المقالات
السياسة
متى تكون الدولة دولة ومتى يكون الوطن وطنا
متى تكون الدولة دولة ومتى يكون الوطن وطنا
04-08-2019 01:26 AM

بسم الله الرحمن الرحيم

هناك تعريف اكاديمي للوطن / الدولة يركز على الجوانب الجغرافية والتاريخية والثقافية والاجتماعية، بأعتبارها تحتل رقعة جغرافية ووحدة سياسية لها حدود سياسية وشعب وحكومة ، واصبحنا نسمي هذا الكيان بالوطن، لإرتباطه بمشاعر وجدانية ، واصبح هناك التزامات لكل من ينتمي الي هذا الوطن تصل إلى التضحية بالنفس في سبيله.

مهمة اي حكومة في اي دولة ان توفر العيش الكريم لمواطنيها وان تعمل على تحقيق الرفاهية لشعبها وتوفر لهم الأمان وغيرها من المتطلبات التي يجب أن يوفرها اي كيان يسمى دولة ، لكن هذا المواطن او الفرد الذي يمكن أن يضحي بنفسه في سبيل هذا الوطن يحدث ان يصل إلى نقطة تجعله يتخلى عن كثير من المسلمات التي ظل يضعها في مرتبة القداسة منذ أن وعي بهذا المفهوم عندما يجد ان أجهزة الدولة التي يكن لها كل ذلك الاحترام لا تبادله ذلك الاحترام بل تعامله معاملة غير كريمة تحط من كرامته ولا تحترم انسانيه ، بل اكثر من ذلك تتعامل معه وكأنه لا يستحق أن يكون مواطنا فيها يحظي برعايتها كما هو مفروض ، فلا تكفل له حقوقه الأساسية وتحرمه من أبسط الخدمات التي من واجب الدولة ان توفرها له وتمارس عليه انواع من الذل والقهر.

في عالم اليوم الذي أصبح الإنسان فيه محور كل شيء في دول تضع المواطن في أعلى مرتبة اهتماماتها ، لا تزال هناك بعض الدول تضع المواطن في أدنى درجات اهتماماتها، بل هو عندها لا قيمة له لدرجة انها تستكثر عليه حقوقه كمواطن مما أدى إلى أن يهتز مفهوم الوطن والدولة عند كثر من مواطني مثل تلك الدول و لم يعد الوطن بالنسبة لهم ذلك المكان الذي يحملون له المشاعر الوجدانية وانهم ولدوا فيه وترعرعوا في ربوعه، ويحمل ذكريات طفولتهم ويوجد فيه أصدقاء الطفولة والصبا والذي تجمعهم مع الآخرين فيه صلة القرابة و الانتماء، ووحدة الهدف والمصير وانهم يحملون هذا الوطن في حدقاتهم ووجدانهم، بارضه وناسه وشجره وانهاره وكل شيء فيه. اهتزت هذه الصورة الجميلة للوطن عندما تحولت الدولة الي كيان غير محايد في تعاملها مع مواطنيها، ولا تكترث لمعاناتهم ولا تستجيب لاحتياجاتهم، وهكذا أصبحت صورة الوطن مشروخة ،فلم تعد تلك الصورة الزاهية التي يحتفظ بها الذهن للوطن في الوجدان ، وبالتالي فإن المنظور الذي ينظر به الشعب للدولة او الوطن في مثل هذه الحالة ينطلق من مدى التزامها بمنهج خالي من التحيز حيث كل المواطنين أمامها متساوون، وأن حقوقهم التي نصت عليها المواثيق الدولية مستوفاه بالكامل وان مصالح الوطن لا تفريط فيها.

وبناء على ذلك فإن اي دولة لا تلتزم بهذا المنهج لا تستحق ان يطلق عليها دولة. فالدولة التي تنتهك حقوق الإنسان ليست دولة، والدولة التي تسلب فيها حرية الإنسان ليست دولة، ووطن يتم التمييز فيه بين مواطنيه على اساس العرق، أو اللون، أو الدين، أو اللغة ليس وطنا، والدولة التي لا تتيح للفرد ان ينتخب من يحكمه ليست دولة ، والدولة التي تستأثر فيها اقلية بخيرات البلاد ويحرم منها الغالبية ليست دولة ، والدولة التي تطرد أصحاب الكفاءات من العمل ليحل محلهم اهل الولاءات ليست دولة ، والبلاد التي تدمر مواردها الإقتصادية بإستنزافها ولا تهتم بالاجيال اللاحقة ليست دولة، والدولة التي تعبث بانظمة وقوانين مؤسساتها المدنية والعسكرية ليست دولة، والدولة التي تقبل باحتلال اراضيها ليست دولة، والدولة التي تدمر مستقبل شبابها ليست دولة، والدولة التي لا تهتم بمؤسساتها التربوية والتعليمية ليست دولة ، والدولة التي يصبح مواطنوها مشردين داخل وطنهم ليست دولة، والدولة التي يضطر فيها الفرد ترك وطنه بحثا عن أوطان بديلة ليست دولة، والدولة التي تتنازل عن ممتلكات شعبها للاجانب ليست دولة، والدولة التي يطارد فيها الشرفاء ويكرم فيها المفسدين ليست دولة، والدولة التي يصبح فيها الفساد هو القاعدة والنزاهة هي الاستثناء ليست دولة، ودولة يتولى إدارتها عديمي الخبرة وعاطلي القدرات ليست دولة، والدولة التي تهان فيها المرأة ليست دولة، والدولة التي لا يجد فيها المواطن الدواء ليست دولة، والدولة التي يضطر فيها الأطفال للعمل ليست دولة، والدولة التي تتحكم فيها مؤسسات موازية للمؤسسات الرسمية للدولة ليست دولة، ودولة لا تسطيع توفير الخبز لمواطنيها ليست دولة..

اذن ما هي الدولة.؟ الدولة هي التي تجعل المواطن تاجا لها .
[email protected]

image





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 535

خدمات المحتوى


التعليقات
#1821749 [البخاري]
0.00/5 (0 صوت)

04-08-2019 02:27 PM
تغني المرحوم إبراهيم عوض أعز مكان وطني السودان
وتبعه أحمد المصطفى بوطن النجوم أنا هنا
وصدح الكاشف شمس إيماني بأوطاني دا الخلاني أقول للدنيا أنا سوداني
وشارك العطبراوي مردداً يا وطني العزيز يا أول وآخر أهتف بحياتك وبحبك أفاخر

سيشهد المحللون التاريخيون والسياسيون أن حقبة حكم الإنقاذ كانت استعماراً داخليا Internal Colonialism كما جاء تعريفه في كتاب العلامة مايكل هكتر.

وقد قال الملك لويس الرابع عشر متكبراً: L'Etat C'est moi يعني أنا الدولة أو الدولة أنا. ولويس الرابع عشر ربما يكون له حق وهو سليل الأباطرة فما بال هؤلاء المقاطيع يحكون السودان حكما عضودا وهم القادمون من بيون الصفيح والكرتون والخيش.

وغدانعود حتما نعود .. وعن الكفاح لن نحيد..
أنا لست رعديداً يكبل خطوه ثقل الحديد .. لا .. لا


د. الصادق محمد سلمان
د. الصادق محمد سلمان

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة