حتى وإن سايرنا رئيس الوزراء بأنها أزمة إدارة..فلا قبل له بحلها
11-15-2018 10:08 PM
في البدء يجب أن نوضح أن تناولنا للسيد معتز موسى وسياساته وجزمنا بفشله ، لا ينطلق من معرفة عيوب شخصية . بل مرتكزه الأساسي وعينا المتواضع بطبيعة الأزمة. التي نلخصها بشمولية النظام وصبغها كل المجالات بأمراض النظم الشمولية أياً كانت أيديولوجياتها. ويزيد عليها هنا البعد الديني الذي يجعل من طاعة الحاكم طاعة لله وتبرير ذلك بترسانة من الآيات والأحاديث التي لها مناهضوها من الباحثين المسلمين.
ففي توصيفه لأزمة الخبز والجاز ، أوضح بأنها هزة عابرة ، وليست أزمة اقتصادية ولكنها سوء إدارة. جيد ..ها نحن أمام توصيف من رئيس الوزراء..يحاول إبعاد الأزمة من التوصيف الاقتصادي. و الآن هو هنا غير متسق مع ظروف اعتلائه كرسي مجلس الوزراء. ومجيئه على خلفية ازدياد مدى الأزمة الاقتصادية..وقد نحا كتاب واقلام محترمة ذات المنحى. ونعوا على الذين يقولون بأن الأزمة سياسية .في تعويل كبير على نجاحه قولهم. ويريد أن يأخذنا إلى التسليم بنجاحه أو على الأقل سيره في الاتجاه الصحيح كما يغرد دائماً .ومن البديهي حسب كل متابع السوداني أن ينهض سؤال في مواجهة توصيف الأمر بأنه سوء إدارة ( ومن أين جاء سوء الإدارة وما هي اسبابه ؟). لا تنتطح عنزتان في أن العلة المذكورة نتاج للنظام وسياساته طوال العقود الثلاثة التي استفرد فيها بإدارة الدولة.
ولا أراني محتاجاً للحديث عن سياسة التمكين.. بل ولا أريد حتى الركون إلى حديث التقليل من كفاءة من أسند إليهم الشأن الإداري.فالكثيرون منهم من حملة الدرجات والذين أخضعوا لكثير من الدورات ولكنهم أخفقوا . وينهض السؤال السهل الممتنع . كيف يخفق أمثال هؤلاء ؟ قبل محاولة الإجابة على السؤال ، يحب أن نؤكد على أن الإخفاق ، شامل لكل مناحي السياسة والاقتصاد والإدارة. فلا مجال للفصل بينها مهما تفاءل المتفائلون بمقدرة السيد رئيس مجلس الوزراء. ونعود للسؤال ومحاولة الإجابة عليه.ونؤكد أن طبيعة النظام الشمولي المغلفة بغلاف ديني يجعل من طاعة ولي الأمر طاعة لله كما سبق ذكره. وتكون النتيجة تركز القرار دوماً في المستويات العليا من الحكم.فلا يتخذ الإداري في أي مستوى قراراً يجرح خاطر من هو أعلى منه .فيسود إداريون متماهين تماماً مع رؤسائهم ، ليتحولوا تدريجياً إلى منتظرين للتوجيهات من أعلى من جهة ، وإلى منتهزين لفرصة وجودهم في الموقع لتحسين وضعهم الخاص من جهة أخرى. فينتج العجز الإداري ، فساداً تلقائياً. ويبيض الإداريون والساسة في المستويات العليا وجوههم بأي نجاح تم في المستويات الدنيا، ويدفع مرؤسوهم ثمن الإخفاق وأولئك في عليائهم !! وكل إخفاق يصير سبباً لنزع السلطات وتركيزها في المستويات العليا. فكيف يمكن لأي إداري في هذا الوضع قادراً على اتخاذ القرار؟
ولنأخذ مثالاً عملياً حتى لا نلقي القول على عواهنه. فتغذية ماكينات الصراف الآلي. مسؤولية موظف وسيط في البنك.ولا تكلفه في حالة وجود الأوراق النقدية عناءً يذكر.
ولكن خطل القرارات من الطاقم الاقتصادي ولجان رئاسة الجمهورية. جعل من أزمة النقد وجهاً من وجوه المشكلة. فأصبحت الصرافات خاوية على عروشها. وبدلاً من اعتراف البنك المركزي بالأزمة. لم يكتف بإلقاء اللوم على البنوك. لكن جعلها مناسبة لإمكانية نزع الأمر منها ، بالتهديد بالإشراف على الصرافات بنفسه في حالة عجزها عن تغذيتها!!وهكذا يصادر القرار إلى أعلى!! ولكن لأن الأزمة في الأساس ناجمة عن فقدان ثقة العملاء في البنوك وليست من البنوك نفسها ، لم يكن للبنك المركزي حل حقيقي للأزمة. فماذا فعل ؟ ببساطة ، طلب من البنوك قوائم الذين يصرفون بالبطاقات ( وكان الشهر في خواتيمه) من موظفين ومعاشيين وغيرهم . وجملة المبالغ التي يصرفونها. واكتفى بتغذية البنوك بالمبلغ المطلوب فقط مع التهديدات سالفة الذكر بالغرامة وتولي الأمر بنفسه. فتوفر الكاش في الصرافات وقل عبر الشيكات!!.كل ما سبق ، يجعلنا نقول بثقة و بلا تجن على رئيس الوزراء ، أنه لن يفلح.
معمر حسن محمد نور <[email protected]>
|
خدمات المحتوى
|
معمر حسن محمد نور
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|