المقالات
السياسة
يا طه سليمان ومحمد عثمان إنها الثورة
يا طه سليمان ومحمد عثمان إنها الثورة
03-15-2019 06:56 PM

كان الشعراء في الجاهلية وحتى بعد الإسلام يألفون القصائد التي تمدح السلطان وتمجده وكان هذا هو مصدر رزقهم وأكل عيشهم وكانوا يتنقلون بين الأمراء والحكام نجد المتنبي عاش في بلاط سيف الدولة الحمداني ردحاً من الزمان وكان يعيش على عطاياه يمدحة مما يجعل سيف الدولة الحمداني في حالة إنتشاء ويكيل عليه العطايا حسب نوع وجودة القصيدة وبعد فترة من المديح وبعد أن نبض ما عنده غادر الى حلب ثم الى مصر فوجد حاكمها كارفور الأخشيدي وظلّ معه حتى ملّ منه وإنقلب عليه وألف فيه قصائد هجاه فيها وغادر مصر ومن روائع هجاء المتنبي لكارفور هذه القصيدة المكونة من 28 بيت والتي أول أبياتها معروف
عـيـدٌ بِـأيَّـةِ حـــالٍ عُـــدتَ يـــا عِـيــد *** ُبِـمـا مَـضَـى أَم لأَمْــرٍ فِـيـكَ تـجـدِيـدُ
أولَـــى الـلِـئــام كُـوَيـفـيـرٌ بِـمَـعــذِرَة *** فـي كُـلِّ لُـؤْم وبَـعـض الـعُـذْرِ تَفنِـيـدُ
كانت مهنة المتنبي هي مديح الملوك مقابل المال وهذا يعتبر نفاقا حتى وإن كان شعرا جميلا وجميع شعراء العرب كانوا بهذه الطريقة فإن لم يجد المال سرعان ما ينقلب عليه وكان الشعراء ينافقون فوق التصور من أجل المنافسة وتجد الشاعر يألف قصائد تذهب الى الشرك بالله فمثلا شاعرا كان ينافق الخليفة المعز لدين الله الفاطمي قال: ( ما شئت لا ماشاءت الأقدار فأحكم فأنت الواحد القهار )
ويكون الملك في قمة السعادة وكلما نافقت أكثر زادت العطايا والناس يعتبرونه إبداعا ويحفظونه عن ظهر قلب وفي العصور القديمة في أوروبا كان الفنانون والشعراء يعيشون في رعاية الحكام والأمراء لكن بعد الثورة الأوروبية تخلص الغرب من تبعية الفنانين للملوك والرؤساء وأصبح الفنان يحكم عليه بمدى علاقته بالعمل العام ويعمل الف حساب للجمهور . لكن مازال العرب في نفس الثقافة القديمة . وفي كثير من الأنظمة الإستبدادية هنالك علاقة سرية لا يعرفها كثير من الناس بين الفنان أو الكاتب والمبدع والنظام ولم تتغير هذه العلاقة إلا بثورة كما حدث في أوروبا
الدول العربية بالرغم من مظاهر الحداثة لكن مازالت بعيدة من جوهرها ومازالوا بعقلية المتنبئ وثقافة العرب منذ عشرة قرون. ونحن في السودان شئنا أم أبينا ننتمي الى هذه الثقافة العربية ومازال معظم المبدعين والفنانيين لايرون غضاضة في علاقتهم مع النظام ويتصالحون معه ويصمون آذانهم عن صراخ ضحاياه ولا يرون في ذلك عارا ولا ينقص ذلك من قيمتهم الأخلاقية وتجد كتاب يدافعون عنهم هل عن جهل أم مصلحة لا أدري ؟هناك أدباء وكتاب وفنانون شرفاء قاوموا الطغيان ودفعوا ثمن باهظا لمواقفهم أمثال أبو عركي البخيت والفنان الراحل مصطفى سيد أحمد والشاعر محجوب شريف وغيرهم , لكن هؤلاء إستثناء الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها . والمشكلة ليست في سلوك الفنان وإنما أيضا في فهم الجمهور لواجبات الفنان , العرب سابقا كانوا يتساهلون مع المبدعين المنافقين ويحفظون قصائدهم وعلى علم بنفاقهم وكانوا يطربون لها ويرددونها كما يفعل الآن جمهور الفنانيين السودانيين يحتفي بمبدعيه المنافقين ويتجاهلون مواقفهم المشينة في عدم الإدانة للقتل والإعتقال والقهر للجمهور الذي يحبه ويردد فنه والذي حدث في حيدر أباد مع الفنان طه سليمان والإعلامي محمد عثمان أنها ظاهرة ثورية ومفرحة وقبل حادثة الفنان طه سليمان تم إلغاء حفل للفنان (جمال فرفور) في الدوحة نسبة لعلاقته بالنظام الإستبدادي وذلك برفض من الجمهور لهذه الحفلة سيبدأ الإنتهاء من المفهوم القديم في علاقة الفنان بالسلطة في المنطقة العربية من السودان

