إنقلابيون ذهبوا.. فتركوا دروساً ولكن لمن يعيها..!!
01-03-2019 07:34 PM
محمد عبدالله برقاوي
بعد أن لملم الإستعمار عباءته عن مساحات كبيرة من جسد العالم العربي بحدوده العربية وإمتدادته الأفريقية تاركاً فيها الكثير من المشروعات الإنتاجية و البنى التحتية القوية الدعامات شكلاً ومضموناً ..وحتى على مستوى الكوادر البشرية التي تشربت منه روح الإدارة الصارمة والمنضبطة الى حد كبير . إلا أن ذلك كله لم يؤخذ به مطية للتطويرالتنموي القائم على البذل والإنتاج بما يلبي طموحات أغلب شعوب الإقليم التي أثرت تحرير ذاتها الإنسانية واستقلال إرادتها الوطنية والسياسية وامتلاك مواردها الخاصة.
فما لبثت كثيرا ًالحكومات الوطنية لتجد نفسها جارةً معها بلدانها غائصة في وحل تخبطها والعالم من حولها تتجاذبه حالة استقطاب حادة بين معسكري الراسمالية الأمريكية والشيوعية السوفياتية فيما بعد الحرب الكونية الثانية والتي رسمت خارطة جديدة للعالم الحديث عموماً وفي محيط المنطقة العربية على وجه الخصوص.
فلم تكن وقتها الديمقراطية التي تقوم على حكم الشعوب قد وجدت أذنا صاغية لدى الحكام العرب ليرتقوا بها الى مصاف الطموحات الوطنية مثلما لم تُكتب في مقدمة سطورالوعي الشعبي الذي كان منقسما في أغلبية يسيطر عليها المد الطائفي المتلبس برداء القداسة وبين التعالي في صفوف الطبقة السياسية المثقفة والمتعلمة وهي نفسها لم تسلم من إثار إرثها ولاءات الأباء للطوائف وموالاة الملكيات في أنحاءمن الإقليم ..بينما تربض صفوف العسكر لا سيما الشباب خلف سواتر الأحلام بلعب دور ما وبتحريض من هذا المعكسر الدولي أوذاك!!
فكانت ثورة يوليوالمصرية التي صعدت بتعلقها المؤقت على كتف اليمين المتمثل في إحتضان حركة الإخوان المسلمين الوليدة لها عند بداية حكمها..ولكن أولئك الضباط الذين سموا أنفسهم بالأحرار ما أطالوا إقامتهم في ذلك الكتف حتى تحولوا الى الكتف الأيسر و تبناهم المعسكر الشيوعي بشعاراته الجاذبة لعيون وعيهم الهائم بالثورية ..فأصبحت حركتهم وبسرعة الضوء ملهما وحافزا لأترابهم في العراق وسوريا واليمن والسودان وليبيا والصومال مثلما كانت داعما لحركات التحرر في الجزائر وأجزاء رحبة من أفريقيا..فسرت عدواها بإنقلابات فيها لم تكن نتائج دموية مبتداها و خبر إقصائها للاخرين و خطل سياساتها وتخبط خطاها التائهة بأفضل من حصائل دول العالم العربي التي أقعدته عن بلوغ أوتحقيق أدنى مستويات العيش الكريم للشعوب ليس بمقاييس وفرة أوندرة الخبز وإنما يتعداها الأمر الى إمتهان إنسانيتها بشتى الذرائع التي باتت من التراث الرومانسي الثوري والسياسي في زمان أصبح فيه صراع المصالح هوما يحدد من يكسب الجولة ليس بحناجر الهتاف الأجوف ..بل بسلاح العلم الرشيد و خطط الإقتصاد التنموي المدروسة النتائج و تطوير الصناعات المختلفة الأهداف في نفعها السلمي أوحتى ضررها التدميري وكل ذلك يقوم على سيقان التفويض الشعبي وهو من يختار برنامج هذا الزعيم أو ذاك التيارلهذه المرحلة وقدسحب تخويله لزعيم قبله في مرحلة سابقة لإنتها صلاحية برنامجه بذهاب زمانه ع بعيداً عن حركة خارطة التاريخ!!
وهكذا وعلى خلاف من سخروا ترقية التجارب لمصلحة أوطانهم وشعوبهم توالى سقوط أوطاننا في هاويات تسلط ديكتاوريات حكامنا قبل أن يسقطوا هم ذاتهم كظلمةٍ مارقين عن إرادة شعوبهم في عمق الأبار التي حفروها باياديهم المتهورة الأظافر والتي لطالما أنشبوها في وجوه الحياة فتركوا فيها ندوباً غائرة قديطول زمن مداواتها وطمسها!!
ولكن المصيبة أن الذين لازالوا ماخوذين بوهم البقاء الأبدي رغم أن سيل الفناء يزحف عليهم تباعاً كالموت البطي ..تجدهم لايأخذون بكل تلك العبروالدروس ويظلوا يكابرون ويتندرون بإختلافهم عن من ذهبوا قبلهم دوساً تحت أحذية التاريخ الذي لايرحم ..رغم أن كلمة (ارحل ) التي تهدر بها حناجر الشارع تملاء فضاءات عهدهم وقدبدأت شمسه الفاترة الخيوط مشوار غروبها الحتمي!!
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
محمد عبد الله برقاوي
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|