المقالات
السياسة
أطلقوا سراح الحياة..؟!
أطلقوا سراح الحياة..؟!
03-11-2019 12:08 AM

هيثم الفضل

رغم أن الفرح كان لابد أن يغشى الأفئدة كلما تم إطلاق سراح الشرفاء من الذين جعلوا جُل همهم تحرير هذا الوطن من زنزانة الظلم والجور والفساد ، إلا أنني لم أستطع أن أُغالب في نفسي رغبةً مُلِّحة في أن أُلفت إنتباه أهل السودان الصابرين بأن (الحرية حقٌ أصيل لم ولن تكون أبداً مِنحة) يهِبها السجَّانُ متى شاء ، فإتجاهات النظام السياسي للمؤتمر الوطني وهو يُغالب رياح التغيير التي لا بد آتية ، لا سبيل لتعديل مساراتها فيما يتعلَّق بإنطباعاتها وردود فعلها وممارساتها تجاه التعامل مع صوت الآخر ، ففكرة الحُكم الشمولي لا يمكن دعم ما يضمن بقاءها وتأمينها دون التسليم الكامل والإيمان الذي لا يقبل الشك عند صاحب السلطة بأن كل رأي مُخالف ومعارض يجب أن يكون بينهُ وبين الناس حجاب ، هذا الحجابُ هو دائماً زنزانة السجن والمضايقات والمُلاحقات والترهيب ، والذين يتم إطلاق سراحهم عبر مجريات محاكم الطواريء وإستئنافاتها وسط هتاف جماهيري ومباركة حكومية أمنية فيما يشبه الإحتفالية بأن إنجازاً ما قد تم لصالح البلاد والعباد ، يقودني إلى إعلان الحزن الكبير على ما وصلت إليه تطلعاتنا بخصوص الحريات وحقوق الإنسان المُضمَّنه في الدستور والمحمية بمؤسسات تشريعية وعدلية رغم شكلية تكوينها في الوقت الراهن إلا أنها تُعلن رسالةً واضحة مفادها (حماية حقوق الإنسان) ، أحزن لأن تطلعاتنا إنحدرَّت لأن نتجاذب أهازيج الفرح والشعور بالإنتصار لمجرد حصولنا على صكٍ يأذن بفك قيود أسرانا ، كنا نتمنى ونتطلَّع إلى نجاح وإنتصار نداءات الضمائر الإنسانية وإتجاهات الفكر العقلاني وما ينتجه الحِراك الجماهيري العام في تحقيق إنجازٍ يُعلن إندثار حقبة الإعتقالات من أساسها وتوَّجه حكومة المؤتمر رغم إتجاهها الشمولي إلى التعامل مع الآخر أو مُقارعته بما أتاحه له ولها دستورٌ نزيه يتوافق عليه الجميع في نظام ديموقراطي حقيقي وحُر، وأن تكون أعلى هيئات البلاد العدلية والقضائية مُباحاُ ومُتاحاً عبرها التحقيق والتقصي في قانونية وشرعية الإعتقالات السياسية ومدى مواكبتها لمفهوم الحفاظ على الأمن والسلم الإجتماعي ، وأن يكون لها وحدها حق تفسير وتحديد ماهية المعاني الشكلية والضمنية لمصطلح (المصلحة الوطنية والأمن الإستراتيجي القومي) ، نحلم ونتمنى أن يتم الإستفادة من الإمكانيات الفنية والمهنية واللوجستية لأجهزتنا الأمنية فيما يمكن أن يفيد قضية التنمية الوطنية ، أو حتى تمهيد السبل المواتية لإيجاد حلول ناجعة للصراع المُتنامي حول تداول السلطة وإقتسام الثروة وتوازن التنمية بين الفُرقاء ، جهاز الأمن والمخابرات بقيادته الجديدة وجب عليه أن يُدلُف إلى لُب المعركة الأساسية التي أصبحت المُهدِّد الرئيسي لهذه البلاد وشعبها الذي وقع في جُب الجوع والفقر والمرض والمهالك المتعدّدة ، ألا وهي معركة محاربة الفساد الذي ساد وأصبح ثقافة عامة طالت حتى القطاعات الخاصة ، ليت الأجهزة الأمنية تحمي أموال الدولة ومواردها وإمكانياتها المُتاحة لصالح هذا الشعب الذي ذاق المرارات ولم يتعوَّد بعد على الذُل والخنوع والإنكسار ، نعم لعامة الناس من البسطاء مصلحة كبرى في فك أسر النشطاء السياسيين الذين ينادون دوماً بحقوق الشعب المسلوبة ، لكن هل يبقى وِفاض حكومة المؤتمر الوطني خاوياً وسراباً سرمدياً في ما يمكن أن نسميه المصلحة الوطنية الكبرى المُتعلَّقة بتضميد جراح البسطاء في معيشتهم الأساسية وحقهم في الحصول على تعليم مجاني لأبنائهم وإستشفاءاً ودواءاً مدعوماً من الدولة التي يوفونها حقها بدفع الضرائب ، نتطلَّع إلى أن (يكسِر جهاز الأمن والمخابرات شوكة المعارضين السياسيين) ببذله ذات الجهود التي يبذلها في الإعتقالات ، لكن لصالح محاربة الفساد وبسط أولويات الأمن الإقتصادي لصالح البلاد والعباد في الأسواق والمعاملات التجارية العامة والخاصة وكذا محاربة التهريب والإتجار في العملات الصعبة وغيرها من المسارات التي تُعضِّد البنية التنموية وتُهييْ جواً عاماً يُساعد هذا الوطن على النهوض من جديد.





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 367

خدمات المحتوى


هيثم الفضل
هيثم الفضل

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة