كنت في مقالٍ سابق ومع بدايات حركة الشارع الأخيرة قد أشرت الى دور ما سيلعبه رئيس جهازالأمن الوطني الفريق صلاح قوش في إدارة دفة الحلول الأمنية بالقدرالذي يفاقم منها ويجعله القابض على مفاتيح االتفاصيل بما يفضي الى أن يكون الأقرب الى الرئيس البشير في ظل تباعد الكوادر السياسية من كبارقيادات الحزب والحركة الإسلامية عنه بما يمكن قوش من أن يلعب دور عمر سليمان في آواخر فترة الرئيس حسني مبارك فيلتقط قفاز الأمور ولوبصورة غير مباشرة . .وهذا ما ظهر بالأمس من خلال تصريحاته السياسية الخارجة عن سياق مهامه الوظيفية وبجرأة واضحة بعد مغادرته لجلسة البرلمان والتي قال فيها أن لا حلول ولا مبادرات إلا في إطار الشرعية الدستورية والقانونية ..بل أن استباقه لخطاب الرئيس مساء اليوم بتسريبات للصحفيين بأن البشير سيستقيل عن رئاسة المؤتمر الوطني ليصبح رئيساً قومياً وسيلغي التعديلات الدستورية المقترحة بما يعني أنه لن يترشح لولاية جديدة ومن ثم ابلاغ الصحافة عن حل الحكومة الإتحادية والحكومات الولائية وكذلك تسريب قرار إعلان حالة الطواري لمدة عام بما يشي بالشكوك حول قيام الإنتخابات في 2020 من أساسه ..وكأن الرجل كان يقول بالفم المليء بالثقة أن الأمور فعلاً باتت في أيدي الجهات الأمنية والقوات النظامية والجيش وهي الآن تماما تجري خارج عن يد المؤتمر الوطني !
ولكن تأخر الرئيس لما يزيدعن الساعة عن الموعد المعلن لإلقاء الخطاب يبدو أنه جاء ليعيد الى الأذهان تأخره في يوم خطاب الوثبة وقد تبدل في اللحظات الأخيرة وكان مخيباً لتوقعات حتى المقربين من كابينة الحكم دعك عن المراقبين والمترقبين .
وهوما تكرر مساء اليوم إذ تراجع البشير عن القول صراحة أنه أصبح خارج منظومة المؤتمر الوطني والحركة والإسلامية ..فأشار في كلام مبهم عن وقوفه على مسافة واحدة من الجميع معارضين وموالين كما أنه تحدث عن توجيه البرلمان بتأجيل التعديلات الدستورية ولم يقل أنه سيطلب الغاء النظر فيها بصورة نهائية وهوالتفاف واضح وكلام عائم ربما يعود عنه استغلالا لحالة الطواري التي ظنها ستجعل الشارع ينكمش في عباءة الخوف من جديد جراء التصعيد الآمني المتوقع وسيوقف الخروج الى الشارع على تأثير مخدر هذه القرارات الهلامية التي لم تأتي بجديد خاصة وأن الرئيس لم يغادرمربع الحوار الوطني الذي ضاق حتى على من تعرقت جباههم من سخونة مطبخه المحترق المخرجات .
ومن الواضح أن ضغوطاً قدمورست على البشير في اللحظات الأخيرة خاصة من الإسلاميين وبالطبع أولهم المؤتمر الشعبي حتى لايفقدوا الشراكة ونعيم السلطة فجأة رضوخا للواقع الجديد الذي فرضه الشارع أويقال أن النظام ورئيسه قدإنكسروا أمام عاصفته ..فدفعوا البشير للتراجع عما أعلنه بالتفصيل صلاح قوش الذي أصبح في وضع لا يحسدعليه ولاأحد يعلم مقدار الحرج الذي أدخل فيه نفسه باستعجاله في تسريب تلك التوقعات التي سقط سقفها عند منصة الخطاب المحور ومن الواضح في اللحظة الأخيرة التي سبقت القائه !
لا بديل الا الحوار وثبه تانيه وانتظار
مافي تفكيك وهو يعني انو ثورتكم هظار
والثوابت ياها ذاتا والقطار ياهو القطار
ابقو مارقين يا شباب وابقو مجموعه وكتار
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.