صنعاء التعافي!
12-29-2018 09:17 PM
مرتضى الغالي
لا يستقيم الأمر إلا بعودة دولة المواطنة الكاملة التي لا تفرق بين شخص وآخر، وبين جهة وأخرى، ولا بد من سيادة حكم القانون، والمشاركة المتساوية، والقسمة العادلة للثروة.. فكل من يتحدث يقول أن موارد الوطن تكفي جميع أهله، وأنها تغني عن التكفف شرقاً وغرباً.. وإذا كان ذلك هو المبدأ فلا بد من عودة المياه إلى قنواتها الصحيحة، ولا بد من انتهاء الاحتكار والتمكين وهيمنة الرأي الواحد وإهدار ثروة البلاد وموارده على قلة من الناس خارج نطاق القانون ونواميس العدالة الاجتماعية.. هذا هو الطريق الوحيد الذي لا طريق غيره حتى تعود مؤسسات الدولة إلي قوميتها وتنتصب الخدمة المدنية على منصة المهنية التي تعمل لصالح الوطن ولا ترى ميزة لزيد على عبيد، مع ضرورة استقلال القضاء وجعل المال العام موقوفاً من أجل الحق العام والمنفعة العامة، ومحاسبة كل من يتعدى على موارد الدولة وخزينتها.. فهذا الوطن ليس مزرعة خاصة لأي احد من الناس، بل هو وطن الجميع الذي يتوجب أن تكون كرامة ساكنيه هي المعيار الذي تجري عليه كل الحركات والسكنات، والمدار الذي تجري عليه جميع القوانين والتشريعات!
لقد تعاظم شعور المواطنين بان الأمور العامة لا تجري كما ينبغي لها، وان المناخ الغائم السائد، أصبح ستاراً لكل ما يجري من مخالفات وانتهاكات يتخفّى فيه من يتخفّى تحت الحماية غير المشروعة والحصانة غير المُستحقة.. وقد انتهى ذلك إلى فوضي غابت فيها مبادئ الثواب والعقاب، وتكاثرت فيها (القطط السمان) التي تسرق في الضوء و(تموء في الظلام) ثم لا تجد من يكبح جماح شرهها الذي تعدى كل الحدود.. وقد قاد هذا المناخ إلى الاستهزاء بكل ما هو راسخ من أسس تقوم عليها شروط التعاقد بين المواطن والدولة.. وإذا سارت الأمور على هذا المنحي فإن الوطن سيواصل الانحدار إلي قيعان تصعب العودة منها إلى ظهر الأرض مثل الدول الحية الراشدة.. فلا يمكن أن يصمت الناس عن هذا الإنحدار التي يضع الوطن في ذيلية كل قائمة تتضمّن شروط بقاء الدولة آمنة مطمئنة نامية عادلة آخذة بزمام أمرها في تحقيق التنمية والعدالة والشفافية والسلامة العامة والإيفاء بحقوق الدواء والغذاء والمسكن والبيئة والتعليم والصحة والمساواة وتساوي الفرص وحق العمل والمشاركة في السلطة وترسيخ مبدأ المساءلة و(كسر قرون القهر والمحاباة والفساد) إلى آخر هذه الركائز التي تمنع انهيار الدولة وانضمامها إلى (نادي الدول الفاشلة)!
السودان وطن الجميع.. ومن حق الشباب أن يجدوا العمل، ومن حق ساكني الريف أن يجدوا نصيبهم من السلام ومن موارد الدولة.. ومن حق المواطنين أجمعهم أن يتمتعوا بالحق في الكفاية والكرامة الإنسانية وتكسير تروس المهانة والقهر؛ ولا بد من عودة العافية لمكونات الدولة بحيث يكون المواطن هو (صاحب الشأن) والحزب هو الحزب وليس العصابة، والحكومة هي الحكومة (خادمة الشعب) على مبادئ الديمقراطية وتداول السلطة، وأن لا يستعلى مستعلٍ على إرادة الشعب أو يهدد الناس ملوحاً بعصاه..إرادة الشعب هي التي تكسب!
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
مرتضى الغالي
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|