من الذي يقرر شكل النظام القادم؟ هو الشعب قطعاً يا بروف ولكن كيف؟
تقريباً الآن يوجد اتفاق على الفترة الانتقالية لإدارة الدولة ومعاقبة اللصوص والمجرمين في الثلاثين عام المنصرم من عمر الشعب. هاتان مهمتان لهما أولوية أول الفترة الانتقالية ثم تليها وتنتهي بها مهمة بلورة الرؤى المختلفة للدستور الدائم وطرح الصيغ المختلفة له والتي تتمخض عنها النقاشات والندوات والمفوضيات المختصة المكلفة بإخراج الصيغ القابلة للإستفتاء عليها بصياغتها القانونية المنضبطة تمهيداً لطرحها جميعاً للإستفتاء عليها. وبالطبع لن تكون كل مشروعات الدستور هذه قائمة على فكرة الديمقراطية الحزبية. في ظني أن الشباب الثاير الآن ليس في تصوراته أي نظام حزبي بزعامات طائفية أو عقائدية على مثال الأحزاب التقليدية التي يسمعون بها ولم يحضروا زمان حكمها، بل أن هذا ينطبق حتى على أبناء تلك الزعامات والأسر الطائفية مثلهم مثل أبناء الكيزان الذين يشاركونهم الخروج للشارع للمظاهرات. تَغَيُّر عصر وعقلية يا بروف. حتى أن الأحزاب التقليدية وحتى التقدمية منها إن قُدِر لها أن تعود ستعود وقد فقدت جُلَ عناصر الولاء الطائفي والعقائدي الذي كان يربط بينها وبين مناصريها. وهؤلاء الشباب لو وجدوا صيغة للحكم تعفيهم من أية ولاءات من أي نوع لأية زعامات لأفراد أو كيانات لما ترددوا على ترجيحها على كل ما يعود بهم إلى الأنظمة التي حكمت آباءهم وإلى طريقة وعقلية آبائهم التي تعايشت مع تلك الأنظمة. وحتماً ستطرح مثل هذه الصيغة من الديمقراطية اللبرالية غير المرتبطة بأي عمل حزبي أو سياسي يقود أو يسيطر على إدارة مؤسسات الدولة وأدائها للأعمال المنوطة بها بموجب الدستور والقوانين المنفذة له.
ولا يعني هذا وجود أي وصاية أو حجر أو عزل بل حرية مطلقة و مشاركة كاملة في طرح كافة الآراء ومناقشتها بالأخذ والرد وسيطبق عليها حكم الديمقراطية الحقة في اختيار الفائز منها باستفتاء الشعب بأغلية لا مراء فيها وهي نسبة موافقة لا تقل عن 75% ممن حق لهم التصويت. وعليه فمن السابق لزمانه يا بروف القطع بسيادة هذا النوع أو ذاك من الديمقراطية مع ملاحظة أن الاتفاق منعقدٌ طبعاً على الديمقراطية واللبرالية في كافة علاقات الدولة بالفرد في حدود دستور المساواة والحرية الفردية. والحشاش يملآ شبكته في ختام الفترة الانتقالية قول صحيح لا مشاحة فيه، ولكن ستكون الغلبة للشباب وليس لأحلام مخضرمي الأحزاب والين قد لا يدركون اك الوقت على كل حال، وبذلك ينتهي انتقال الوِرْث من زعامات حزبية طائفية لأبناءٍ هم من ها الجيل من الشباب لا يقبل بالمطالبة بهذا الإرث حتى!!!