المقالات
السياسة
فتح بُرِّي الدرايسة: إعلان نهاية القوى النظامية في السودان
فتح بُرِّي الدرايسة: إعلان نهاية القوى النظامية في السودان
03-10-2019 11:33 AM

بروفيسور معتصم سيد أحمد القاضي*

ترى من هو مونتغمري الذي قاد حملة الحلفاء (الأمن والبوليس والجيش) وهزم محور (بري الدرايسة) في معركة سيؤرخ لها التاريخ بانها أهم وأكبر من إنتصار حرب العلمين!؟*

لقد جاب الحلفاء، المددجين باسلحة الدمار الشامل، المتعطشين لسفك دماء الأبرياء، حي بري الدرايسة بيت بيت وشارع شارع، وزنقة زنقة، ولم يجدوا أسود البراري في ساحة المعركة، فطفقوا يدعونهم للمنازلة، تماماً كما أراد قائدهم العام البشير بقوله في إحدى خطبه المشهورة: "العايزنا يلاقينا في الشارع ".

هل يمكن أن تتخيل أن يحدث في أي دولة محترمة أن تداهم قوى نظامية بكامل عدتها وعتادها أحد أحياء عاصمتها وتدعوا فيها المواطنين العزل للخروج للشارع لمنازلتها، ليس هذا فحسب، بل أن تتحدى النساء على وجه الخصوص "وين كنداكات بري" للخروج لقتالهم، وتعيّرهن بالجبن "ما قلتوا كنداكات" لعدم الاستجابة لإستفزازاتهم. ألا يعرف هؤلاء ان الأبطال لا ينازلون العزل، ولا المستسلمين، ولا الهاربين من أرض المعركة؟ كما قال عنترة بن شداد:
وَمُدَّجِـجٍ كَرِهَ الكُمَاةُ نِزَالَـهُ لا مُمْعِنٍ هَرَبَاً وَلاَ مُسْتَسْلِـمِ
جَادَتْ لَـهُ كَفِّي بِعَاجِلِ طَعْنَـةٍ * بِمُثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ
الحقيقة هي أن هـذه القوى التي إجتاحت بُرِّي ليست بقوات نظامية بالتوصيف القانوني الصرف، وإنما هي مليشيات كيزان أُدمجت في القوات النظامية، أو حلّت محلها تدريجياً، كأحد وسائل التمكين التي انتهجتها الإنقاذ خلال الثلاثين عاماً من حكمهما لحماية نظام الاسلام السياسي المجرم، أي إنهم، على وجه الدقّة، دواعش في بزّات عسكرية، كما يدل سلوكهم الإجرامي في قمع المظاهرات.

إن هؤلاء الكيزان المدججين بالسلاح ومليشياتهم الشعبية وخلاياها في قوات البوليس والجيش قد استفردوا باللأبرياء العزّل من أبناء وبنات الشعب السوداني المتظاهرين ضد ظلمهم وعملوا فيهم قتلاً بالرصاص ودهساً بالعربات واعتقالا وتعذيباً بحرق الأجساد والخوازيق والضرب بالهراوات والاغتصاب. ولم يسلم من وحشيتهم طفل ولا شيخ ولا رجل ولا امرأة ولا شاب ولا شابة. ولم تسلم من ترويعهم المستشفيات ولا دور العبادة ولا المدارس ولا الجامعات. هذه الجرائم البشعة مثبتة وموثقة بما فيه الكفاية وبما يغنينا عن عرض تفاصيلها هنا.

الشاهد أن أحداث ثورة 19 ديسمبر قد أثبتت أن مخاطبة عصابة الإنقاذ وقواتها النظامليشياوية بالعقل ضرب من الجنون، وأن مخاطبتها بقيم الدين حُمق، ومخاطبتها بصوت الضمير الإنساني سفه، ومخاطبتها بموجبات القانون عبث. فلا منطق ولا دين ولا ضمير ولا قانون يردع هؤلاء المجرمين. ولا أمل في شفائهم من جرثومة الكوزنة السرطانية التي أهلكت الحرث والنسل، *

وأمام هذا العنف الشرس ضد الحراك السلمي، فلا بد للشعب السوداني من الخروج الكاسح بمئات الآلاف في كل مدن السودان في مظاهرات تشل حركة وقدرة مليشيات الأمن وتكون مؤشراً للإستعداد لمرحلة العصيان المدني الشامل الذي يؤدي لسقوط النظام. ورغم ضعف إحتمال أن يتدخّل الضمير الإنساني حالياً بطريقةٍ ما لدفع المجتمع الدولي المتمثل في مجلس الأمن لحماية شعب السودان الأعزل من بطش الكيزان، إلا أن الخوف أن نتأخر في إنجاز إقتلاع النظام حتى يدخل المعركة أصحاب البنادق الكبيرة وصواريخ التوماهوك والمآرب الأخرى من الدول العظمى. ورغم ان هؤلاء سيقومون بحسنة ضرب وتدمير مراكز تحكم القيادة التي تدير عمليات البشير الاجرامية ضد الأبرياء العزل وأخذه هو وعصابته عنوة إلى لاهاي، تماماً كما فعلوا في تشيكسلوفاكيا وبمجرم حربها ميلوسوفتش، إلا أن الثمن المطلوب عندها قد يؤدي لوصاية تكون عقبة في طريق تكوين حكومة قومية إنتقالية تأسس لدولة المواطنة والحريّة والكرامة في ظل نظام ديمقراطي. ولكن من يدري، قد يكون الشعب السوداني قد وصل مرحلة الترحيب بالتدخل الأجنبي لحمايته من بطش الكيزان بغض النظر عن العواقب.
10 مارس 2019





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 1275

خدمات المحتوى


التعليقات
#1816766 [سعيد فقير]
1.00/5 (2 صوت)

03-11-2019 02:44 PM
سلمية سلمية... نعم سلمية....سلمية ...فقط سلمية ...ضد الحرامية ...
مواجهة القوة بالقوة والعنف بالعنف هو ما يريدونه... لديهم قوة السلاح الناري .. وللشباب قوة الارادة والصمود والتظاهر السلمي ... وهذا ما سيذبحهم من الوريد للوريد ...
فقط ايها الشباب الثائر ..نكرر سلمية سلمية ضد الحرامية ...
فالنصر آت لا محال رغم انفهم ....ورغم كيد الكايدين ...


ردود على سعيد فقير
European Union [معتصم القاضي] 03-11-2019 04:32 PM
كلامك سليم أستاذ سعيد. السلمية هي السلاح الأمضى. والمظاهرات الكاسحة في إطار السلمية هي قاصمة الظهر. وتسقط بس


بروفيسور معتصم سيد أحمد القاضي
بروفيسور معتصم سيد أحمد القاضي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة