من الواضح جداً أن هناك عدم اتساق في الخطاب الحكومي تجاه الأحداث الجارية ففي الوقت الذي يتحدث فيه بعض المسؤولين الحكوميين عن أن الأسباب الرئيسة لاندلاع هذه الاحتجاجات هي الفقر والبطالة يرى آخرون أن الازمة والخلاف متعلقة بالوعي وليس سواه.

تباين الخطاب الحكومي في توصيف أسباب ودوافع الشباب للاحتجاجات جعل خطابها غير متسق ويقفز قياداتها بين الواقعي والفكري بصورة انتقائية ، فتارة يتحدث الرئيس البشير عن سوء التطبيق لقانون النظام العام أو عن أن الترفية ضرورة وأن الدوافع التي جعلت الشباب يخرجون اقتصادية ، وفي ذات الوقت يتراجع محمد المصطفى الضو عن نظرية المؤامرة والأصابع الخارجية ويقول إن حزبه يرفض تخوين الشباب والصاق تبعيتهم للأجنبي.

وفي المقابل تجد القوات المسلحة نفسها تتدخل وتكيل الاتهامات للمتظاهرين الذين يستنجدون بها للدفاع عنهم باعتبارها كيان مستقل ولكن قياداتها يرفضون ويصفون المحتجين بأنهم شذاذ آفاق في حين أن الشباب خرجوا يبحثون عن العدالة وعن قيم الانسانية والحياة الكريمة التي فشلت الحكومة في توفيرها لهم.

وفي المقابل فشل النظام لاعلاقة له بالفكرة واستحقاقاتها أو طبيعة النظام وإنما علاقته مباشرة بعدم استغلاله لموارد البلاد إستغلالا أمثل وفساد منسوبيه وعبثهم بها ، وعندما عجز الشباب عن ايصال مطلوباتهم لم يجد طريقاً غير التعبير عن ذلك بالاحتجاج.

من الواضح أن خطاب الحكومة لن يلب مطالب الشباب التي ارتفع سقفها من ماهو احتياج يومي إلى تنحي الحكومة والنظام ، وبالتالي مهما كان خطاب الحكومة متراجعا ومرنا يواجه تحديا في اقناع الشباب لأنهم ماباتوا يتراجعون عن النظر للحكومة واداءها غير النظر للواقع بهذه الطريقة المأزومة.

عموما ليست الحكومة وحدها معنية بتقديم خطاب مقنع للشباب وإنما المعارضة أيضاً إذا لم تواكب طبيعة مفاهيهم لن تستطيع الوصول معهم الى قواسم مشتركة.

الجريدة