السياسة الشارع.. حتى لا يتراقص الجميع حول جثة الشعب السوداني
الشارع.. حتى لا يتراقص الجميع حول جثة الشعب السوداني
01-13-2019 11:18 PM
محمد علي العوض
- الأرض ليست مفروشة بالورود.. ولن تجد الثورة السودانية الطريق أمامها ممهدة سالكة.. سنعاني ونكابد سيستنشق أطفالنا الصغار في عطبرة وكوستي ومدني والخرطوم وكل بقعة في الوطن الغاز المسيل للدموع بحشرجة واختناق، سيكون ذلك الغاز مصلا وترياقا لهم ضد داء الطغيان مستقبلا.. سيخطون بذلك أولى سنين عمرهم النضالية، سيصبحون أسودًا تعرف متى تقول لا في وجه حاكم جائر أو مفسد نهّاب..
- سيموت أبناؤنا وإخواننا وبناتنا كما فعلوا من قبل.. سيموت منا كثير ليحيا الوطن، فللحرية باب بكل يد مضرجةٍ يُدق.. كلها دروس وعبر ستكتب في سفر التاريخ أنّ السودانيين يواجهون الموت أمام الآلة العسكرية بصدور عالية وعزيمة لا تلين. فالأرض الثائرة تنجب كل يوم ثائر جديد..
ولن تجد الثورة مقاومة داخلية من قبل النظام الحاكم ومليشياته فقط بل ستجد مقاومة خارجية شرسة من دول الإقليم والجوار؛ التي لن تتحقق مصالحها وأطماعها إلا في ظل سودانٍ ضعيفٍ، بلا إرادة وعزة، يرهن موارده ومواقفه السياسية لتحقيق مكاسبها فقط دون النظر لأشواق الشعب السوداني وحقه في العيش الكريم..*
مؤكد سيهبون سراعا لنجدة بشيرهم الغريق خشيةً من تكرار سيناريو الربيع العربي "المختطف" وتسرب عدوى الانتفاضة لشعوبهم، سيتناحرون ويختلفون فيما بينهم في كل شيء إلا البشير، ستلتقي غاية السيسي الذي قال: "إن مصر تدعم بالكامل أمن واستقرار السودان الأساسيين لأمنها الوطني" بغاية أمير قطر الذي عرض مساعدته على البشير بعد أيام معدودات من بدء التظاهرات في السودان. وستلتقي غاية الدوحة برغم المقاطعة مع غايتي السعودية والإمارات اللتين لا هم لهما سوى أن يموت الجندي السوداني في اليمن مدافعا عن سواد عيونهما ونفطهما، فأي تغيير في السلطة الحاكمة في الخرطوم قد يؤدي إلى تغير المواقف تجاههما.
ويتشابك ما سبق مع ما قاله دبلوماسي أوروبي حول أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإن كانا لا يدعمان البشير الملاحق من المحكمة الجنائية الدولية في جرائم حرب وإبادة في دارفور؛ إلا أنهما يعملان مع سلطات الخرطوم لضمان "بقاء السودان مستقراً" فأي عدم استقرار في هذا البلد يمكن أن يؤدي إلى موجة هجرة جديدة إلى أوروبا..
الكل يريد أن يأكل على جثتنا ويرقص حولها، والشعب السوداني لا عزاء له.. لا بواكي؛ إلا أمهات سودانيات فطر طائر الموت قلوبهن حين حام فوق البيوت ليختطف فلذات الكبد وسويداء الفؤاد..
الإعلام الخارجي للدول المستفيد من بقاء نظام البشير الآن يلوك مقولة سمجة وحجة واهية لدعم نظام البشير، وهي أنّ السودان في حالة سقوط البشير سيصبح ملاذاً للمتطرفين والهجرة غير الشرعية.. وكأننا همج بلا دليل أو أدنى خبرة سياسية في بلد عريق تمتد حضارته آلاف السنين وما زال كل يوم يعلم الشعوب الأخرى دروسا في الوطنية واللحمة والتآزر وحب الوطن..
كل هذه القوى الخارجية يهمها فقط تأمين مصالحها، ولن تقف متفرجة وهي ترى البشير يسقط من عليائه، بل ستحاول إجهاض الثورة بكل ما أوتيت من قوة من أجل الحفاظ على امتيازاتها المشيدة فوق جماجم الشعب السوداني.
الثورة والشارع السوداني هو الصخرة الوحيدة التي ستتكسر عليها كل نِصال المؤامرات والأطماع الخارجية.. وهو السبيل الأوحد لتركيع الجميع، عربا وعجما.
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.