المقالات
السياسة
دفع الحراك الشعبي للأمام
دفع الحراك الشعبي للأمام
03-28-2019 11:46 PM

لا حاجة لتكرار وصف الحال المعقد المأزوم، فالسودانيون يكابدون ظروفا اقتصادية*صعبة للغاية فيما تخيم اجواء من الخوف علي انحدار الاوضاع الي ما هو اسوأ بكثير.

غير ان الامل ينبعث من وعي الجميع ان تغييرا جذريا بعيد المدي ، لازم و ضرورى.* هذا الوعي العميق المدي يمكن ملاحظتة في حركة ملايين الناس المتدفقين الي الشوارع ، و في*معنى الشعارات المرفوعه و في الحماس المتفجر و في العفوية المنسابه.* بشكل خاص، تثير انتباهنا الطبيعة العفوية للحراك لانها هي مصدر قوته و ضعفة ، في ان. هذه العفوية ، الي حد كبير، اربكت الاجهزة الامنية التي تدربت طويلا علي رصد و ملاحقة السياسيين و النشطاء. انما هذه المرة، يخرج هؤلاء الشابات و الشباب متسللين من شوارع الاحياء السكنية و من الاسواق كالنمل و يهاجمون كالطيور الجارحة. من الصعوبة، تقليديا، ان تري الجسارة في فتاة انيقة و التحدي في صبي متمرد.* اتضح ان هؤلاء القوم يحملون ارادة حديدية و شجاعة عصية علي القمع. كان كافيا في الماضي ان تنقض الاجهزة الامنية في الليل علي قيادات الاحزاب - التي اصابها الهرم -* فتكاد تشل الحزب باكمله في الصباح. لا احد الان يعرف من اين و كيف يتجمع هؤلاء الشباب المنتفضين لتنظيم مظاهرة حاشدة.*

الي حد كبير، في تلقائيته المذهله، بدا الحراك معزولا عضويا عن التجمعات الحزبية و النقابية القائمة. لقد منحه هذا الانعزال قوة من نوع اخر.* بالطبع، لا يمكن** اغفال دور الاحزاب و الناشطين في بناء و تحفيز الوعي الذي تخلق منه ،علي مدي طويل، الحراك نفسه.* فقد ساهمت الاحزاب و المنظمات المدنية و التجمعات النقابية المتمرده علي سطوة السلطه و كثير من الافراد في فضح طبيعة النظام العسكري/الاسلامي و بطلانه و كشف الغطاء عن ايدلوجيته الدينية المزيفة.*

لقد تشكل تيار يساري عارم. هنا، يبرز - علي نحو مثير للجدل-* دور "تجمع المهنيين" كملهم و راسم لجدول التظاهرات في الخرطوم ، بشكل خاص. كما يمكن ايضا ملاحظة نشاط واسع لكوادر التجمعات الشبابية المرتبطة بشكل او اخر* بالاحزاب النشطة مثل الحزب الشيوعي و حزب المؤتمر السوداني. لكن المؤكد ان وراء كل اولئك،* قطاعات اجتماعية*اوسع مستعدة لتعبر عن مقاومتها او رفضها او غضبها الشديد علي السلطة و علي المسؤولين الحكوميين. يمكن ملاحظة ذلك بوضوح في المناقشات و التعليقات التلقائية علي جانب طريق او في مطعم او داخل حافلة نقل. انهم جميعا غاضبون بشكل خاص من الرئيس البشير و من (الكيزان).* لا يوجد في الواقع جماعة معينة اسمها (الكيزان)،* لكنها موجوده في المخيال الجمعي كتشخيص للفساد المنتشر وسط الافراد المرتبطين بالسلطة و بتنظيم الاخوان المسلمين.

طابع العفوية هو الذي يميز الهبة الشعبية و يمنحها الزخم. لكنها من جانب اخر ربما* تكون هي نفسها مقتل الحراك،* تدفعة* للوقوع في أخطاء كارثية، ورهانات غير مأمونة.

لابد من ادراك جملة من الامور حتي يمكن انجاز التغيير الكبير. هنا، من المطلوب علي وجه عاجل ان يبرز الحراك قياداتة الطبيعية القادره علي خلق صلة عضوية و يومية مع حركة الشارع. لا بد ان تكون هذه القيادة معلومه و قادره علي كسب ثقة الجماهير ،* و لديها وضوح بشأن الاهداف النهائية الممكنه و أن تمتلك الموهبة علي ابتداع تكتيكات ذكية و فعالة و*مقدره علي المرونه و المساومة. سيتجلى ذلك اولا في مقدرة هذه القيادات علي تكوين تحالف عريض و حقيقي، مستوعب و متوافق علي برنامج حد أدنى واضح المعالم.* لا يمكن* ان يتم ذلك اذا كانت* قيادات اطراف التحالف نزاعة الي استخدام*شعارات تقسيمية و الي احياء الاختلافات فيما بينها لأغراض التعبئة السياسية.

يجب ان تعي قيادات التغيير، ان تجربة الانتقال الديمقراطي هذه المره ستكون مختلفه كثيرا عن التجارب السودانية السابقة ( اكتوبر و ابريل)*، بفعل ظروف كثيره و متشابكة.* كانت اكتوبر او ابريل، الثورتان الملهمتان للشعب، في حقيقتهما*، حركات نظمتها و قادتها بشكل أساسي النخب*في الاحزاب و النقابات و الجيش و بدت مسيرتها و نتائجها محصله لتفاعل عجل بين هذه المكونات.* يختلف الامر هذه المرة.*هذه نقله نوعيه كبري.* خلال ثلاثين عاما من الحكم العسكري/الاسلامي نشات حقائق اخري علي الارض و برزت مؤثرات*داخلية و خارجية.* ظهرت وسائل جديده للتواصل بين الافراد و الجماعات؛ اعادت مجتمعات*المدن تشكلها بطريقة مختلفه.* في الريف، انحسر نفوذ الطوائف الدينية و برز دور خاص للقبيله. لا بد من فهم كل ذلك. و* لابد ايضا* من استيعاب الدور الحاسم لجمهور الشباب و النساء الذين باتوا يشكلون اغلبية كاسحة و صوتا اعلي.* من الضرورى استيعاب الصوره الكامله التي تصنعها كل تلك التفاعلات حتي لا ينفصم* التواصل المطلوب مع الجمهور و يبقي الحراك بلا قيادة فيناله التعب او يتم قمعة فيتفرق من غير تنظيم.

يظل الخيار الذي يفضله الغربيون المؤثرون هو تدخل قيادات الجيش في اللحظة المناسبة والاستيلاء* علي السلطه و ازاحة البشير، و ربما تقديم حلول (غير جوهرية)*بدعم* مالي محسوب من الدائنين.* هذه وصفة مفضله* عند* "الخواجات".* لكن اي خيار متاح الان امام الحراك الشعبي يبقي مرتبطا بضمان دعم الجيش الي حد التزامه بمراقبة العملية الانتقالية*و الحفاظ على الامن و العمل مع قيادة الحراك الشعبي باتجاه إصلاحات جوهرية*في هيكل السلطة و تطويرها نحو عملية انتقال حقيقي.* في رأينا ، يمثل هذا خيارا ينبغي أن تنشده قيادات التغيير كخيار اسلم لا يجب وضعه في خانة النكوص عن اهداف الانتفاضة الشعبية او اعتباره* مساومة علي المبادئ . لكن هذا الخيار يبقي صالحا فقط في حالة قدرة قيادات التغيير علي طرح برنامج يعني بتحديد معالم محدده للمرحلة الانتقالية، منها

- الإجماع على احترام المؤسسات والإجراءات الديمقراطية و الحقوق والحريات.
- ايجاد حلول سريعة للازمات المعيشية
- الاتفاق علي برنامج اقتصادي اسعافي
- اعادة هيكلة مؤسسات الدولة
- تنفيذ حملة ضد الفساد و المفسدين و استرداد الاموال المنهوبة

لابد ان تمتحن قيادات التغيير*قدرتها على ادارة الحوار و المرونة*في اجراء التسويات والتفاهم خاصة مع العناصر المعتدلة في السلطة التي تقبل باجراء اصلاحات واسعة، باتجاه تغيير ديمقراطي.*





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 284

خدمات المحتوى


التعليقات
#1819772 [الكيك]
0.00/5 (0 صوت)

03-29-2019 11:35 PM
يا حامد عوض كلامك معقول بس لازم تفهموا يا جماعة أن تجمع المهنيين هذا هو تجمع وجماعة وقيادته جماعية وجماعية غير جامدة بل متحركة ومفتوحة ومنفتحة على كل موارد الأفكار النيرة والمعقولة لعموم من ينشدون التغيير ويفهمون ومقتنعون بدواعيه ومن ثم فكل من يساهم يمكنه أن يجد نفسه في القيادة أو أن فكرته قد وجدت طريقها إلى برنامج التجمع وتم تبنيها وتطبيقها وأنا لا أفهم محاولات البعض تجسيد هوية هذا التجمع في شخص أو اشخاص محددين بعينهم إلا تحديداً جزافيا، لأنه من الصعب تصور هذا الحراك العريض في الشارع والذي يضم كافة ألوان الطيف ولا نقول القديم فلا يوجد في هؤلاء الشباب من يمثل أيا من ذلك، لأن فكرتهم المركزية للتغيير هي الخروج من ذلك الواقع التقليدي، بل هم لا يرون وجوده أصلاً ولم يكونوا جزءا منه، وهذا ما يجعل وصفهم بأنهم شباب المستقبل وبس سواء كانوا أبناء ضحايا التمكين أو أبناء المتمكنين أنفسهم لا فرق ولذا لا يمكن حصرهم في مجموعة قيادية محددة اللهم إلا إذا قرروا هم ذلك وقدموهم كمجموعة بمهمة محددة كوضع جداول الخروج ورفع شعارات وهتافات محددة، وهذا أمر داخلي لا يقتضي ظهور من أنجزوه للعلن وبخلاف ذلك لا يوجد في هذه المرحلة من تفويض مجموعة محددة منهم لعمل شيء يخص الطرف الآخر المراد تغييره قبل إنجاز المرحلة الاساسية الراهنة ألا وهي إسقاط النظام. وبعد إسقاط النظام تتلو مهمات جديدة لا تتعلق بالتجمع وحده إذ أن الفكرة هي ترشيح الأشخاص لمؤسسات الحكومة الانتقالية حسب ما هو متوافق عليه من دستور وقوانين مؤقتة أو انتقالية وهي تقريباً جاهزة لأنها ستقوم على مبادئ لا خلاف عليها مثل العدل والمساواة وحرية المشاركة واعتبار كل ما سواها ويناقضها كأن لم يكن. فالترشيح علني والطعون عليه متاحة ولا احد يفرض أحدا. وحيث ستنشأ كافة مؤسسات الدولة على هذه المبادئ فلا تحتاج صياغتها لطويل وقت وهي على كل من عمل المتخصصين وليس المجموعة التي تقود أو تشرف على هذه المرحلة.


#1819745 [الكيك]
0.00/5 (0 صوت)

03-29-2019 07:04 PM
يا حامد عوض كلامك معقول بس لازم تفهموا يا جماعة أن تجمع المهنيين هذا هو تجمع وجماعة وقيادته جماعية وجماعية غير جامدة بل متحركة ومفتوحة ومنفتحة على كل موارد الأفكار النيرة والمعقولة لعموم من ينشدون التغيير ويفهمون ومقتنعون بدواعيه ومن ثم فكل من يساهم يمكنه أن يجد نفسه في القيادة أو أن فكرته قد وجدت طريقها إلى برنامج التجمع وتم تبنيها وتطبيقها وأنا لا أفهم محاولات البعض تجسيد هوية هذا التجمع في شخص أو اشخاص محددين بعينهم إلا تحديداً جزافيا، لأنه من الصعب تصور هذا الحراك العريض في الشارع والذي يضم كافة ألوان الطيف ولا نقول القديم فلا يوجد في هؤلاء الشباب من يمثل أيا من ذلك، لأن فكرتهم المركزية للتغيير هي الخروج من ذلك الواقع التقليدي، بل هم لا يرون وجوده أصلاً ولم يكونوا جزءا منه، وهذا ما يجعل وصفهم بأنهم شباب المستقبل وبس سواء كانوا أبناء ضحايا التمكين أو أبناء المتمكنين أنفسهم لا فرق ولذا لا يمكن حصرهم في مجموعة قيادية محددة اللهم إلا إذا قرروا هم ذلك وقدموهم كمجموعة بمهمة محددة كوضع جداول الخروج ورفع شعارات وهتافات محددة، وهذا أمر داخلي لا يقتضي ظهور من أنجزوه للعلن وبخلاف ذلك لا يوجد في هذه المرحلة من تفويض مجموعة محددة منهم لعمل شيء يخص الطرف الآخر المراد تغييره قبل إنجاز المرحلة الاساسية الراهنة ألا وهي إسقاط النظام. وبعد إسقاط النظام تتلو مهمات جديدة لا تتعلق بالتجمع وحده إذ أن الفكرة هي ترشيح الأشخاص لمؤسسات الحكومة الانتقالية حسب ما هو متوافق عليه من دستور وقوانين مؤقتة أو انتقالية وهي تقريباً جاهزة لأنها ستقوم على مبادئ لا خلاف عليها مثل العدل والمساواة وحرية المشاركة واعتبار كل ما سواها ويناقضها كأن لم يكن. فالترشيح علني والطعون عليه متاحة ولا احد يفرض أحدا. وحيث ستنشأ كافة مؤسسات الدولة على هذه المبادئ فلا تحتاج صياغتها لطويل وقت وهي على كل من عمل المتخصصين وليس المجموعة التي تقود أو تشرف على هذه المرحلة.


حامد عوض حامد
حامد عوض حامد

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة