المقالات
السياسة
الكنداكات في مواجهة كاشف المقنعات
الكنداكات في مواجهة كاشف المقنعات
03-07-2019 10:05 PM

ألكنداكات في مواجة كاشف المقنعات

بثينة عبدالرحمن

مما يميز ثورة ديسمبر ضد حكم الرئيس عمر البشير وضد نظام الانقاذ, ثقل ومدى فاعلية مشاركة النساء سيما الشابات ممن يصدق وصفهن ب" الكنداكات" استعارة للقب اعظم ملكات مملكة مروي اللاتي عرفن بالثقة والجسارة والقدرة على ادارة شؤون الحكم حقبا قبل الميلاد.*
*اليوم, والمرأة تحتفل عالميا بيومها تواصل السودانيات حراكهن ضد الظلم والاستبداد والفساد سعيا لبناء سودان حر ديمقراطي يحكمه القانون مما يدعم ويطور الحقوق والمكتسبات التي حصلن عليها عبر نضال تاريخي شرس وهمشتها الانقاذ.
*من جانب اخر وفي هذا اليوم الاحتفائي للاسف الشديد تقبع سياسيات وناشطات من مختلف القطاعات في سجون النظام لمشاركتهن في المظاهرات السلمية وبقصد اسكاتهن وحجب مساهماتهن في قيادة وترتيبات الثورة. وحسب معلومات بعض المصادر الموثوقة فان اكثر من 600 معتقلة تقبع بسجون النظام.
بدوره خصص تجمع المهنيين موكبا باسم المعتقلات تم تسييره يوم 10 فبراير الماضي*الى سجن ام درمان, وكان واحدا من اكبر واضخم المواكب بالعاصمة على الاطلاق.*
وبالامس وتكريما لعموم نساء السودان سارت مواكب هادرة باسم" مواكب عازة" تكريما لدور المرأة* وتمجيدا لتاريخها العريق.*
من جانبنا نسعى لتوثيق روايات ناشطات تعرضن لانواع من الترهيب والتعذيب النفسي والجسدي والاعتقال والحبس لفترات سبق بعضها انطلاق شرارة الثورة مع العلم ان ذلك لم يزدهن الا قوة واصرارا على مواصلة النضال.

* نتائج عكسية للاعتقال
كانت" س " في طريقها لعملها عندما تم اعتقالها. منذ تلك اللحظة تحول مسار حياتها تماما. ولا تذهب بكم الظنون بعيدا وتتخيلون انها امست جبانة مهزوزة تخاف ظلها.
واقع الامر ان تجربة الاعتقال زادتها صلابة وغيرتها تغييرا لم ولن يخطر على ذهن من اعتقلها, ناهيك عقل من حقق معها ومن عاودوا التحقيق والتعذيب محاولين كسرها واهانتها, مستكثرين ان تتمسك بشجاعتها وروحها الثورية وثورتها من اجل التغيير وبناء وطن يسعها ويسع كل سوداني من حقه العيش في كرامة واستقرار ورخاء وامن وامان.
اصرارها هذا وتمسكها بالثورة اكدته اكثر من معتقلة سابقة ممن تحدثت اليهن, وما اقواهن وما اروع طموحاتهن وايمانهن بامكانية الوصول الى مستقبل مشرق.

* تحقيق ثم تحقيق
في ذات السياق قالت " ت" انها غير منظمة حزبيا لكنها شابة وطنية من شابات هذا البلد ممن يصدق وصفهن بالمحظوظات,(( اسكن مع اسرتي في حي من ارقى احياء ام درمان, نلت تعليما ممتازا واستمتع بعيشة هنية ووظيفة محترمة. مثلي مثل غيري ممن يتظاهرون ضد النظام احساسا باحوال السودان وما اصاب الشعب بسبب ما فعلته الانقاذ)).
سالتها تفاصيل ما تعرضت اليه عند الاعتقال واخذها للقسم الشمالي بام درمان كمثال لما قد تتعرض اليه كثير من الكنداكات القابضات على جمر الثورة التي أمسين وقودها وشرارتها, واللاتي يجاهدن الا تنطفيء جذوتها حتى(( يسقط بس)).
حكت:(( تجربتي لا تختلف تفاصيلها كثيرا, ما بين تحقيق ثم تحقيق اخر أكثر رتابة ظلت اسئلتهم تتكرر بما في ذلك السؤال" انتي شيوعية ام بعثية"؟.
حقيقة كانوا يرددون" انتي شيوعية أم بعثية" ليس كسؤال وانما كحتمية لا مجال لانكارها. وكأمر مؤكد وبالتالي تهمة تستحق العقاب. وعندما نفيت عضوية الحزبين المذكورين... قال احدهم انني لا ابدو" بنت انصار ولا اشبه سيدات حزب الامة" مضيفا بصوت بذئي" الظاهر انك عشيقة واحد من صعاليق تجمع المهنيين وتتعللين بالمظاهرات للقائه", ومن ثم واصل في اطلاق شتائم لم تنقطع....اكثر ما احزنني ان دموعي قاومت محاولاتي حبسها)) .
لم تتعرض" ت" للسجن اذ تمكن زويها من اطلاق سراحها بعد حوالي 20 ساعة من التحرش اللغظي والعنف المعنوي, وكانت قد اجبرت على توقيع استكتاب بعدم الاشتراك مرة اخرى في اية تظاهرات. وبالطبع لم تلتزم.

* الحيطة او العصا الكهربية*
من جانبها تقول" س" قضيت يومين في" موقف شندي" داخل غرفة كبيرة ازدحمت بالمعتقلات من معظم احياء العاصمة, حاولوا فيها ازلالنا بالجلوس ارضا قبالة الجدران(( عايني للحيطة بس)) مع اوامر ان ننكس رؤوسنا فيما كان بعضهم يتجول من حولنا لتأكيد الاوامر مع تهديدات بعصي كهربية.*
عاودوا التحقيقات ليلا ونهارا وباصرار لمعرفة لاي جهة تتبع المعتقلات؟ وان كنا حزبيات منظمات؟ ومن يدعمنا؟ وبالطبع ظلوا يسالون عن البديل؟؟**
تراكمت الاسئلة والتهم والدعاوى دون ان تعطيهم اية معتقلة جوابا غير انكار الاشتراك في المظاهرات. والاصرار ان اعتقلونا ونحن في طريقنا لقضاء غرض شخصي لا علاقة له البتة بمظاهرة. واننا مجرد مواطنات عاديات.

* ضرورة الوعي بالحقوق
قالت الاستاذة الجامعية" ن" التي وصفت نفسها بانها ليس غريبة على القسم الشمالي بام درمان وموقف شندي وحتى بيت من بيوت الاشباح التي انتشرت بكثافة مهولة:(( ما يجب ان تفهمه المعتقلات انهن لن يقتلن داخل الحبس لا لخشية النظام من قتل النفس التي حرم الله قتلها وانما لما اصابهم من فزع ولضغوط خارجية بعد ان توالى سقوط الشهداء لهم الرحمة. لهذا على الناشطات التماسك مهما زاد الضغط ومهما صعبت عليهن الاهانات, وليعتبرنها ضريبة من ضرائب الثورة ضد حكم جائر يجب اقتلاعه)).*
وتمضي مشددة على اهمية عدم الاعتراف الذي يعتبره القانون سيد الادلة!! والاهم من ذلك كله الا يخرج المحقق من أي تحقيق مهما طال باي معلومة تضر المعتقل او تشي باي شخص اخر.
في هذا السياق تقول" س"(( لن ابالغ واقول ان الامر كان هينا بدءا كنت خائفة اضف الى ذلك الشعور بالارهاق والجوع لكن ومع مرور الوقت قويت" واصبح ما فارق معي". لهذا لابد من الصمود وعصر الذهن للتركيز لحظات التحقيق الاولى حتى لا تتبدل الاقوال او تتضارب)) .

* أحذروا المندسات
أجمعت المصادر بضرورة* الاحتراس اذ عادة ما تكون هناك" امنجيات" مندسات وسط المعتقلات اثناء فترات التحقيقات, لهذا لا داع لكثير كلام مع من لا تربطهن معرفة وثيقة.*
هذا التحذير بالذات مما كررته" ع" التي تضررت كثيرا بسبب ما كانت قد حكته لامنجية رأتها معها في ذات التاتشر ثم في ذات الغرفة فظنتها ناشطة, وأن الحال واحد.
وصفت" س":(( قامت على حراستنا ليلا امنجيات مهمتهن الا تتذوق اي من المعتقلات طعم النوم لمزيد من الارهاق بغرض الانهيار عند التحقيق خاصة وان الطعام ممنوع, و(( حتى الماء لم يتوفر الا بعد اكثر من سؤال ثم اتوا به في جردل دون كوب او حتى كوز(( موية في جردل وبس)), ماءا نتنا لم نقربه. في نهاية اليوم الثاني وزعوا علينا ساندوتشات بدورها اكثر نتنا"غايتو قرضنا اطراف العيشة. واعيننا معصوبة تم تحويلنا الى المبنى رقم 57 كما سمعناهم يقولون حيث أمرنا بالجلوس في مقاعد حديدية في منطقة شديدة البرودة لدرجة لا تحتمل. أخيرا نقلنا معصوبات الى سجن ام درمان.**

* صفعات ودهس تحرش*
ردا على سؤال عما نسمعه من تعذيب وضرب وتحرش ؟؟ اشارت معظم من تحدثت اليهن لظاهرة الضرب التي توثقها الفيديوهات التي تملأ الاسافير والتي تفضح قسوة اولئك الجلاوزة وعدم انسانيتهم. يضربون في اي منطقة بالجسم خاصة لحظات القاء القبض واثناء الترحيل ويستمر ضرب الشباب على وجه خاص اثناء التحقيق(( يضربوهم ضربا يخترق صوته الجدران الصلدة وتبقى اثاره رغم كل مسوحات الامهات وعلاجاتهن)).*
من جانبها قالت" ع"(( لقد صفعت مرارا وسمعت اساءات بالفاظ* لم اسمعها مطلقا, وما كنت اتوقع ان اسمعها, وحتى اثناء التحقيق تكررت الاهانات بالاضافة لمحاولات تهديد والتأكيد ان احداهن وشت بي, وأنهم يعرفون عني الكثير ولا داع ان أتصنع البراءة* في محاولات استفزاز قذرة)),
وبسؤالها ان كانت قد تعرضت لاي تحرش جسدي لم تنف دهس متعمد وتحسس ولمسات منفرة ومقززة, نافية الاغتصاب, مشيرة لما سبق ان تم نشره ان الاغتصاب ظل سلاحا عنصريا ضد معتقلات اقليم بعينه.* *

* تلاجات الموز*
لا حديث يفيض بالكراهية والغضب والرغبة في الانتقام يماثل الحديث عن مبنى الامن ببحري شمال محطة حافلات شندي.
*حسب الوصف: مبنى قمئء ضخم عبارة عن اربعة ابنية متجاورة, يتكون من عدة طوابق, يشق الطابق الارضي ممر تفتح عليه مكاتب. احد هذه المباني يسمونه رقم 57 تفوح منه رائحة الدم والقذارة.*
ضمن هذا المبنى الزنازين المعروفة بثلاجات الموز حيث يمارسون القهر بالبرودة لمزيد من الانهاك الجسدي وللتعذيب الذي لا يترك اثارا تدينهم.

* سجن ام درمان والفاطحلة*
أطلق هذا النظام المتأسلم على سجن ام درمان” دار التائبات” وكأن الامر يتعلق بردة دينية تستلزم التوبة. من جانبهن قالت معتقلات سابقات عن سجن ام درمان انه موقع تحس فيه الثائرات بكثير من الراحة النفسية مهما بلغت بهن المعاناة, ورغم الضيق لصغر مساحة الزنازين التي قد لا تتعدى مساحة اكبرها 4x2 متر ويشحنونها باكثر من 12 معتقلة فيما يخلو من تهوية مما يصيب بعضهن بالتهابات, وصعوبة في السمع وثقل في الحركة.
ورغم ان سجن ام درمان والقسم السياسي سجن رسمي يفترض ان تتوفر فيه كل ضوابط وقوانين ادارة السجون الا انهم يتعسفون وقد لا يسمحون حتى بالخروج للصلاة, (( تصلوا بمزاجنا)), هذا مما يكررونه وهم الذين يتشدقون بالدين وبالحكم طبقا لاحكام الشريعة الاسلامية.
وعمن قابلن بالمعتقل تحدثن عن شابات رغم صغر اعمارهن قاومن الانهيار, وابدين تماسكا واحساسا بالقوة والصلابة مما يثير الاعجاب, وكأن شعورهن بالغضب والضيم يتحول الى* قوة وقدرة على عدم الاستسلام.
الى ذلك, وصفن القيادات النسائية الحزبية المعروفة التي ما يزال معظمها معتقلا او افرج عن بعضهن اخيرا ب" الفطاحلة".
ومن الفطاحلة اللائي وردت اسمائهن الاستاذ سارة نقدالله الامين العام لحزب الامة والدكتورة امال جبرالله عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي واسماء محمود محمد طه القيادية بالحزب الجمهوري. وناشطات كثر من مختلف المهن ومختلف الاعمار ممن يتكرر اعتقالهن ويحرمن ابسط الحقوق بما في ذلك حق السجين في مكالمة هاتفية لاخطار ذويه بموقعه, واحيانا يتم الحبس في زنازين انفرادية. هذا وقد تمت الاشادة بمعتقلات يقمن بادوار رائعة لشد عضد ومساندة من يحتجن لمساندة.

* لماذا؟ ومن اجل من؟ وما المقابل؟
رغم اقرار بلحظات خوف وقلق الا أن جميع من تحدثت اليهن وهن بدورهن تحدثن لكثيرات داخل المعتقلات* والسجون وخارجها, ألاجماع أن الاعتقال لم ولن يكسرهن. وان معظم المعتقلات بعد لحظات الوجل الاولى يعتريهن حال وكأنهن قد تجمدن مما يكسبهن ثبات يصعب وصفه مما يساعدهن على تحمل اصعب المواقف ووحشة الليالي.
كذلك أبدين جميعهن وافر التقدير والاعزاز للامهات والاسر والمجتمع الذي امسى متفهما فخورا بنسائه اللائي من اجله يبذلن كل غال ونفيس ولا يهابن حتى السجن.
في ذات الوقت كثر التساؤل عما يدفع هذا الحشد وتلك الجمهرة من رجال سودانيين; وفق عادتنا كان يفترض ان يكونوا" اخو فاطنة" و " مقنع الكاشفات" للقيام بمهام بتلك الوحشية وذاك الدنس والخسة؟؟ ومن اجل من؟؟ أم انهم مرضى نفسيين يتلذذون بايذاء الاخرين.**

* وصايا للكنداكات بعد الخروج للمظاهرات, وقبلها
- تخيرن ملابس باهتة الالوان غير مميزة حتى لا تسهل متابعتكن ويصعب رصدكن, وافضل ان تكون ملابسكن طويلة ذات اكمام للحماية من شر الغاز المسيل للعيون ما أمكن
- احترسن ايما احتراس من التلفونات وما تحتويه من صور وما يتم تداوله مع القروبات*
- قبل الخروج للاشتراك في مظاهرة يجب وضع الاعتقال كأمر قد يحدث مما يتطلب الاستعداد والتحصين, وبالطبع*
- تجنبن الاعتقال ما امكن ولو بالصراخ للفت انتباه المارة, علهم يتدخلون.
*- في حال وقع اعتقال عليكن بانكارحتى المشاركة في أي مظاهرة, وتحججن ان وجودكن في موقع تظاهر بأي سبب اخر.*
- تمسكن بالنكران وابقن ثبات ولا تنكسرن مطلقا مهما كان الاستفزاز ومحاولاتهم لكسر الارادة.*
- انكرن معرفتكن باي من المعتقلات تجنبا لتهديدات وحديث ممجوج ان فلانة قد اعترفت ضدك.
- رغم قانون الطوارئ المزعوم لابد من الاستمساك بالحقوق
-* لا يتزعزع ايمانكن ان النظام في حالة احتضار وان الظلم* اوشك ان ينقشع.
*

*





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 464

خدمات المحتوى


التعليقات
#1816430 [كوج]
0.00/5 (0 صوت)

03-09-2019 04:04 AM
بالفعل يا أستاذة بثينة تراثنا الأصيل كان كله تمجيد لمقنع الكاشفات واليوم الكيزان جابوا لينا ناس كاشفين المقنعات! أعوذ بالله من ديانة زي ديل...!


بثينة عبدالرحمن
بثينة عبدالرحمن

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة