المقالات
السياسة
عندما يصبح الصمت حقاً..!!
عندما يصبح الصمت حقاً..!!
03-26-2019 10:43 PM

هيثم الفضل

رغم أن الأستاذ / حسين خوجلي من أصحاب الفطن ، وغيره الكثيرين من نُخب بلادي التي أنهكها الفقر والتقهقر الفكري والأخلاقي وسيادة الظلم وإختلال ميزان العدالة ، أجدني مضطراً وبعد ما أثاره حديث الأستاذ خوجلي من لغط حول منطق أن 98 % من الكتلة الإجتماعية في السودان من المسلمين ، أو بتفسير آخر من المؤيدين لحكومة الإسلام السياسي المُسماة بحكومة المؤتمرالوطني والتي يرى 98 % من الشعب السوداني أن منهجها الذي تتَّبعه في إدارة البلاد والعباد لا يمُت لتعاليم وأخلاق وشرائع الإسلام بصلة ، وبغض النظر عن الإفتراضين السابقين فيما كان يريد حسين خوجلي من قولته المشهورة ، أقول أن المنهج الديموقراطي الذي تدعي الحكومة الحالية إنتماءها إليه عبر خطابها الموَّجه للثوار الذين يرفعون راية الحرية والسلام والعدالة في الشوارع والمزركش ببرواز محتواه الآتي (لا سقوط للحكومة إلا عبر صناديق الإقتراع) ، مما يدفعني ومعي آخرون كمنتمين للمنهج الديموقراطي على مستوى تطابقه وعدم تناقضه مع الدين الإسلامي ، أن أذَّكر أولئك الذين يعتقدون أن المنهج الديموقراطي هو مجرد سيادة مطلقة للأغلبية ، بان المنهج الديموقراطي هو قبل ذلك مساراً أساسياً لفكرة إتحاد المتناقضين والمختلفين وتعايشهم وتحالفهم حول فكرة الإنتماء لدولة واحدة.

مثل ذلك ما قاله العلماء والفقهاء في من يختصرون ويُحجِّمون الفكر الإسلامي حول تنظيم الدولة ، في مجرد تطبيق الحدود الشرعية ، ونسوا أو تناسوا عمداً أن المنهج الإسلامي في إدارة الدولة يتجاوز هذه الجزئية الضيقة بكثير لينفُذ إلى كافة تفاصيل إدارتها عبر قطاعاتها الثقافية والعلمية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية في الداخل والخارج ، لذا فالمنهج الديموقراطي ليس إلا تخطيط هيكلي لمنهج الشورى في الإسلام ولا يضير ذلك إن كان قد تبنَّته قبلنا دولاً أخرى لا تدين بالإسلام ولكنها تعترف به وتأخذ منه الكثير من المناهج والعلوم والقيَّم وتمهد شتى السبل لمعتنقيه في أراضيها لممارسة شعائره وطقوسه ليس بالمطلق ولكن يبقى هذا في الغالب الأعم.

المنهج الديموقراطي هو السبيل الوحيد للعبور بتعددية العقائد والأعراق والثقافات في السودان إلى بر الأمان والتعايش السلمي ، لا إعتداد فيه بقوة الأغلبيه إلا حول صناديق الإقتراع ، أما في سائر قطاعاته الأخرى التي يعالجها ويتماهى معها فهو وبالمطلق (يساوي) بين الجميع أغلبيةً كانوا أم أقلية في مسارات كثيرة ومتعدِّدة أهمها حرية التعبير السلمي عن الثقافة والموروث الإجتماعي والمشاركة السياسية والإستفادة من الموارد الوطنية والإحتكام إلى دستور وقانون لا يفرِّق بين الناس إلا بالمنهج التجريمي الموثَّق ، فضلاً عن كل ذلك حرية وإمكانية ممارسة الكل لشعائره العقائديه وهذا أيضاً لا يتناقض مع الإسلام إذا ما نظرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يؤالف اليهود في المدينة المنوَّرة وكان عليه صلوات الله وسلامه على رأس الأغلبية.

فيا أيها الذين جلسوا على عرش (النخبوية) الثقافية والإعلامية والفكرية في بلادنا المنكوبة (بالشِقاق) لا تخذلوا هذا الشعب الذي عرف الإسلام قبل أن تولدوا بمئآت السنين ، بما تبثونه في النفوس من إشارات تفيد (رهانكم) الخاسر على غفلته وما يعانيه من مواجع بسبب فشل وفساد وطغيان الدولة ، أن كل من عاداكم أو كل من طالب بحقٍ أو حارب باطلاً هو معادٍ للإسلام أو يطلب بسعيه هذا ديناً غيره ، عودوا إلى رشدكم وقولوا صواباً أو إصمتوا فهذا زمان الفوز بالصمت للذين لم يفتح الله عليهم بلسانِ حقٍ حين ساد الباطل.





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 306

خدمات المحتوى


هيثم الفضل
هيثم الفضل

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة