المقالات
السياسة
مصفوفة الدفع الإلكتروني
مصفوفة الدفع الإلكتروني
04-03-2019 02:07 AM

لا يُمكِن بأي حال من الأحوال توصيف الطريقة التي يتحصل بها المواطنين على مُدخراتهم من المصارف وصرافات الدفع الآلي بغير أنها تنطوي على قدر عال من (الإذلال) والإهانة لكرامتهم دون أي مبررات منطقية سوى أن السياسات الاقتصادية والقائمين عليها فشلواً فشلاً ذريعاً في استعادة (وعي) الاقتصاد السوداني وإعادته للحياة.

بكُل (البرود) الموجود لدى المسؤولين يتم التعامُل مع هذه الأزمة وكأن حلولها نوع من (الترف) الذي يطلبه المواطن السوداني ولا علاقة له بالاحتياجات الضرورية لبقاء أسرهم على قيد الحياة.

وبالتأكيد فإن المصطفين أمام الصرافات الآلية للبنوك يتجرعون مُر المعاملة المهينة تلك ليسوا من أصحاب الثروات وليسوا من (القطط السمان) الذي أثروا في هذا العهد وأفسدوا ونسمع عن عقابهم ومحاسبتهم في اللقاءات الجماهيرية والخطب التي لم تقتل ذبابة.

السيد/ عمر حسن العُمرابي مدير الشركة السودانية للخدمات المصرفية ذكر خلال مشاركته في محاضرة أقيمت باتحاد المصارف الأسبوع المنصرم تحت عنوان: (وسائل الدفع الإلكتروني وأهميتها في الاقتصاد الوطني) قال بأن (عدم التنسيق بين الجهات الحكومية) هو واحد من معوقات انتشار نظم الدفع الإلكتروني.

وعلى ما أظن بأن السيد المسؤول هذا حاول أن يُجمّل ما قاله فوصفه بعدم التنسيق بين الجهات الحكومية مع أن شواهد الأمور تقول بأن (جهات) حكومية ومع سبق الإصرار والترصد تُريد أن (تقلَع) بشمال إجراءاتها ما استطاع أن يتحصل عليه المواطن بيمين عرقه من الصرافات الآلية.

إذ لا توجد أي إجابة (مبلوعة) في ظل الأزمة المستفحلة للسيولة منذ شهور بالنسبة للمواطنين في سؤالهم عن لماذا لا زالت بعض الجهات الحكومية تتحصل رسومها (نقداً) من المواطنين؟؟ بل ولماذا يكون هذا الأمر في الأصل خاضع لمزاج هذه الجهات الحكومية لتختار التنسيق فيما بينها أو عدم التنسيق أم أن السلطة القهرية للدولة لا تبين إلا عندما يكون الأمر في مواجهة المواطن الغلبان؟؟

وعندما نعود لتفاصيل ما ذكره هذا المسؤول فإننا نجد بأنه كان قد أشار في المحاضرة التي قدمها بأن 93% من سكان السودان لا يمتلكون حسابات مصرفية وأن 10% هي نسبة المستخدمين لوسائل الدفع الإلكتروني وتلك نسب يمكننا أن نُرجعها لأشياء منطقية أولها أن سياسات الإفقار التي ينتهجها النظام هي التي أوصلت (۹۳ ٪) من الشعب السوداني يعيشون على رزق اليوم باليوم وفي الحدود الدنيا التي لا تمكنهم من (التوفير) بحيث يدخل الفائض لحسابات مصرفية.

أما نسبة (۱۰ ٪) من استخدامات الدفع الإلكتروني فإن هذا يرجع لعدم تحمل الدولة مسؤوليتها في توفير البيئة التقنية الكافية لتكون كل المعاملات بشكل إلكتروني وبالتالي تظل الحاجة للتعامل خارج منظومة الدفع الإلكتروني إجبارية بالنسبة للمواطنين.

أنظمة الدفع الإلكتروني التي تعتبر من أبسط الحلول التقنية غير المعقدة ومع ذلك نرى بأن الدولة والقائمين على هذه (الهرجلة) الاقتصادية مستمتعين بالفُرجة على أن يكون المواطن مُضطراً على السداد النقدي في غالبية المعاملات الحكومية وفي محطات الوقود والمستشفيات في حين أن كل هذه المعاملات من السهل جداً تحويل نظم الدفع فيها إلى نظم الدفع الإلكتروني.

(الدعم السياسي) من النظام والذي تحدث عنه هذا المسؤول عبر إجازة (مصفوفة الدفع الإلكتروني) منذ نهاية العام الماضي يصبح حديثاً للاستهلاك السياسي ليس إلا لأن ذات المسؤول في بداية حديثه أرجع الفشل في اكتمال منظومة الدفع الإلكتروني لعدم التنسيق بين الجهات الحكومية وهنا يحق لنا أن نسأل عن تعريف هذا (الدعم السياسي) إن كان المسؤولين من تنفيذ السياسات غير قادرين على (إلزام) جهات حكومية بموجهات مصفوفة الدفع الإلكتروني؟؟

تظل أزمة (السيولة) قائمة طالما أن بعض الجهات التي تمتلئ مخازنها بماكينات نقاط الدفع الإلكتروني ويعتقد المسؤولين فيها بأن إجبار المواطنين على السداد النقدي هو نوع من (الشطارة) التي تمنع المسؤولين من إصدار عقوبات تجاه هذه الجهات بسبب مخالفة مطلوبات تنفيذ مصفوفة الدفع الإلكتروني.

الجريدة





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 368

خدمات المحتوى


خالد ماسا
خالد ماسا

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة