المقالات
السياسة
الحزب الحاكم والغياب السياسي..!!
الحزب الحاكم والغياب السياسي..!!
01-05-2019 04:48 PM




هناك قناعة وسط قطاع عريض في الوسط السياسي، إن الحزب الحاكم يفتقد للكادر السياسي المدرب في إدارة الأزمات، باعتبار إن الحزب الحاكم يعتمد علي مؤسسات الدولة في تفعيل نشاطه. و أتضح ذلك جليا في الآزمة السياسية التي تمر بها البلاد، و خروج الجماهير للشارع.

فخرج القيادي عبد السخي عباس ليقول إنهم بصدد تسيير مسيرة مليونية ردا علي الجماهير التي خرجت تعبر عن حالة البؤس التي تعيشها، و خروج المسيرة المليونية لم تكن فكرة آحادية، إنما هي فكرة يتبناها عدد من قيادات في الحزب الحاكم. و هي فكرة لا تعبر عن تحدي، أو فكرة بهدف البحث عن حلول ناجعة للأزمة السياسية، إنما تؤكد بالفعل حالة العجز التي يعاني منها الحزب الحاكم.

فالحزب الحاكم القابض علي مفاصل الدولة ومؤسساتها، لا يغلبه أن يخرج عشرات الآلاف، من المواطنين، و يصرف المليارات لخروجهم، و يتم ذلك عندما تكون المدارس و الجامعات فاتحة حتى يساق الطلاب و التلاميذ، و لا شرط أن تعبر المسيرة عن ولاء سياسي، لأن الهدف مشاهدت مئات الآلاف، دون هوية أو انتماء، ويحدثنا تاريخ النظم الشمولية المعاصر؛ أن مئات الآلاف من الجماهير خرجوا لكي يقدموا شروط والولاء و الطاعة لرئيس رومانيا شاوسيسكو، وكان يتباها بهم أمام المعارضة و يقول إنها لا تملك شيئا وسط الجماهير، و في أقل من ۷۲ ساعة نفس هؤلاء خرجوا و اسقطوا نظامه، و مسيرات النظم الشمولية لا تواجهها قوي عسكرية مدججة بالسلاح،ولا يطلق عليها مئات الآلاف من قنابل الغاز المسيل للدموع، و لا تصاحبها اجراءات أو توقيف. بل يقدم لها الحماية و إخلاء الشوراع لكي تسير أمنة مطمئنة، و شتان بين الخروجين. إذا كانت قيادة الحزب الحاكم قيادة فطنة، أن تقرأ الأزمة في آطارها القومي و مصالح الوطن و المواطنين، بعيدا عن مؤثرات المصالح الشخصية، و العصبية الحزبية، و تتأكد إن الأزمة الاقتصادية التي تعتقد أنها تعد سببا في خروج الناس و احتجاجاتهم، ما هي إلا أحد مظاهر الآزمة السياسية التي تتعمق كل يوم، و تحاول قيادة الحزب الحاكم أن تعالجها من خلال سياسة المناورات التي أصبحت جزءا أساسيا من منهجها في إدارة الآزمات. و ما عادت تجدي الوعود التي لم تجد طريقها للواقع، فالحزب الحاكم فشل أن يخرج من دائرة التفكير التي تركز على المصلحة الحزبية و الشخصية، و التعامل السياسي مع الآخرين أنهم تابعين و ليس أصحاب حق، هذه الفكرة هي التي أدخلت الحزب نفسه في أزمة قيادة، لآنه فشل أن يدير داخل أروقته حوارا مبني علي الصراحة و المنهج النقدي، فالآغلبية داخل المؤتمر الوطني لا تعرف غير التكليف و الإشادة و التهليل، و هو سلوك الهدف منه تعطيل العقل، و الاعتقاد أن هناك جهة واحدة مناط بها التفكير و أتخاذ القرارات و البقية أن تهتف فقط.

إن إشكالية الحزب الحاكم، أنه درج للتعاطي مع خطابه تبريري قد ملاه الناس، و هو ذات الخطاب الذي يردده عندما تبرز أي أزمة، خطاب استهلك تماما و ماعاد يقنع حتى أصحابه، إذا كانت هناك بالفعل نخبة داخل الحزب الحاكم و تبحث بشكل جاد عن حلول لهذه الأزمات عليها أن تفكر من «خارج الصندوق» أن تقدم رؤية جديدة تقدم فيها تنازلات قبل أن يطلب منها الجميع هذه التنازلات، و أن يكون الخيار هو التفكير في عملية «التحول الديمقراطي» ليس بتصور الحزب الحاكم إنما بالتوافق الوطني، و بعيدا عن مؤسسات الحزب الدستورية ذات الطابع الشمولي الميكانيكي، و التي لا تملك رأي ولا فكر.

إن قيادة الحزب الحاكم لا تنظر للمشكل نظرة كلية إنما تحاول أن تركز علي تمظهرات الأزمة، وتعتقد أن الأزمة التي أدت لخروج الجماهير هي أزمة اقتصادية، و هي تعمل الآن من أجل حل الضائقة المعيشية و أنها بصدد تسخير موارد البلاد و توجيهها إلى التنمية، و هي تعلم أن الأزمة سياسية والحل لا يتأتى إلا بحل الأزمة السياسية حلا جذريا يوقف النزاعات و الحروب و يقلل الصرف على ميزانية الحرب و محاربة الفساد، و عدم استغلال ثروات البلاد لمصلحة حزب. ويجعل الدولة و مؤسساتها بعيدا عن العمل السياسي، و صناعة الدستور و أحترام نصوصه من قبل الجميع، لكن النخبة الحاكم لا تفكر في الحل السياسي الذي يعرضها لخسارة مواقعها ومصالحها الذاتية. هي تريد حلول أن لا يتعرض جوهر النظام لتغييرات، فقط أن تسمح بمشاركة رمزية للآخرين، هذا المنهج السائد لا بد يتغير وتصبح هناك قناعات جديدة وتصعد قيادة جديدة مؤمنة بعملية التحول الديمقراطي. نسأل الله حسن البصيرة.

الجريدة





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 780

خدمات المحتوى


زين العابدين صالح عبد الرحمن
زين العابدين صالح عبد الرحمن

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة