الكنداكة اماني ريناس قاهرة روما
12-22-2018 08:55 PM
كدكي أماني ريناس
في مدونته " اثيوبيكيا" قدم الكلاسيكي هليودورس Heliodoruse تقريراً حول مسألة حصار الملكة الكوشية " أماني ريناس" لمدينة اسوان ووصف طبيعة تسليح كتائبها، وهو ربما قد سمع عن تكتيكات المرويين العسكرية.. لدينا مخربشات متتحدث عن دبلوماسيوا كنداكة مروي المبعوثين الى روما من أجل التفاوض مع لامبراطور اغسطس رأساً (شيني: مروي ، 2017 ، ص 16). ويبدو ان صراع أخر وقع ايضاً بعد زمن طويل. تقدم بردية محفوظة في ميلانو تم توريخها من شكل كتابتها الى فترة 90 ـ 64 ميادية أخباراً عن معركة دار رحاها في الصحراء مبين الرومان والكوشيين (شيني: مروي ، 2017 ، ص 29)
وفق رواية كل من استرابو، في كتابه (الجغرافيا 17 ، 1 ، 54) وديو كاسيوس في (54 ، 5 ) وبليني في (التاريخ الطبيعي 6 ، 35 ) فان الحاكم الروماني كورنويلوس في اسوان شكل ثلاثة كتائب بتعداد بلغ 1565 جندياً من أجل تأمين حدود المستعمرة الرومانية في مصر مع مملكة كوش. في ذلك الوقت كانت العلاقات تشهد توتراً بين كوش والرومان. استمر الوضع قائماً هكذا الى ان قام الحاكم الروماني الجديد بانفاذ حملة لاحتلال اليمن، نتيجة لفشلهـ في اليمن قامت السلطات الرومانية بعز ايليوس جاللوس من ممنصبه وتعيين بترونيس مكانه. شهدت أزمان بترونيوس صراعاً عسكرياً مع مملكة مروي الكوشية ربما لاسباب تتعلق بالحدود او اسباب أخرى. سامية
من أبرز المؤرخين الذين تناولوا الحرب الرومانية الكوشية سترابو ومع ان اهتماماته الجغرافية جعلته لا يعير الأحداث التاريخية اهتماماً كبيراً، بخاصة ما يتعلق بالتاريخ البعيد. وصل سترابو إلى حدود السودان القديم في عام 24 أو 25 ق.م.، واستخدم لوصف السودان أعمال كتاب آخرين، بخاصة عمل ارتيميدور، وإلى حد ما عمل أجثارخيد. احتوى مؤلفه الجغرافيا على معلومات معتبرة ويبدو أنه كان من المشاركين في حملة بيتروني.
اضافة للمصادر الرومانية فان العثور على تمثال نصفي من البرونز يمثل رأس الامبراطور الروماني أغسطس أكد واقعة الحرب الكوشية الرومانية على تخوم مروي الشمالية وواقعة الاجتياح الكوشي السريع للمستعمرات الرومانية في اسوان وجزيرة فيلة والفنتين منذ بداية الحرب. عثر العلماء على هذا الرأس البرونزي الى الشمال قليلا من المدينة الملكية داخل العاصمة مروي اسفل درج معبد ابيس مطمورا في الرمل بشكل مقصود..!! مودعا بـ (هيكل ايبيس) وقد وضعت الكنداكة هذا الرأس البرونزي تحت عتبة المعبد يقع على بعد ميل ونصف الميل جنوب المدينة الملكية في مروي بالقرب من موقع الحماداب الاثري. و في عام ١٩١١م اكتشف الاثاري جون قارستانك (John Garstang) هذا المعبد الذي كان يستخدم كمزار حيث ضعت الملكة الرأس البرونزي تحت درجه لتدوس عليه دخولاً وخروجاً امام سفراء العالم الكلاسيكي القديم.. الا ان توريخ البردية يوحي ان ثمة صراع أخر ربما وقع في وقت لاحق مع قوات رومانية اخرى تعود الى عصر الامبراطور نيرون
يبدو جلياً ان المعبد كرس لتخليد ذكرى انتصار الكنداكة على الامبراطورية الرومانية في مستعمرتها الجنوبية في اسوان. هذا الصرح الذي نالت الان منه عوامل الزمن كان مكوناً من حجرتين، احداهما تبدو انها انه أضيفت في وقت لاحق الى الحجرة الاصلية الأولى. وقد جرى تغطية حوائط المعبد بطبقة من الجص الابيض " جبس" بزخارف ذات طراز محلي بألوان جميلة زاهية. المناظر على الجدارية تصور ملك وملكة مع عدد من كبار المملكة وحلفائهم أضافة للأسرى الاجانب(عمر الصادق : مروي . 19 ، 20). اظهرت المناظر الملكة (غالباً الكنداكه أماني ريناس) تضع قدميها على مجموعه من الأسرى المربطين بالقيود. وقد عثر العلماء على الحائط جمجمه لربما تعود لإحدى الأسرى. للأسف وبسبب عوامل الجو فقد المزار كل هذا الجداريات ومسحت تماماً.
. وفي نفس المعبد عثر العلماء على لوحين باللغة المروية الغامضة. احد اللوحين يظهر أسم اماني ريناس مقترناً بأسم اكينداد عمر الصادق : مروي . 23)
في معبد الشمس يظهر منظر ربما قد يكون له علاقة بالحرب الرومانية الكوشية، موكب نصر التي تخربت كثيراً تظهر جنوداً مرويين يقودون أسرى وفي الجدارية الشمالية يظهر ملكاً يواجه صفاً طويلاً من النساء الراقصات وماشية مع عربة تجرها أربعة خيول. ولكن يظهر الجدار الغربي مناظر تمثل أسرى مقيدين تحت أقدام الملك، واحد من أولئك الاسرىيعتمر على رأسه خوذة غريبة يعتقد بعض العلماء انها اغريقية الطابع ..؟؟ (شيني: مروي. 52. ترجمة احمد المعتصم 2017م) هل يمكن لهذا المشهد ان يكون ذو علاقة بالصراع الروماني الكوشي طالما ان نقوش الممر المحيط بغرفة قدسالاقداس تظهر شخصية ملكية مع ثلاثة خراطيش بها اسم الأمير أكينداد. وبالمقارنة مع نقوش الجدران في موقع النقعة الاثري توحي بانه كان هنالك منظر لملك غير معروف الأسم يتبعه الأمير أينداد. هذه القطعة الجزئية من النقش تختلف في الاسلوب من الزخارف على المنصة ولربما تكون اضافة متأخرة او جزء من عملية اعادة بناء (شيني : شكل 22) . (شيني: مروي 2017م ترجمة احمد المعتصم)
يعتقد قريفث (1917 : 161) ان تلك الملكة القوية الشكيمة والتي قادت صراعها ضد الرومان هي الكنداكة اماني ريناس 40- 10 ق.م. يوافقه في هذا الرأي كل من ماكادم (1966 ،56) وهينتزا ( 1959 ، 25) الا ان دنهام يعتقد ان تلك الكنداكة لم تكن سوى الملكة الذائعة الصيت اماني شاخيتو.. لا يستبعد شيني ان تكون الكنداكة اماني شاخيتو معاصرة لأزمان ماني ريناس وابنها اكينداد، بدليل العثور على اسمها مقرونا مع اسم اكينداد في النقش المروي الهيروغلافي بالمعبد " ت " بالكوة داخل قوالب الحجر في ما يدعى بـ (النقش مروي 28) . (ماكادم : معابد الكوة 1949 ، 117 ، هامش 106 صورة 35 ) و (مكادم : 1955 ،23 ) و (فينغ : 1978 : 72)
الصعوبة في لوح الحماداب تتلخص في ذكر حرب ضد من اسماهم " ارامي" وقد اعتبر قريفث ان المشار اليه هي روما باتفاق مع هينتزاخاصة مع وجود ادلة على نشاطات اكينداد وامه ريناس في الدكة عند الحدود الشمالية (ف. لـ . قريفث: مجلة الاثار المصرية، العدد الرابع 1971،167)
"أماني رينا "مشهودة من أربعة نقوش، حيث سميت بـ "كنداكة" و "كورى". "كنداكة" كان لقباً للملكة في مروى وغالباً ما يعني "الزوجة الملكية الأولى". هذا اللقب المروي هو أصل الاسم الأوربي الأنثوي Candace. ودون دراية بأنه لقب، اعتقد الكتاب الرومان أن "كنداكة" اسم للعديد من ملكات مروى.(اسامة عبدج الرحمن : ملوك السودان . مجلة اركماني).
الهرم 21 بالجبانة الشمالية، مروى - البجراوية كان مدفناً للملكة العظيمة التى لم يحتفظ باسمها. يعتقد العديد من العلماء بأن هذا الهرم كان مدفناً للملكة أماني ريناس وأن السيدة الجالسة، المنقوشة على جدران المصلى، هي أماني ريناس. الشكل الأفضل الباقي للملكة يصعب التقاط صورة فوتوغرافية له بسبب كتلة السقف، التى لازالت موجودة فوق الشكل وتلقي بظلها عليه. في هذا المنظر المعروض، أزيل الظل عن طريق اللجوء للكومبيوتر، مما يجعل الشكل مرئياً. .(اسامة عبدج الرحمن : ملوك السودان . مجلة اركماني).من جهة فان رايزنر يعتقد مذكراته أشار رايزنر الى ان تلك الملكة التي كانت تجلس على عروش مروي هي صاحبة الهرم (بركل رقم 14) دون ان يسميها. (سامية بشير: مملكة كوش)
يبدو أن القادة الرومان رأوا الملكة فعلياً، ذلك أن الجغرافي الإغريقي سترابو كتب أن الملكة "كانت مسترجلة للغاية وبإحدى العينين عمياء". هذا الوصف يتوافق من حيث الاسترجال والقوة البدنية تماماً مع مناظر ملكات مروى العظيمات والتي يمكننا مشاهدتها على جدران مقابرهن ومعابدهن (اسامة عبد الرحمن النور : مقالة ملوك السودان)
واحد من المواقع الشديدة الأهمية التي كذلك ارتبطت بذكرى الكنداكة اماني ريناس هو موقع مدينة ود بانقا القديمة جنوب العاصمة مروي على بعد اربعين ميلاً . قام هوسكنز بزيارة الموقع في ود بانقا في 1833م مرافقاً برسام متخصص يع(شيني: مروي ، 2017 ، ص 18) عرف الموقع أساساً كميناء شديد الاهمية باطلالته على ولايات وطرق تجارة مروي الجنوبية. اهمية الموقع ايضا كميناء ييمكن استنتاجها بقربها الوثيق بمدن النقعة والمصورات اعلاها مباشرة في البطانة المروية. يمكن تصور ود بانقا باعتبارها موقع اقامة ملكية ثان بعد مروي . رغم ان الموقع تعرض لدمار شديد على مر العصور الا ان حفريات فيركوتية وحسن ثابت في موقع المدينة الغربي كشفت عن أشياء مثيرة (ادمز: رواق افريقيا ، 301).
اهم المكتشفات القصر الملكي في ود بانقا والذي دل حجم اساساته المتبقية على انه هو وقصور العاصمة مروي الاكبر حجماً من بين كل قصور الحقبة المروية، مما يقود الى استنتاج موداهـ انه كان مقراً الرئيسي الثاني للعائلة المالكة في مروي. هذا الصرح مشيد بالطوب المحروق مع واجهات ابواب حجرية وقد احتوت الاعمدة المخروطية على مناظر زخرفة بطريقة رائعة لزهر الاكسوس اليونانية. كالعادة طلى المعماريون المرويين الجدران بطبقة الجص الابيض. عمر الصادق : مروي . 59 ، صورة ص 60) بلغت مساحة قصر ود بانقا مائتي قدماً. وحسب فيركوتية فان المبني مكون من طابقين على الاقل الطابق الادنى ظل محافظاً عله ، اما الوضع المستطال الضيق للحجرات فانه دل على انها كانت مغطاة بعرش معقود بالطوب الاحمر وهي عنصر معماري معروف في المدن المروية الكوشية (ادمز: رواق افريقيا ، 301 ، صورة رقم 54).
يعتقد كثير من العلماء ان نقش الحماداب الذي نشره قريفث ( قريفث 1917 ،159 ،173) تبع الامير اكينداد ابن الكنداكة اماني ريناس وزوجها تريتقاس هو بمثابة لوح نصر اعد خصيصاً للتحدث عن الحرب الكوشية الرومانية. يخلد النقش ذكرى انتصار الكوشيين عندما تمكنوا في المرحلة الاولى من الحرب اجتياح اقليم اسوان وصولاً الى الفنتين وجزيرة فيلة وربما مدينة اسوان نفسها. في ذلك الهجوم اجتاحت القوات الكوشية الفيالق الرومانية واستولت على الغنائم والاسري.
حاول قريفث تقديم تفسير لمحتوى لوح الحماداب. محتويات نقش الحماداب المشار اليه تبدأ بالبرتوكولات المعهودة : (الكنداكة اماني ريناس، أم الملك ،الوصية على العرش) بينما من المحتمل ان يكون بروتوكول اكينداد كالاتي : ( اكينداد، البكر المتوج، بكر كوري. حاكم كوش الرومانية ). (قريفث 1917 : 164 ، 165) يتفق ميلت (1969 ، 21) مع قريفث حول توريخ كتابة النقش بالقول انه سجل مباشرة بعد معركة اسوان الاولى والتي حالف النصر فيها اكينداد وامه ريناس ويقابل هذا النقش الذي عثر عليه قارستانغ في الحماداب ـ على بعد ثلاث كم شمال العاصمة مروي ـ نقش أخر يعرف بـ (النقش المروي ) وجد محفوراً على بوابة معبد الدكة. احتوى نقش الدكة المروي على الاسماء الملكية الثلاثة (أماني ريناس ، الملك تريتقاس وابنهما الامير اكينداد) سامية بشير دفع الله : مملكة كوش ، 250) مما يؤكد ان أماني ريناس هي الكنداكة المعنية بالحرب الرومانية الكوشية.
ان اسم اماني ريناس مع اكينداد وجد بالكوة في دكا ومروي معاً بينما وجد اسم تريتقاس يظهر مقتترنا مع اسم أماني ريناس في الدكة . ولكن اسم تريتقاس تم العثور عليه ايضاً في مروي في معبد ايزيس في مسلة أعلى المبنى يقع هيكل ايزيس خارج نطاق المدينة الملكية جنوب قرية الدرقاب الحاليةويبدو ان المبنى قد اعيد استخدامه كنيسة فيما بعد بدليل وجود طبقة اقدم من الباء . احتوى المبنى لاعلى على قاعتين لهما اعمدة تقود الى مزار حيث يقف المذبح على أرضية من القرميد والخزف. وقد عثر العلماء على اثنين من أشكال ايزيس هما الذين منحا الهيكل أسمه. وهنالك وجدت مسلة تبع تريتقاس الذي لم يعرف عنه قبل هذا سوى ظهوره في النقش الكتابي في الدكة مع ريناس واكينداد..!! شيني: مروي 2017م ص 72. ترجمة احمد المعتصم
، يقترح بروف شيني ان اسماء هولاء الشخصيات ربما تقدم بينة انهم حكموا من نبتة وان اسماء ثلاث منهم وجدت بمروي. تأريخ هولاء الحكام يعتمد بصورة كبيرة على على النقش الكتابي الكبير المنسوب لاكينداد في العاصمة مروي والذي يعده بعض العلماء وثيقة نصر لحملة ضد روما في اسوان عام 23 ق.م . الا انه ان كان تقرير دنهام صحيحاً حول لوح اكينداد فان هذا ينفي صحة تفسير لوحه باعتباره لوح نصر مكرس لانتصار على روما (شيني: مروي 2017م ص 72. ترجمة احمد المعتصم)
مع هذا النقش يوجد نقش أخر بنفس المعبد في الدكة يطلق العلماء عليه مسمى (النقش المروي رقم 93) احتوى فقط على أسم الامير اكينداد، يظهر اسمائه والقابه.. من المحتمل ان المرويين " الكوشيون" سجلوا هذين النقشين اثناء اجتياحهم جنوبي مصر وصولاً الى اسوان أبان انتصارهم الاول. ويبدو كذلك ان العائلة المالكة اثناء عودتها من الجبهة الشمالية مرت بمدينة االكوة حيث تركت هنالك نقشاً أخر يحتوي فقط على اسم الكنداكة اماني ريناس مع اسم ابنها اكينداد دون ان يظهر أسم تريتقاس (المصدر نفسه اعلاه سامية) ومن الغريب الا يظهر اسم تريتقاس زوج الكنداكة في كل من نقوش معابد الكوة ومدينة الحماداب معاً ..!! مما قد يشير الى تساؤل حول وضعية تريتقاس الملكية وعما ان كان من المحتمل انه عد ملكاً فقط لزواجه من الكنداكة اماني ريناس وليس بالوراثة.لكن قريفث (1917 ،161) يعتقد ان تريتقاس ربما توفى اما في الدكة أو في الطريق الى الكوة (سامية بشير: كوش ، 250) .
وقائع الصراع.
أسباب الصدام بين الامبراطورية الرومانية والامبراطورية الكوشية المروية غامضة الى حد ما. طيلة عصر البطالمة اليونانيين كانت حدود مملكة كوش مثبته في مدينة الدكا. يظهر هذا ومع ان علماء الاثار لم يعثروا على اثار مروية هنالك سوى القليل من الجبانات واماكن الاستيطان حوالى القرن لاول الميلادي فان الاقليم الفاصل الذي عرف باقليم الدوديكسيخنون ظل في يد البطالمة ثم الرومان و حيث لا يوجد أثر لتواجد مروي شمال جبل الغاربة جنوب المحرقة مباشرة. ان المقصورة التي شيدها اركمان بالتعاون مع صديقه بطليموس الرابع في الدكة يمكن عدها أخر الصروح المروية شمالاً. اقترحكل من كيراوان وامري ان المستوطنة التي ترتبط بها الجبانة (N.150)هي المدينة الحدودية الحقيقيةحيث لم يوجد بعدها شمالاً على شيء يماثل المدن المروية.
العلاقات الطيبة بين الكوشيين والبطالمة والذين اتبعوا سياسات ودية مع الكوشيين يؤكدها شهادة ديودوروس والذي طالما تحدث عن السفراء المرويين الذين التقاهم في بلاط بطليموس الحادي عشر الذين أمدوه بالكثير من المعلومات حول بلادهم. تظهر اللعديد من السلع في مروي استيراداً كثيفاً من مصر اليونانية كما ان المؤثرات اليونانية انتقلت الى مروي كمثال ان معبد الشمس رغم سماته المروية المميزة الا انه يظهر تأثيرات يونانية قوية في مظهره الخارجي
يبدو ان العللاقات الكوشية اليونانية تدهورت عندما قدم المرويين الدعمللثورة الوطنية في طيبة ضد البطالمة اليونانيين. ومن المحتمل ان اليونانيين قاوموا محاولات المرويين احتالا اقليم النوبة السفلى.(السمحوني: نبتة ومرويفي بلاد كوش 1970)
وفق السياسة الشرقية للامبراطور اغسطس حول تأمين الحدود فان الحاكم الروماني للمستعمرة الرومانية في اسوان كوتوليوي فاليوس سارع بالتوجه بقوة كبيرة جنوباً لتأكيد السلطة في المحرقة " هيراسيكمانوس" على تخوم كوش دون ان يبدأ بالتفاوض مع سلطات مروي.، ولربما أثار هذا التصرف الاحادي قلق الكوشيين . على أية حال فان المرويين أرسلوا بعثة قابلت كونوليوس في جزيرة فيلة. بداية فان كورنوليوس أكد على الحقوق الرومانية. وفي النهاية تمكن بشكل مخادع بالتلاعب اللفظي من وضع اتفاقية تضع الحدود وربما الشمال المروي في اقليم أكين ـ ما سمى لاحقاً بالنوبة السفلى ـ تحت طائلة قوانين الحماية الرومانية. ويبدو جلياً ان المبعوثين المرويين لم يكونوا ملمين بما يعنيه مصطلح الحماية ..!!
دون ان يدروا بنتائج هذه الاتفاقية فان بنودها حطت من حقهم كشركاء في الحدود الى مرتبة دافعي الجزية في الاقليم..!! وما يؤكد هذا فعليا هو ان الوضعية التي فرضتها الادارة الرومانية على اقليم الحدود المشترك عقب اتفاقية جزيرة فيلة أدت في قيام الرومان بادارة اقليم الدوديكاسيخون المشترك باعتباره جزءاً من المحافظة الرومانية في اسوان. هذه الوضعية فرضت فيما بعد الكثير من التذمر لدى المرويين، الا ان هذا التذمر ظل مكبوتا في ظل وجود حاميات رومانية قوية في اسوان. ( ادمز : النوبة رواق افريقيا ، 315)
في نوفمبر سنة 25 قبل الميلاد طرأ تحول كبير في ميزان القوة العسكرية عندما قرر الحاكم الروماني لاقليم اسوان القيام بمغامرة بحرية لغزو اليمن للاستحواذ على ثرواتها. سحب الحاكم دفعة واحدة عشرة الاف جندي روماني من حامية اسوان في حملته والتي منيت بالخسران . غياب هذا العدد الكبير من الجنود الرومان أضعف الموقف العسكري لحامية اسوان وقوات حرس الحدود.. على الفور مررت استخبارات الكنداكة المعلومة الى السلطة المروية والتي ظلت تكظم غيظها من السياسات الرومانية انتظاراً لسانحة تصفي فيها حساباتها مع الجار الجديد. ادمز : النوبة رواق افريقيا ، 316)
بناء على هذه المعلومة تقدمت الكنداكة نحو اسوان في مواجهة الكتائب الرومانية الثلاث. الهجوم الكوشي الكاسح ضم ثلاثين الف جندي يبدو انه انطلق من مدينة قصر ابريم ـ حسب استنتاج ادمز (رواق افريقيا ،315) بان قصر ابريم ربما كانت المقر الاداري وعاصمة الولاية الشماليىة لمروي. خلاللا فترة محدودة تمكن الكوشيبون من اجتياح مدينة الفنتين واقتحام جزيرة فيلة. لكن وفق سترابو فإن دكة كانت مؤقتاً مقر قيادة المرويين قبيل شنهم هجومهم على فيلة، والفنتين، وسينى. أن نقوش الملوك المرويين الوحيدة في النوبة السفلى التى يمكن أن يرجع تاريخها لهذه الفترة هي الخاصة بـ تريتيكاس، الخاصة بأمانى رينا أكينيداد في دكة. (فرتز هينتزا: كرونولوجية مملكة مروي. مجلة اركماني )
أين كانت العائلة المالكة أثناء تلك الاحداث العاصفة ..؟؟ حسب هينتزا في مقالته (كرونولوجي مروي) ان المقر الملكي تحول من مروي الى نبتة : (انه من المحتمل ووفق المستجدات على الحدود الشمالية في ضوء الأحداث التى قدمت للتو خطوطها العامة، يمكن للمرء افتراض انه في النصف الثاني للقرن الثاني السابق للميلاد حول المقر الملكي والجبانة الملكية مجدداً من مروى إلى نبتة بهدف دعم سياسة شمالية فاعلة، (فرتز هينتزا: كرونولوجية مملكة مروي. مجلة اركماني ) إذا صح تفسيري للنقش الإغريقي في دكة LD VI gr. 407 (هنتزا، 1959: 26)، لا بدَّ وان ملكة حكمت في مروى (أو نبتة ؟) في سنة 23 ق.م. هذه المسألة ترتبط ارتباطا وثيقاً بإشكالية "الأسرة المتطابقة الثانية " لنبتة((فرتز هينتزا: كرونولوجية مملكة مروي. مجلة اركماني )
تحويل العاصمة إلى نبتة أورد عند سترابو بوضوح (".. ودمر نبتة؛ لكن هنا كان مقر الكنداكة وكان ابنها هناك أيضاً") بحلول عصر بترونيوس كانت نبتة فعلياً المقر الملكي. لكن طالما ظل من الصعب استمرار سياسة آمنة في الشمال بدون دعم من كهنة امون في جبل البركل والذين كان نفوذهم في الأطراف الشمالية للقطر أشد قوة، فإن تحويل الجبانة الملكية إلى المنطقة المحيطة بمعبد امون شكلت دعماً لهذه السياسة باعتبار ذلك إشارة حسن نية. حقيقة، وصل الرومان إلى نبتة خلال مسار الحرب، لكن ذلك لم يكسر بحال قوة المرويين في النوبة السفلى.. استقبل أغسطس المفاوضين المرويين في ساموس، وأفضت اتفاقية السلام المبرمة بعد ذلك إلى شروط ملائمة للغاية بالنسبة للمرويين، وثبتت الحدود في هيراسيكمينوس (المحرقة).
تحت ظل النصر السريع المباغت وطالما ان ملوك مروي لا يزالون يعتمرون تيجان الاسلاف ذات الكوبرا المزدوجة رمزا لسيادتهم على الارضين مصر وكوش معاً بدأ وكأن التاريخ يعيد امجاد بيعانخي وترهاقا، وان المد الكوشي ربما يمكن ان يعيد مصر كلها من جديد. الا ان لم يدم طويلاً اذ تمكن الحاكم الروماني لاقليم اسوان بترونيس والذي حل محل غاليوس من تجميع قواهـ بسرعة فائقة ومن قاد كتائب مكونة من اكثر من احدى عشر الف جندي. وقع الصدام الوشيك منتهياً بصد هجوم قوات الكنداكة واجبارها على التقهقر جنوباً نحو قواعدها.
انسحبت قوات الكنداكة الى مدينة الدكة (بسلشيس) عندها وصل سفراء بترونيوس للتحقق حول اسباب الهجوم. الرد كان يتعلق بالاضرار التي لحقت بالكوشيين في الحدود. وبعد ثلاثة ايام شن بترونيوس هجوماً كاسحاً على مدينة الدكة براً وبحراً حيث دارت معركة عنيفة كان النصر فيها حليف بترونيس واضطرت القوات الكوشية بقيادة الكنداكة حسب شهادات استرابو للانسحاب جنوباً. لم يتوقف بترونيس عند الدكة بل واصل هجومه وصولاً الى مدينة قصر أبريم، وحسب روايات كل من استرابو وبليني فان الكتائب الرومانية تمكنت من اجتياح مدينة قصر أبريم (ابرمك) حسب المؤرخ الروماني بليني في كتابه (التاريخ الطبيعي 6 ، 35) ويصف بليني ( في زمن جلالة اغسطس استولي بترونيس على المدن العربية ـ هكذا في النص ـ والتي سوف نعطي قائمة بها والتي وجدناها هنالك هي بسيليس بوكوكشيس وسوق قمبيز ، اتينيا ، ستانديسس حيث يوجد شلال يصم الاذان، ثم اجتاح ايضاً مدينة نبتة وأبعد نقطة وصلها وهي 870 ميلاً من اسوان) انتهي كلام بليني (شيني : مروي . 2017م . ص 29. ترجمة احمد المعتصم).
بينما تضارت اراء المؤرخين الكلاسيكيين حول تقدم الرومان أبعد نحو العاصمة نبتة نفسها قبل ان يعود الى قصر ابريم حيث قام بتحصينها ووضع بها حامية رومانية مكونة من 400 جندي (ادمز : النوبة رواق افريقيا ، 315 ، 317)
تشير المصادر الى حملة رومانية أخرى اتجهت جنوباً لمواجهة جيوش الكنداكة حيث علم الرومان بتقدمها. قام الرومان بتحصين المدينة وعندما انتهى من اعماله وصلت سفارة كوشية الى المدينة. اخبرهم بترونيس انه ليس سوى حاكم على اقليم اسوان وان أي تفاهمات ينبغي ان تكون مع الامبراطور الروماني نفسه. قام الكوشيون بارسال سفراء الى روما بمرافقة مبعوثين بلميين. اخيراً قابل الامبراطور الدبلوماسيين الكوشيون حيث جرى عقد هدنة بين الطرفين في جزيرة ساموس سامية
يتفق الكتاب ان هجوم الكنداكة الثاني كان بعد عامين من هجومها الاول سجل المؤرخ الكلاسيكي استرابو ان قوات الكنداكة قادها جنرال، بينما كانت هي متواجدة في الخطوط الخلفية في مكان ليس بعيد عن العاصمة نبتة (سترابو: الجغرافيا 17 ، 1) بينما كتب ديو كاسيوس (54 ،5 ، 4 ، 6) ان الكنداكة نفسها قادت الهجوم ((ايدي واخرون: 1998 ،883) رواية كاسيوس) الا ان قوات الكنداكة تلقت هزيمة ثانية من جديد . لفترة ساد الهدوء وجرى تبادل المبعوثين. أخبر بترونيوس سفراء الكنداكة انه لا يملك حق التفاض باعتباره مجرد حاكم على اسوان وانه من الافضل ارسال سفارة مروية لروما نفسها حيث يمكن التفاوض مع الامبراطور الروماني، الا ان الامبراطور كان انذاك في جزيرة ساموس وهنالك قابل دبلوماسيوا مروي.
مهما يكن فان الطرفين تمكنا من عقد اتفاقية جديدة قدم فيها الامبراطور تنازلات جيدة أرضت مبعوثي الكنداكة. بنود الهدنة التي جرى توقيعها بحضور الامبراطور اغسطس تضمنت اعادة مدينة قصر ابريم للسيادة الكوشية والتوقف عن تدخل الرومان ضد المملكة الكوشية.(سامية دفع الله : مملكة كوش 245 ، 251) أخيراً باعادة سيطرة مروي على مدينة قصر ابريم فان القوات الرومانية تمركزت في مواجهتها في في اقليم الاثنى عشر فرسخاً واعادت انتشارها في اسوان ، تافا ، كلابشة ،كورتا ، المحرقة (ليسكيه 1918 ، 469 في سامية بشير 251) سامية
عود على بدء لموضوع الحرب الكوشية الرومانية. بالرغم من المرويين خسروا الحرب الا ان انتصارهم الحقيقي كان أكبر فقد تمكنوا من استرجاع الوضع الحقيقي في اقليم الحدود والتأكد من سيطرتهم على ولياتهم الشمالية وتأنين عاصمة الاقليم ومدنه في ابريم وفرس وغيرها، كما انهم احبطوا أي مساعي رومانية للتقدم جنوباً . الا ان الكسب الكبير الغير متوقع كان في ازدهار الاقليم الشمالي لمروي اقليم اكين (النوبة السفلى) بشكل غير مسبوق نتيجة للسلم الروماني الذي ظل قائماً . نشطت حركة استيطان المرويين وازدهر التبادل التجاري والثقافي وشهدت ولاية كوش الشمالية تطوراً وازدهاراً غير عاديين.
ومن جانب فان ازدهار المستوطنات الرومانية المتقابلة شكل هو الاخر استقراراً وازدهاراً بما عليه الرومان من قوة واقتداراً. يشير دليلسفر انطونين في القرن الثاني الى اكثر من عشرة مدن رومانية كبرى انتشرت بين بينم ساين " اسوان" وهيراسايكامنوس احتوت على معابد رومانية وحامية كبيرة اسهمت صد هجمات البدو ضد تجارات مروي بتوفير الامن وبالتالي ازدهار التبادل التجاري مع مروي على نحو غير مسبوق . ولعل معابد كلابشة واجوالا التي كانت رمزاً للوضع السياسي والثقافي لمجتمع الدويكاسخيون قد كرسها الامبراطور اغسطس لمعبود النوبة مندوليس الموقر جداً عند بدو الصحراء.
تمت ادارة اقليم الدويكاسيخون وفق التفاهمات الرومانية الكوشية على نحو ودي بالاشتراك معاً. بينما سيطر الرومان علىالطرق والامور العسكرية فان الادارة الكوشية المروية سيطرت على الشئون الدينية والمالية . تحكم ممثلي مروي في الامور تحت لقب وكلاء ايزيس. ازدهار التجارة الادارة المرنة المشتركة للاقليم وتوافر الحماية بسرعة قاد الى ازدهار اقليم النوبة السفلي وبالتالي تطوره وفق انساق ثقافية مزدوجة.(ادمز : النوبة رواق افريقيا318 ـ 326).
دعم وتسهيل هذه السياسة الشمالية الفاعلة كان من الضروري، بالطبع، تقوية الأطراف الشمالية للمملكة والتى كانت قد عانت من الإهمال على مدى أزمان.. انه في تلك الفترة أقيمت الجبانات المروية الضخمة في النوبة السفلى، حيث دفن كبار المسئولين المبعوثين من مروى لإدارة الإقليم. وفي تلك الفترة ظهرت فجأة المصنوعات الفخارية المروية المجهزة على عجلة الفخاري في النوبة السفلى. نال الأمير أكينيداد لقب "بيشتى" والذى كان يعنى إلى حد ما "نائب الملك" أو "الحاكم".(هينتزا: كرونولوجية مروي . مجلة اركماني).
بسرعة تطورت المحافظة الشمالية لمروي في اقليم النوبة السفلى لتصبح من أهم المحافظات في مملكة مروي . بل ربما نافست محافظات مروي الجنوبية في حجم السكان والنمو الحضري وربما صارت أكثر ثراء وغنى عن المحافظات المروية الاخرى. الثراء والرخاء العاليين للاقليم مع حلول السلام الروماني مثبت بكل مستوطناته وقراهـ وجباناته بواسطة المنشئات المدنية وسلع التجارة بعيدة المدى التي تركت مخلفاتها في السجل الاثاري بوفرة متعاظمة، شملت السلع تنوعات هائلة في الاواني الزجاجية والخزف والنبيذ المستورد والمعدات الحديدية والمنتجات الافريقية مع منتجات عوالم البحر المتوسط بما شكل الازدهار التاريخي للاقليم. سرعان ما تطورت بقوة مدن الشمال المزدهرة في جبل عدا وقصر ابريم وفرس وغيرها.
هكذا من الممكن القول ان الصراع الروماني الكوشي مع تمظهره بداية في صراع عسكري الا انه حقق نتائج غير متوقعة امتدت اثارها مئات الاعوام عندما افرزت ازدهاراً كبيرا لمملكة مروي واوصلتها بالعوالم الخارجية بشكل كبير مما يمكن ان يفسر عهود الثراء والرخاء التي تمتعت بها مروي التي شهدتها عهود خلفاء الكنداكة اماني ريناس.. ان فورة بناء الصروح الضخمة ونمو المراكز الحضرية في محور مروي الجنوبي في البطانة ازمان ناتكماني والكنداكة اماني تيري لهو بحق التعبير الامثل عن الفوائد التي جنتها مروي بحلول السلم الروماني في ولايتها الشمالية.
حاشية.
ــــــــــــــــــــــ
ومع ظهور اكينداد مع والدته الملكية في عديد النقوش فان أسمه كما يبدو فيما بعد، ظهر ايضاً مع اماني شاخيتي عندما استلمت زمام العرش بعد وفاة سلفها اماني ريناس. ففي لوح تم العثور عليه في أرضية احدى الكنائس في مدينة قصر أبريم في هذا اللوح يحمل اكينداد ليس لقب ملك " كور" بل لقب " بكر" الاقل منه والذي يمكن تفسيره ايضا كولي عهد..؟؟ بينما ظهر أسم اماني شاختي مسبوقاً باللقب الملكي " كد ـ كي " مع لقب ملكي اخر هو "كور" ..!! (بلملي 1971 ، 19 ، صورة8)
ان ظهور اسم اكينداد كأمير وبكر وليس ملكاً ، مع ظهور أسم اماني شيختي كملكة أمر محير اذ انه من المنطقي ان يكون اكينداد قد اصبح هو الملك. بعد وفاة أمه الوصية عليه الكنداكة " كد ـ كي" في منظر أخر في ود بانقا تظهر اماني شاختي متوجة أيضا مع ملك متوج (فيركوتييه1962 شكل 12. و Syria 269 ــ 263 39) مع كامل القابها. هذا أيضاً يظهر على قطعة جرانيت تم العثور عليها بمعبد امون داخل العاصمة مروي. ووفق النقوش يبدو ان الكنداكة اماني شاخيتو قد جلست على عرش مروي بعد وفاة اماني ريناس، يؤكد هذا ظهورها مع الامير اكينداد وهو نفس الامير الذي كان يظهر مع اماني ريناس..!! (سامية بشير : كوش).
يعتقد شيني (مروي: 2017. ص 30) ان رأس تمثال اغسطس الذي جرى العثور عليه في ارضية درج المعبد رقم 292في مروي ربما يثير شكوكاً حول اسم الملكة التي قادت معارك اسوان وعما ان كانت تحكم من تبتة. ويقول : مما يزيد الامر تعقيداً العثور في معبد الكوة (المعبد T) بالكوة على نقش يحمل أسم الكناكة شاخيتي مقروناً مع أسم ولي العهد اكينداديؤشر لتعاصر ازمان هذه الكنداكة مع ازمان اكينداد مما قد يقود للقول انها ربما كانت هي من حارب روما ونعرف ايضاً ان اسم شاخيتو عرف من نقش وجد بودبانقا وان مثواها الأبدي (N.6) معروف في حقول اهرامات البجراوية
هنالك بينة أخرى يقدمها نقش مسجل باللغة اليونانية او اللاتينية في مدينة الدكا ومؤرخ بالعام 13 ق.م تركته بعثة مروية قادتها شخصية أسمها هاربوكراسوالنقش مهم في سياق التسلسل التأريخي حيث يتحدث عن ملكة يفترض انها حاكمة وقد يكون المقصود بها الكنداكة اماني شاخيتي ولا يمكن نسبه لوريثتها أماني تيري حيث ان اسم الاخيرة عادة لا يظهر وحيداً كما هو هنا بل يظهر دوماً مقترناً بأسم زوجها ناتاكماني. في حين ان اماني شاخيتي قد توفيت قبل سنة 12 ميلادية ويمكن باطمئنان استخ\ام هذا التوريخ لنهاية حكمها وصعود الثنائي الملكي اماني تيري وزوجها ناتاكماني سدة العرش في مروي.
حسب بروف شيني(مروي 2017. ترجمةاحمد المعتصم) هنالك أراء تفترض ان اماني شاخيتو لم تحكم مباشرة بعد أماني ريناس فحسب الفرضيات التي ناقشت وجود مملكتين منفصلتين في كوش واحدة في مروي والاخرى في نبتة فان رايزنر اقترح سلسلة متوازية من الحكام متعاصرة زمانيا واحدة في الجنوب من مروي والاخري حكمت الشمال الكوشي من العاصمة القديمة نبتة. يتفق هينتزا مع رايزنر في هذا الرأي وما يهمنا في هذه النقطة هي الترتيب الذي يضع حكم أماني شاخيتو ليس مباشرة بعد أماني ريناس بل كالاتي:
تريقاس (60 ـ 44 ق. م
أماني ريناس (26 ـ 18 ق. م)
أكينيداد (18 ـ3 ق. م)
ملكة مجهولة (3 ـ 12 ق م)
نالاك ..؟؟
أماني خبالي...؟؟
أماني شاخيتي.
ثم ملكين غير معروفين . حكما قبل تسنم اماني تاري وزوجها ناتاكماني العرش. ( شيني : مروي . 2017 م 38. ترجمة المعتصم ) يحتاج التسلسل لمراجعة.
قام هينتزا بمحاولة أعادة ترتيب تأريخ الفترة مقترحاً ان مملكة منفصلة عن مروي في نبتا هي التي حاربت الرومان وبالتأكيد فان تقرير وقائع استرابو تفترض ان نبته كانت هي عاصمة الكوشيين الذي حاربوا الرومان. ويعتقد هينتزا ان اكينداد هو أبن لكل من الملك تريتقاس والكنداكة أماني ريناس وولياً للعهد. حسب ارائه يعتقد هينتزا بأن الثلاثة غادروا معاً الى مدينة الدكة الحدودية لادارة الحرب حيث تركوا نقشاً في معبد المدينة به اسمائهم معاً، قبل ان يتوفى تريتقاس بعد فترة قصيرة ليصبح اكينداد قائداً للحملة ( شيني : مروي . 2017 م 28. ترجمة المعتصم )
ماهي اذن علاقة اماني شاخيتو باكينداد وامه اماني ريناس ..؟؟ هنالك اعتقاد بين جمهرة العلماء ان اماني شاخيتو اصبحت زوجة للامير اكينداد والغريب ان اكينداد في كل النقوش يظهر ليس بصفة ملك وانما امير ملكي، أو امير متوج ، او بشتو حسب سامية بشير فان وضعيته هذه يمكن تبريرها اثناء حياة والديه الملكيين ، ولكن استمراره كأمير بعد وفاتهما أمر محير..!! اذ انه من المفترض ان يصبح ملكاً . اذن كيف اصبحت أماني شاخيتو هي الملكة. سامية
الاجابة المحتملة هي ان شاخيتو ليست زوجة اكينداد ولربما كانت الزوجة الثانية لتريتقاس والده ولا سيما انها تحمل اللقب الملكي (كد كي) (توروك ، ايدي واخرون 1996 ،723) وربما حصلت على شرعية العرش عبر وصايتها لوريث شرعي ربما كان احد اولادها القصر . ما يقوي هذا الاحتمال منظر على جدران مقصورة هرمها تظهر وهي تتوج على العرش بواسطة أمير شاب(جابمان ، دنهام 1952، صورة 16 ، أ ، ب . في سامية بشير: 253) حسب اسامة عبد الرحمن النور " ملوك السودان القديم . مجلة اركماني) فانه يقول : كانت أماني شاخيتى ملكة عظيمة اعتلت عرش مروى بعد وفاة أماني ريناس. غالباً ما كانت أختها أو أنها كانت الزوجة الثانية للملك تريتكاس، أو أنها كانت "ابنة" لـ أماني ريناس. سميت أيضاً بـ "كنداكة" مثلها مثل أماني ريناس..
الطيب أحمد محي الدين
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
الطيب أحمد محي الدين
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|