سُّودنة الفقه والتشريع الإسلامي – (3)
03-22-2019 03:07 AM
سُّودنة الفقه والتشريع الإسلامي – (3)
حقيقة السّودنة ( SUDANISM ):
تلخيصا لما سبق في أن الدين الإسلامي اليوم يحتاج لمنظومة جديدة , لا تخرج من فكرتنا التي نطرحها في شباب السُّودنة ( SUDANISM ) التي تقوم على انشاء منظومات خاصة لكل بلد وشعب حسب طبيعة سكانه وتاريخه وفكرته وهدفه , ولا يوجد موضوع سيواجه الشعب السوداني بعد نجاح الثورة أكثر قوة من علاقة الدين بالدولة , وذلك لسبب بسيط لان الدين الإسلامي اليوم , اصبح مثل اللوحة السريالية , كل شخص يقرأه كما يحب ؟ ويأخذ منه ما يحب ؟ ويفهمه ايضاً كما يحب ؟
نحن هنا لسنا من اجل الفقه أو التشريع , فهذا ليس مجالنا ولا يمكننا الإفتاء فيه , بل نحاول طرح فكرة عامة يمكنها ان تحافظ على نقاء التشريع وقدسية الدين من شذاذ والمرضى والمهوسين , وفق آليات معروفة ومحددة , تؤكد احترام المقدس وتحافظ على قدسيته كما يجب , فعندما يخرج الرئيس عمر البشير , ويفسر : ( لكم في القصاص حياة ) , في مقام ليس هو ذات المقام أو المكان ذات المكان , فهذه المصيبة تقع على الدين وقدسيته في الواقع , أو عندما يخرج الشيخ السنوسي ويفتي امام العامة : بان شهادة المرأة تعادل شهادة الرجل , فهذه فتنه , بالضبط كامامة المرأة , فكل هذا هو إهانة للدين الإسلامي , في الواقع , وعندما يخرج شيوخاً يحرمون الخروج على الحاكم أو يحلونه هكذا مبتوراً امام العامة , فهذه طامة كبرى ايضاً .
اختصاراً , نحن في شباب السُّودنة ( SUDANISM ) , نحاول ان نقدم مفاهيم جديدة , قد تعيد للقيم السودانية عزتها وكرامتها , وبالتالي للإنسانة, وما نقوله ليس ضياعاً للزمن وبل شيء يمكن تحقيقه , فهناك حوادث عامة لم تأخذ حقها من التأمل والتفكير , ونحن فقط نذكر بها المفكر السوداني اليوم , عسانا نستطيع أن ننقذ ما يمكن إنقاذه من احترام ثقافتنا وانسانا .
سن التكليف بالإمامة , قيادة الامة :
لقد اجتهد الفقهاء منذ زمن بعيد , في تحديد ماهية القائد ونوعه وشروطه , ولكنهم لم ينتبهوا لأول حادثة في السلام , وهي عمر النبوة نفسه , فنبي الإسلام بدا دعوته في الأربعين , فإن الرب كان يمكن ان يبعثه قبل ذلك , ولكنه لم يفعل ؟! , فلماذا الأربعين تحديداً , ببساطه , لان الأربعين هو العمر المناسب لقيادة الامة أو الجماعة , وذلك يعني بلغة أخرى أن الأربعين , عادة ما يكون السنّ الذي يتغير فيه فهم الناس ويبلغ الشاب مبلغ الرجال , ويتنازل عن التهور والتسرع , ليس شرطاً كلهم , ولكن على الأقل تكون لديه تراكمات معرفية كافيه من الكتب والدراسة والمجتمع , تجعله قادر على القيادة المتوازنة للمجتمعة , بما فيها امامة الصلاة والمساجد والدعاة وغيرهم .
فالسؤال هو , لمّا بعث النبي الاسلام نفسه في الأربعين , فكيف لشخص لا تتعدى خبرته في الحياة سوى كم من الكتب وقاعات الدراسة او حلقات الذكر , يأتي هكذا ليطرح نفسه مدافع او مجدد للسلام , وفي بعض الحالات يكون الشخص غير متزوج , ولا يدرك المعنى الحقيقي لتربية الأطفال والاسرة , لماذا لا يفكر المسلمون , في تحديد , مقدرات خاصة للدعاة والمتحدثين امام العامة , تنطلق من هذه المبادئ البسيطة , لتحكم تلك الفوضى المنتشرة في فضاء العالم الإسلامي .
ما نحاول قوله لا علاقة له بقصة أسامة بن زيد في قيادة الجيوش , فقيادة جيش تحتاج لصرامة والدهاء والعزيمة من اجل النصر وسحق العدو – يعني , قيادة محدود الهدف والمضمون والابعاد - بينما قيادة امة تحتاج للحكمة وتريث , لا توجد أي مقارنة بين الفكرتين على الاطلاق , وهذا لتوضيح .
لا تجمع امتي على باطل :
روى الترمذي (2167) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ ، وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ ). وحسنه الألباني.
قد تكون هذه القاعدة من القواعد الأساسية التي لا يهتم بها الفقهاء تحديداً , دعك من العامة , خصوصاً لفهم النصوص الدينية , خصوصاً في غياب الساحات والمجالس الخاصة التي يتجادل فيها العلماء فيما بينهم في أمور تخص الدين , وبالتالي اصبحت الساحة العامة هي منطقة الصراع , أي عقول البسطاء ومحدودي التفكير والمعتقدين في كل شيء , وهذه هي الفوضى بعينها .
النقطة الأولى :
حتى يكون الامر واضحاً للجميع ويتضح الامر , هذه القاعدة تعني ببساطة , عندما يتفق المسلمون ( العلماء ) على شيء , فهو الحق بعينه , بطريقة أخرى اذا كان اليوم في السودان , شروط محدده , ومقاييس ومعاير ثابته , تحدد من له الحق في الإفتاء أو تغير الفهم أو الدعوة , وكانت هنالك لجان ثابته وقوانين تخرج لنا من هؤلاء السادة , ذو المقدرات العقلية العالية في الفهم وقياس الأمور وابعادها , من الناحية الاجتماعية والنفسية والدينية , ويستطيعون تقدير الطيب من الخبيث , سيكون الامر سهل على أي شخص , مهما كان - مجتهد أو مواطن بسيط – يريد تقديم اعتراض على شيء ما , ان يتقدم لهؤلاء السادة , أي علماء السودان , يطرح القضية بالنسبة لهم , فلو اقتنعوا بنسبة مئة بالمائة , تصبح قاعده فقهية , وهكذا .
بطريقة أخرى أليست هذه الممارسة الديمقراطية التي يتهرب منها هؤلاء السادة , لكن لأن العادة القديمة التي سرت في العصور القديمة , جلعت الدين مرعى للعقول وللعلماء واشباههم , واخذوا يفتون ويناقشون ويجادلون بلا ضوابط محددة , وكانت النتيجة أن خرجت لنا هذه التنظيمات الإسلامية التي تحاول الوصول للسلطة عن طريق الدين فقط , بلا هدف او منطق .
حتى مجالس الإفتاء , ومجلس الشورى , أو أي مسمى لأي كيان إسلامي اليوم , لا يمثل الامة مجتمعه , انما يمثل نفسه فقط , والمقصود بهذه الفكرة , أن يكون هنالك حق تصويت لكل الامة والمؤهلين علمياً واكاديمياً , كما في الجزء الأول , ليصوتوا حول فهم قضية معينة , حتى تتحول الى فهم عام للجميع , وتنتهي هذه الفوضى الدينية التي لا معنى لها على الاطلاق .
النقطة الثانية :
الشيء الذي لا مبرر لها على الاطلاق , عدم وجود قوانين صارمة تمنع هؤلاء الناس من اللعب بعقول المساكين والبسطاء , لدرجة انها أصبحت مخجلة حقاً , وكأن هذا الإسلام , لا ضابط فيه او رابط , فاليوم عندما يأتي شخص ما , ويقف امام الجمهور ويحدثهم عن أمور دينهم , هكذا بلا قيود مرجعية , أو بطاقة تأهله لهذا العمل , وهل هذا شيء طبيعي في اعتقادكم ؟
فالمحامي او القاضي العلماني . لا يستطيع ان يقف امام المحكمة ما لم يكن له تفويض , ومر بامتحانات يشيب لها الرأس , ليصبح محامي , محكوم بفهم المُشرع السوداني للقانون , وهنالك محكمة عُليا تبث في فهم مسألة قانونية معينة , اما ذلك المكوّن الاولي الذي ينشأ عليه اكثر 95% من أبناء الشعب السوداني , لا رابط له او ضابط , لا قانونياً او اجتماعياً , أليست هذه الفوضى التي نتحدث عنها , فيخرج لنا الاخوان المسلمين ( الكيزان ) ونحن نقبل , انصار السنة , يا مرحبا , التكفير والهجرة , على مضض , ... الخ .
النقطة الثالثة :
القدسية المفرطة للأشخاص , وهذا ما يمكن حسمه بهذه الفرضية , أن الشخص مهما بلغ علمه , لا تعتبر افتاءه ملزم للامة , ما لم يكن هنالك اجماع عليها , مثل قضية التدخين والسجائر , فهذه الآلية الجماعية هي التي تعيد للشعب السوداني كرامته , لا يوجد اجماع حقيقي , أو آلية تحقق هذا الاجماع على المستوى الفهم الديني للأشياء , ويستعاض عنها بتقديس الأشخاص ومناصريهم , وكأنهم ومناصريهم على حق , بقية الشعب على باطل .
نحن لسنا ضد الاجتهاد في الدين , أو المعرفة , ولكن نحن ضد الفوضى التي يدفع ثمنها نهاية الامر المواطن السوداني بسبب الدين والمفاهيم الخطأ عن الدين وعلاقته بالأشياء , مثل ذلك الفيديو الذي انتشر قبل مدة عن الرجل الذي يغسل وجهه , بالماء المتساقط من اقدام شيخه اثناء الوضوء .
مثل هذه المفاهيم هي ليست وليدة اليوم , ولكن للأن الدين اصبح مثل المطية الشاردة في صحراء , من يجدها يصل بها الى مقصده كان من الطبيعي أن يخرج لنا مثل الدكتور الراحل : حسن الترابي , درس الحقوق , ويأتي هكذا بمنهج ديني جديد , تأسس عليه امة ويشوه الدين وفهمه , أليس هذا مخجلاً لكم ؟
عندما يأتي مثل د. على منصور الكيلاني , دارس للمعمار , ويقدم شروحات للقرآن هكذا , تقوم على نظريات علمية وليس ثوابت علمية , هكذا , أليس هذا إهانة لدينكم ؟
وغيرهم , وغيرهم
خلاصة هذا المنهج السوداني , أن المنظومة الدينية السودانية تحتاج , لقوانين خاصة تمنع كل من هب دب في استخدام الدين , أو الحديث باسمه , وتمنع تناول الدين والاستدلال به في الاحاديث العامة والسياسية والخطابات وغيره , وفي نفس الوقت توفير منابر للمناقشة العلماء الحقيقين المؤهلين وفق آلية محددة واضحة , وليس العامة , فهذه الفوضى الدينية في الفهم , جعلت الإسلام في السودان , منظومة اكثر ضرراً , من كونه دينا جاء للإصلاح .
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
حاتم محمد
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|