهم ولبقية المواطنين لاستخدامها في التنقل بين ضفتي النهر الهائج؟

عباد الله:
لا بد لنا أن نتساءل ونحن نفقد هذه الأرواح البريئة الطاهرة أين هي الجهات المسؤولة عن درء مثل هذه الكوارث؟ أين الدفاع المدني، والشرطة اللذان من المفترض أن يقوما بتحديد وحصر المناطق الآمنة لعبور المواطنين بالقوارب على طول امتداد النهر؟ بل أين المسؤولون عن منح التصريحات لمثل هذه القوارب التي تنقل الركاب؟ ومعرفة صلاحيتها من عدمها؟ إنها ورب الكعبة عدم المسؤولية، بل الاستهتار بحياة البشر لا البغال.

عباد الله:
إن مقولة (الفاروق) لهي مقولة تهتز لها القلوب في حدّتها وصرامتها.. وتخشع لها الجوارح في إخلاصها وأمانتها.. مقولة لو استشعرها وطبَّقها المسؤولون لما فقدنا مثل هذه الأرواح البريئة التي ابتلعها النهر في قسوة وخيم على إثر ذلك الحزن فينا وفي كثير من المنازل والبيوت!
قال الله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) البقرة ـ 155، 156،157 .
اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها، اللهم نسألك الأجر والصبر لأهالي الأطفال، اللهم أعز الإسلام والمسلمين واحفظ لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وبارك اللهم لنا في دنيانا التي فيها معاشنا، اللهم اجعلنا من عبادك الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، ونعوذ بك اللهم أن نكون من الخاسرين.
اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِنا شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْنا فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وانتَقِم لنا مِنْه، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِنا شَيْئًا فَرَفَقَ بِنا فَارْفُقْ بِهِ واجزه عنّا خير الجزاء.
اللهم ارحم أمواتنا وأموات المسلمين، واغفر اللهم لنا ولهم ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وأجمعنا في مُستقر رحمتك غير خزايا ولا مفتونين، واجعل اللهم لنا ولهم من رحمتك ورضوانك أوفر الحظ والنصيب.
اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أنزل علينا من بركات السماء، اللهم اسقنا ولا تحرمنا ولا تجعلنا من القانطين. اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا اللهم بفضلك عمن سواك يا رب العالمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار، يا عزيز يا غفّار. ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]. وَأَقِمِ الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.
الجريدة





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 1464

خدمات المحتوى


التعليقات
#1803750 [عبد الله]
0.00/5 (0 صوت)

08-17-2018 03:59 PM
ما هذا السخف يا ابن الريف ؟!!

الود عامل فيها إسلاموي وهو وصولي منافق

الأسلمة هي سبب تخلف هذا البلد وغيره من البلدان الاسلامية

هذا امر لا ينتطح فيه عنزان

انظر في تاريخ البلد القريب تجد المهدية وما نتج عنها من كوارث

ثم انظر للطريقة الختمية واستغلالها للناس واستغبائهم

ثم جاء الإخوان المسلمين تجار الدين فأتوا على الأخضر واليابس


ردود على عبد الله
Saudi Arabia [ود الحاجة] 08-18-2018 12:40 PM
قصدك كاتب المقال بابن الريف؟؟

ثم ان المشكلة هي في النخبة السودانية , فالامور منذ الاستقلال في انحدار.


#1803728 [الدوش]
0.00/5 (0 صوت)

08-17-2018 03:20 PM
جزاك الله خير ...

لكنا نود أن نضع حداً لهذا الأستهتار بحياة الناس. نود من المحامين والقانونيين الشرفـاء أن يكونوا خير عون لأسر الضحايا حتي نرمي بمن كان سبباً فى موت الأبرياء في السجن ذليلاً ليتذوق قطرة من ألم الثكلى والمكلومين من أسر الضحايا....الا يمكن أن ينبري أحد أساطين القانون ليضع المستهتر والمتسبب في الكارثة في السجن..!!؟؟ ألا يمكن أن يحدث هذا في بلادنا السودان...؟؟

نود من أهل العلم والدرايا أن يسهموا في وضع برنامج تدريبي للأطفال لتوعيتهم كيف لهم أن يمارسوا الملاحة نهراً وبشكل آمن يضمن سلامة أرواحهم حال ركوبهم النهر ، ولا نود أن نثير الفزع في نفوس أبناءنا بأن النهر قاتل وموجه فتاك وهذا ليس ما حدث ، فما قتلهم إلا تقاعسنا ، و ما قتلهم إلا ضمان المستهتر بأرواح الناس أنه لن يمسه أي سوء جراء فعلته الشنيعة.

الدفاع المدني ليس له محطة إنقاذ نهري في منطقة يتم فيها نقل البشر بمراكب لا تتمتع بالكفاءة الكافية لحمل جوال ذرة ناهيك عن بشر ، وأي بشر...!! هم فلذات أكبادنا وأجيال المستقبل....!!؟

وقبل الدفاع المدني يأتي دور المستهتر الكبير وهم مسئولي الملاحة النهرية ، هؤلاء النفر درجوا على مد لسانهم طويلاً لكل من يلومهم في تقاعسهم في ممارسة دورهم الرقابي على العائمات النهرية ، فهذه ليست الحادثة الأولي التي نفقد فيها الأرواح بهذا السناريو الغبي والذي يجعل كل العالم يضحك علينا.

حسبنا الله ونعم الوكيل....


الفاتح جبرا
الفاتح جبرا

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة