المقالات
السياسة
سُّودنة الفقه والتشريع الإسلامي (1)
سُّودنة الفقه والتشريع الإسلامي (1)
03-20-2019 03:37 AM

سُّودنة الفقه والتشريع الإسلامي (1)

حقيقة السّودنة ( SUDANISM ):
كثيراً ما يستنكر ويحتج السودانيون على استغلال الدين في السلطة , خصوصاً بعد اغتصاب الإسلاميين لديمقراطية , بينما – وكما هي العادة - يجتر المثقفين مقولة الطيب صالح الشهير ببلاهة : ( من اين اتى هؤلاء ؟ ) كعبارة راقية يتبناها أصحاب الأقلام في استنكار استغلال الدين في أغراض شخصية أو سياسية , والواقع أنه هذا الشيء طبيعي في مجتمع تعود استخدام الدين في كل شيء , بوعي أو غيره , وكانت النتيجة الطبيعية أن يصل الإسلام الى قمة الاستغلال مثلما حدث في العصور المظلمة في اروبا ومثلما فعل هتلر بفكرة العرق الأبيض صانع الحضارات , لتأتي مرحلة جديدة , تعيد صياغة القواعد والاشياء بصورة افضل , تمنع مثل هذه السلوكيات المفروضة .
إن الإسلاميين لم يأتوا من فراغ , فهم مثل غيرهم من المسلمين يعتقدون ان الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان , ولا يضيعون وقتهم في معرفة شروط الصلاحية , وهذا من نطالب به في مشروع السُّودنة , انشاء منظومة سودانية خالصة , تضبط تداول الديني في المجتمع , لا نعني العبادات بل نعني التفسير والفقه والفكر , لأنها هي السبب المباشر لظهور مثل هذه الحالات الشاذة , بحيث يكون مصدرها العميق فهم وقراءة المجتمع السوداني وحاجاته , وهو ما لم يحدث قط , في تاريخ السودان الحديث .
بقراءة سريعة لفهم الفكرة العامة , اذكر عندما كنا طلبة بالجامعات , كان الأساتذة يطالبونا بشيء تافه , يدعى شروط كتابة البحث واخراجه , خلاصة الامر تقول القواعد , الصفحة الأولى عنوان البحث , ثم البسملة , ثم اية او حديث , ثم الاهداء , ثم المقدمة ... الخ , لو كان هذا البحث في الفيزياء النووية او الكيمياء الحيوية او الفضاء , او حتى الفقه .
وهنالك ايضاً قاعده مهمة تشير الى , الاستدلال بالكتاب والسنة , في المواضيع التي تستحق ذلك , لكن الذي حدث أنها أصبحت تستخدم في غير موضعها , بمناسبة أو غيرها , وهذا ما ليس له مبرر على الاطلاق , بل يخرج المقدس من قدسيته , ويجعله ثم جبة يمكن فتقها وترقيعها من أي ناحية , وهذه هي الظاهرة الغالبة على المجتمع السوداني , فلو تحدث الشخص عن القلب وجراحته , جاء بآيات من الذكر الحكيم , تحدث عن تغيير الملابس وطرق تصميمها , بالتأكيد سيذكر , انما الحياة الدنيا زينة وتفاخر , وعندما تضع الميزانية العسكرية للجيش السوداني , واعدو لهم ما استطعتم من قوة ورباط الخيل , هذا هو الإسلام الاجتماعي , شيء لا علاقة له لا بالصلاة او الصوم .
في الشارع العام السوداني , يدخل الناس في جدال ديني , بمعرفة او بغيرها هكذا كما اتفق , وبدون سبب , فقط لا استعراض عضلاتهم في المعرفة الدينية , أو من اجل اثبات أن الآخر على خطأ وفهمه لا يمت لكتاب والسنة في شيء , وكأنهم يردون ارسال رسالة , أن هذا الإسلام لا كرامة له , ولا اهل له , فكل من هب ودب يمكن ان يفتي فيه ويخرج الكتب ويظهر في التلفاز ويدعي المعرفة , وأن أي شخص ( مسلم ) في هذا العالم الإسلامي , اعطى نفسه حق الدفاع ونشر العقيدة والدين , بالمنطق أو بغيره , علي سبيل المثال لا حصر , في أعياد المولد النبوي بالسودان , تلاحظ فوضى الفهم الديني والشخصنة , بكل ما تعني الكلمة من معنى , فتجد معترض من السلفيين , يشد خيمته على قارعة الطريق , يشتم ويسيء الى الصوفية و يكفر ويهلل وثم يكبر ويعلن الجهاد على الكفرة الصوفية , وفي ركن الثاني صوفي متشدد , أيضاً يبرر ويهتف ويكفر ويشتم , حتى يضيع الأطفال بين هذا وذاك ويشترون الحلوى سريعاً , للهروب من هذه الفوضى والجدل السخيف , من هنا جاء هؤلاء ؟ من هذه الفوضى لتفسير والفهم والسلوك الديني .
من هذه الفوضى جاء هؤلاء ؟ اعني تلك الفوضى التي جعلت كل مسلم يعطي لنفسه حق النيابة عن الرسول الكريم , في القول والفعل والقهر والقتل ؟!!, تلك الفوضى التي اعطته ايضاً الحق في ان يكون الوصي على كلمات عمر بن الخطاب , بل يكون هو المتعهد الرسمي لأفكار ابن يتيمة , من تلك الفوضى اخذ بعض المسلمين تفويض شخصي من الحلاج للصراخ باسمه , وهي ايضاً اعطتهم عقد مُوثق من ابن عربي ليفسر القرآن كما يشاء , وهي التي أعطت ذات الحق لأيمن الظواهري وبن لادن والترابي والقرضاوي وغيرهم , لتنفيذ فكر حسن البنا , الذي اعطى لنفسه هذا الحق ايضاً قبلهم , فاخذو ينشرون الكتب , ينضحون ويبدعون , ويجددون , ويضعون الفتاوي , فزادت الفوضى اكثر , والعامة آلات جيدة لتحوير المنتج واستخدامه , من هنا جاء هؤلاء ؟!! من هذه الفوضى , سادتي.

حاتم محمد
[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 307

خدمات المحتوى


التعليقات
#1818196 [قوز المطرق]
0.00/5 (0 صوت)

03-20-2019 09:39 AM
كلام كبير عايز بحث عميق عشان الناس تصل مرحلة وعى كبير فالامام الغزالى له مجلدات ومن علماء المسلمين قابلنى احد جيراننا وهوانصار سنه فى ذلك الزمن وانا شايل كتاب احياء علوم الدين تخريج الحافظ العراقى وجارنا هذا خريج مدرسة صناعية تبريد وتكييف وهو رجل احترمه جدا.
بعد السلام اخذ كتاب الاحياء وقال لى الكتاب دا يجب تسميته اماتت علوم الدين
فاستمعت اليه ولم ادافع حتى لانى مؤمن تماما انه لايعرف شىء عن الكتاب ولم يقراه
ولا يعرف عن الامام الغزالى الكثير وهو ينقل صدى مايسمع .


حاتم محمد
حاتم محمد

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة