المقالات
السياسة
أي (كوز ندوسو دوس) مع وقف التنفيذ
أي (كوز ندوسو دوس) مع وقف التنفيذ
03-22-2019 02:28 PM

أي (كوز ندوسو دوس) مع وقف التنفيذ
في العصور البدائية ،إذا ارتكب فرد من قبيلة جريمة كان العقاب يحل بأفراد القبيلة جميعا باعتبارهم مسئولين جميعا عن أفعال كل فرد فيهم وتشتعل الحرب وتستمر عشرات السنيين ويموت فيها آلاف الأنفس البرئية ولا ذنب لهم سوى انهم ينتمون الى هذه القبيلة وهذه تسمى مرحلة المسئولية الجماعية, ثم تطورت الإنسانية وأقيمت دولة القانون التي استبدلت المسئولية الفردية بالجماعية فصار كل شخص مسئولا فقط عن أفعاله وليس عن أفعال سواه حتى لو اشترك معه في الدين أو الجنسية أو القبيلة أو الحزب
وحتى في الغرب المتحضر النقاش الدائر الآن بشأن المهاجرين المسلمين يعكس في جوهره، اختلافا حول مسئولية المسلمين ان كانت جماعية أم فردية وظهرت جماعات اليمين المتطرف وإعتمادهم على المسؤولية الجماعية وبالتالي تفشت العنصرية حيث اليمين يعتبر المسلمين جميعا مسئولين عن العمليات الإرهابية التي يرتكبها مسلمون مثلهم حتى لو لم يشتركوا فيها، وأحزاب اليسار وجماعات حقوق الإنسان يدافعون عن مبدأ المسئولية الفردية ويؤكدون أن كون الإنسان مسلما ليس سببا لأن يكون مسئولا عن الإرهاب بأي شكل.وحادثة مسجد (نيو زيلندا) ماهي الا نتاج المسئولية الجماعية التي ينتهجها اليمين المتطرف في الغرب ويعتبر كل المسلمين مسؤولين عن العنف والتطرف الذي قام به تنظيم القاعدة ثم من بعده (داعش) والرئيس الأمريكي ترامب اعتمد فكرة المسئولية الجماعية عندما منع المسلمين من دخول أمريكا لأنه يعتبرهم مسئولين جميعا عن الإرهاب، لكن المحاكم الأمريكية كان رأيها واضحا في الدفاع عن المسئولية الفردية فأبطلت قرارات ترامب لأنها مخالفة لأبسط قواعد العدالة التى تمنع أي عقاب جماعي لمجموعة من الناس على جرائم لم يرتكبوها.
المسئولية الجماعية لا تشجع فقط على الكراهية والعنف وإنما أيضا سبب أساسي للعنصرية والهمجية فلو كان شخص حمل سلاح بعد أن فشل في تحقيق رؤيته بالمفاوضات أو قل لم يتم الإستماع اليه وينتمي هذا الشخص الى قبيلة معينة ومن منطقة جغرافية بعينها فما ذنب قبيلته المسالمة لكي يشردون ويقتلون وتحرق قراءهم وتسلب أموالهم وتنتهك أعراضهم ؟ ويتم مطاردتهم بين المدن وفي الأسواق والسبب هو أنهم ينتمون لقبيلة ومنطقة هذا القائد ويتم تلفيق التهم إليهم جزافا , هذه هي المسئولية الجماعية والهمجية التي مارستها حكومة (الكيزان) في الجنوب حين تدخل على القرى يتم حرقها بما فيها ولم يسلم البشر ولا الشجر ثم مارستها مع أهل دارفور وفي جبال النوبة تطارد الأطفال (بالمانتوف)حتى لو دخلوا جحر جبل وليست من حضارة في شئ والحضارة تعتمد في جوهرها على تحضر السلوك والتفكير , منذ أن إستولت الجبهة الإسلامية على الحكم بإنقلاب عسكري إنتشرت فكرة المسئولية الجماعية والعقاب الجماعي وهي تمارسه بصورة مقززة بين الشعب الواحد لكل من يخالفهم الرأي وكل من لم تعجبه عبقرية (لصوص) المؤتمر الوطني واليوم تحصد الجبهة الإسلامية ما زرعته خلال ثلاث عقود مارست خلالها المسئولية الجماعية ضد المعارضين لسياساتها , ولقد أصابت المجتمع (بالتشويش) ولكل فعل ردة فعل لقد ضاقت صدور بعض المعارضين وأصبح كل من يخالفهم وجهة النظر أنه (كوز أو جدادة).

عموماً إذا لم تغير الحكومة خطابها الإستفزازي وإستمرت بهذا الخطاب وفي قمع الشبان والشابات المسالمين وبالأساليب المهينة للشعب والتي تم فضحها في جميع القنوات الفضائية من ضرب عنيف للنساء والأطفال وإعتقالات عشوائية ومداهمات للبيوت دون مراعاة لحرماتها ضاربة بالعرف والتقاليد الإسلامية عرض الحائط وقتل للشباب وإنسداد الأفق أمام أي تغيير عندئذ أي (كوز ندوسو دوس) فلن يكون شعاراً فقط.
والمطلع على وضع الشارع السوداني يجد هنالك تغير تام في سلوك السودانيين وهو الأعنف من أي وقت مضى وهذا شئ مخيف لأن الأيام لا تنبئ بالأفضل وعلى العقلاء من هؤلاء أن يتداركوا الأمر قبل الإنفجار العظيم وهو آت آت لا محال والتمن سيكون غاليا أما بقية الشعب في إعتقادي ليس لديه الكثير ما يخسره , صحيح تربيتنا الأخلاقية تتميز بالتسامح والعفو عن الآخرين ولكن الأخلاق والسلوك ليست بكتلة ثابتة أو جامدة فالاخلاق ظاهرة اجتماعية تتغير دائما وفقا لظروف المجتمع.والظروف السياسية قادرة على إخراج أفضل أو أسوأ ما لدينا من تصرفات وفي هذا النظام السياسي العقيم وغياب العدالة وإعتقالات للصحفيين النبلاء الشرفاء وإطلاق العنان للصحفين الأفاقين الزمارين يقولون ما يشاء لهم جهاز الأمن عندها لن يستطيع المجتمع الحفاظ على تماسكه الأخلاقي وفي ظل هذه الظروف الإقتصادية الراهنة والناس يعلمون أن فئة معينة ومحدودة مستحوذة علي كل شي وبقية الشعب تقتله الأمراض والجوع عندئذ ستفقد الوطنية معناها وسينفجر الغضب المكتوم وأي (كوز ندوسو دوس) فلن يكون شعارا فقط ... اللهم اني قد بلغت اللهم فاشهد‏

ياسر عبد الكريم
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 634

خدمات المحتوى


ياسر عبد الكريم
ياسر عبد الكريم

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة