ما بين محطة برلين وأديس أبابا وجوبا بوادر تلوح في الأفق لحل الأزمة السودانية
12-23-2018 06:10 PM
لعل المتابع للراهن السياسي السوداني يجد ان مستجدات قد طرأت على الساحة السياسية من خلال عدة مبادرات لاحت في الأفق ومشاورات تجرى من هنا وهناك أبرزها مبادرة الاتحاد الأوربي في برلين مع حركاتي مناوي وجبريل والاتحاد الافريقي، ومبادرة دولة جنوب السودان الرامية الي توحيد فصائل الحركة الشعبية شمال توطئة للدخول في مفاوضات شاملة، كل هذه المبادرات افضت ببشريات توحى الي قرب انهاء الازمة بين الحكومة والمعارضة التي طالت سنين عددا، ولكن هنالك بوادر امل اصبحت تلوح في الأفق ولم تتضح أي معالم واضحة ويكتنف الغموض تفاصيلها نحاول جاهدين في هذه القراءة فك بعض خيوطها.
تشهد الساحة السياسية السودانية هذه الأيام حراك سياسي متواصل من خلال الاجتماعات المتواصلة والانباء الواردة في الصحف المحلية والعالمية بمبادرة إقليمية ودولية وجنوب سودانية تبدو كمدخل جديد للتعامل مع الازمة السودانية تسلك عدة مسارات بدلا من المسار الواحد وذلك على النحو التالي:
مسار المنطقين (النيل الأزرق، جبال النوبة)
المعلوم للجميع ان الحكومة السودانية تسعى الي تجزئة القضايا والتفاوض واكدت ذلك مراراً في منابر التفاوض بتمسكها بمناقشه قضيتي المنطقتين فقط مع الحركة الشعبية في إطار الوثائق الثلاث (مسودة الاتفاق الاطاري للعام 2014، ومسودة خارطة الطريق للعام 2016، ومسودة اتفاق وقف العدائيات) كأساس للتفاوض وترى ان القضايا القومية مكانها الحوار الوطني وظلت تعمل وفقا لذلك.
اما من جانب الحركة الشعبية شمال بشقيها جناح (عقار، والحلو) فهي ترفض تجزئة القضايا والحلول ويعتقد جناح الحلو بعدم جدوى الوثائق الثلاث التي تمسكت بها الحكومة وتقترح نهجا جديداً للتعاطي مع المشكلة السودانية وهما المحور السياسي والمحور الإنساني ثم الترتيبات الأمنية ووقف إطلاق النار. وتصر الحركة الشعبية جناح عقار على ذلك متمسكين بعدم تجزئة الحلول وان التجزئة مرفوضة وان أي حل يجب ان تخاطب جزور المشكلة.
مبادرة دولة جنوب السودان
قدمت هذه المبادرة من قبل فخامة رئيس جمهورية جنوب السودان الفريق اول سلفاكير ميارديت للإسهام في تحقيق السلام الشامل في السودان شماله وجنوبه والتي أطلقها في أكتوبر الماضي، وتتبلور فكرته على توحيد الحركة الشعبية قطاع الشمال بكل فصائلها ومن ثم الدخول في مفاوضات مع الحكومة السودانية تشمل كل المحاور لو تم الاتفاق على توحيد الحركة مرة أخرى وإذا حدث هذا التوحيد تكون المبادرة قد قطعت شوطا كبيرا نحو بداية العملية التفاوضية.
مسار قضية اقليم دارفور
والتي تم حصرها في حركتي تحرير السودان جناح مناوي وحركة العدل والمساواة جناح جبريل واللقاءات التي تمت في السادس من نوفمبر الحالي في العاصمة الألمانية برلين تبرهن ذلك ولكن ثمة أسئلة تلوح في الأفق هل قبلت حركات دارفور المعارضة بالتجزئة التي تعد اختراق لنداء السودان التي هم لاعبين اساسين فيها؟ ام رضوخ لرغبات النظام الذي يسعى الي تجزئة الحلول كشرط خفي للدخول في مفاوضات.
وفي تصريح صحفي ذي صلة من حركتي مناوي وجبريل صدر الأسبوع الماضي اتضح فيه ان اجتماع تم مع وفد الحكومة بغرض التوصل الي اتفاق قبل التفاوض الذي يهدف الي وضع ضوابط تلزم الأطراف للدخول في العملية التفاوضية بغية للوصول الي سلام شامل ومستدام لمشكلة دارفور، ومن جانب اخر تؤكد الحركة التزامها الكامل بعملية شاملة ذات مصداقية تؤسس وفقا لاتفاق اطاري يخاطب كل القضايا التي تعتبرها هامة واساسية لتحقيق السلام الدائم كما تؤكد حرصها التام وتمسكها الكامل بضرورة شمولية المشاركة في العملية التفاوضية مما اعتبره الكثيرون تناقض، ولكن هل ستكون هذه التصريحات بمثابة تخدير للجسم السياسي ام ستكون المياه مرت من تحت الجسر وهذا سؤال يطرحه الكثيرون من شعب دارفور رغم مطالبتهم بعدم التجزئة.
اما القوي المعارضة والمنضوية تحت نداء السودان يتمسكون بالحل الشامل للقضية وان أي تحرك احادي قد لا يخدم حل المشكلة ويضعف من فرص تحقيق السلام.
فيما يرى البعض ان ما تقوم به الوساطة هو بداية لتفكيك نداء السودان الذي يدعم خيار الحكومة والبعض الاخر يرى انه مسلك جديد لحل الازمة وما بين هذا وذاك تصبح كل هذه المبادرات رهينة بموافقة جميع الاطراف فهل تستطيع الرضوخ والتوقيع على اتفاق يفضي الي حل الازمة وتحقيق السلام الدائم والشامل؟
والان تتجه الأنظار الي جوبا واديس ابابا لتحقيق خطوة ما قبل التفاوض المباشر والتي تبدأ بتحقيق الوحدة أولا بين صفوف الرفاق في الحركة الشعبية شمال والاتفاق على رؤية واحدة الامر يبدو بعيداً بتمسك كل طرف برؤيته الخاصة والأيام كفيلة بكشف ما سيحدث في مقبلات الأيام انتظاراً للحكمة والمعجزة التي قد تحدث وتحقق المطلوب من شعوب الهامش تعددت المبادرات والهدف واحد.
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
حمدان كمبو
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|