معركة التغيير القائمة الآن ما هي الا صراع بين ثقافة الماضي وثقافة الحاضر ومن أهم شروط العقد الجديد من الآن فصاعداً محاسبة الفنان أو المبدع أي كان شاعر أو إعلامي أو كاتب ليس على جودة أعماله الفنية فقط وإنما على مواقفه في المجال العام أيضا . وأجمل ما سمعت لأحد طلاب حيدر أباد حينما قال للمذيع محمد عثمان (انت على عينا وراسنا لكن موقفك هذا لا يشرف أبداً وتسقط بس) فهنا ربط إبداع المذيع بمدى موقفه من العمل العام وإن الموهبة الفنية مهما كانت قوية وأصيلة لا تغتفر للفنان مدى موقفه من العمل العام فمثلا للفنان طه سليمان معجبين بفنه ويستمعون اليه ويرددونه لكن حينما تقاعس عن أداء واجبه في التصدي للدكتاتور في قمعه للشعب وقتله للناس المسالمين في معسكر أردمتا بدارفور والذي صادف في نفس يوم الحفلة كما قالوا له طلاب حيدر أباد فلم يشفع له فنه الجيد
على الفنانيين والمبدعين والإعلاميين والكتاب أن ينتبهوا جيداً من الآن وصاعداً إن الموضوع يتعدى سلوك الأشخاص الى مفهوم عدم الفصل بين الإبداع الفني والمواقف العامة .يعني الجمهور يقيمك بمدى مواقفك العامة وليس بفنك فقط فهذا هو التغيير الحقيقي ... وإنها الثورة





تعليقات 3 | إهداء 0 | زيارات 2285

خدمات المحتوى


التعليقات
#1817683 [أحمد برستو]
0.00/5 (0 صوت)

03-17-2019 11:24 AM
ياريت لو هم فنانيين وأتوا بهذا الفن من عندهم ... ديل مجرد مقلدين

لا طه سليمان ممكن يكون محمد وردي .. ولا المذيع الجهلول ده ممكن يكون حمدي بدر الدين.


#1817554 [ود قيلي]
0.00/5 (0 صوت)

03-16-2019 01:30 PM
الموتمر الوطني جند كميه من الفنانين والفنانات او يتعاون مع البعض بعد إغرائهم براتب إضافي
محمد عثمان دا خلاص طلع من قناه 24 مستعارا للأمن وهو ذكي في الحوار واقناع بعض الشباب
لكنه عملها وعلي نار هاديه عشان ما ينكشف
اما الثور اب عمه خضراء رأسه فاضي زي عمته الخضراء وكله بكش فاضي فقط وما عنده شغله
وللارتزاق فقط
استقطاب أهل الفن جاري علي قدم وساق من الامن
وإذا مكضب احسب جرب ،،،،، والأيام بيننا


#1817474 [توفيق صديق]
5.00/5 (1 صوت)

03-15-2019 11:18 PM
هذا الله سليمان
كان المفروض فيه ان يتذكر دائما قريبه وابن بلده شمبات بل فريقه فريق العرب الشهيد هزاع
وان يحترم مشاعر ام هزاع
ولكن الأخلاق والمبادئ والمثل قسمة ونصيب


ياسر عبد الكريم
 ياسر عبد الكريم

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة