المقالات
السياسة
لا لعبد الفتاح البرهان عبد الرحمن (برهانى)
لا لعبد الفتاح البرهان عبد الرحمن (برهانى)
04-17-2019 04:53 PM

لمجلس العسكري الذي تسلم السلطة في 11 أبريل 2019 في السودان ما هو إلا امتداد لحكم المركز الذي يحكم البلاد منذ الأول من يناير 1956. إن صلة نسب نظام الحكم الجديد بالمكون السياسي، المتسيد في السودان لأكثر من ستين عام هي عمر الحكومات الوطنية، تمثل أكبر مأساة سياسية في تاريخ السودان الحديث؛ ففداحة المأساة تتمثل في أن يجنى ثمار أعظم وأشجع هبة شعبية تنشد تغيير السودان منذ جلاء المستعمر البريطاني مجلس منبثق من المؤسسات العسكرية والأمنية التي ظلت تبطش بلا رحمة بشعوب السودان على امتداد ثلاثين عام نحسات. وفى هذا السياق تثور عدة أسئلة: لماذا تُتوج انتقاضه 19 ديسمبر 2018 بمجلس عسكري؟ ولماذا مجلس عسكري في الأصل؟ ... إن الرؤى السياسية الصحيحة لا يعجزها الإجابة على هذه التساؤلات فمفتاح الإجابة عنها يتلخص في أن الجيش منذ انقلاب الجنرال أبراهيم عبود في 1958 هو الأداة التي ظلت تحكم بها القوى التقليدية الطائفية والإسلامية.

والانقلاب على البشير كشف المدى الكبير لسيطرة الجيش على الدولة السودانية، فقلما يحدث انقلاب على السلطة القائمة بتلك السهولة التي تم بها هذا الانقلاب وبمثل ذلك الإجماع الواسع عليه من كل وحدات الجيش وجهاز الأمن وقوات الدعم السريع والشرطة، واختفاء المظاهر التقليدية التي عادة ما تتبع الانقلابات مثل تحريك الآليات العسكرية لاحتلال المواقع الحساسة في الدولة. إن اجماع الأجهزة العسكرية والأمنية على تنفيذ الانقلاب يبدو وكأن الأمر حدث بتدبير متفق عليه بعناية فائقة من أجل انتاج الوضع القديم.

إن عبد الفتاح البرهان، المشهور ب(برهاني) في أوساط الجيش، هو جزء من النخبة العسكرية في الجيش؛ ومن الخطأ اعتبار ان كون برهاني ليس له انتماء مزية تحسب له؛ فأدعياء الحياد الفكري والحزبي هم في الحقيقة حملة أكثر الأفكار المشوشة أو الضحلة (الطبيعة لا تقبل الفراغ) والبعض من هؤلاء يمكن أن يكون سهل الانقياد والقابلية لأن تصدر منه مواقف ممعنة في شناعتها؛ وهذا ما اتصف به برهاني الذى كان كلبا ذليلا لنظام البشير: دشن حياته العسكرية بانتهاكات يندى لها الجبين في التنكيل بالمواطنين الأبرياء في دارفور وترقى ليصبح قائدا للقوات البرية حتى عينه البشير في آخر منصب له كمفتش عام للقوات المسلحة السودانية. وبتنسيق مع حميدتى الرجعى ( حميدنى الذي لم يزخر تاريخ قواته بالفتك بالدارفوريين المعارضين فحسب، بل بترويع مواطني الخرطوم والأبيض وغيرها من المدن السودانية) قام برهاني بهندسة الإشراف على الاشتراك المعيب (مقابل دفع مبالغ مالية) بقوات سودانية في حرب اليمن ضمن ما يسمى ب " التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية" الذي لم يتبق فيه الا السعودية والامارات والسودان. والجدير بالذكر أن المجلس العسكري ذكر على لسان حميدتى الرجعى انه متمسك بالتزاماته تجاه التحالف وبقاء القوات السودانية في اليمن.

بخلفيته الخاصة بارتكاب المجازر في دارفور وحماية حكم الإنقاذ، يتساءل الناس أين كان برهاني عندما كان البشير يتراقص على جثث 200 مواطن، ثاروا على النظام، قتلتهم قواته ضربا بالرصاص في سبتمبر 2013؟ أين كان برهاني عندما هدد البشير والفاتح عز الدين وعلى عثمان محمد طه بقتل الشباب، المنتفض ضد ظلمهم وعهرهم، والقصاص منهم؟ أين كان هذا الضابط عندما وقف بعض صغار الضابط وضباط الصف والجنود مع الشعب الثائر وحمايته بالقوة المسلحة ... وما هو موقفه ودوره كمفتش عام للجيش في اعتقال هؤلاء الضباط والجنود؟ ولماذا يقبع بعض هؤلاء العسكريين في المعتقل حتى كتابة هذا المقال؟

وعلى الصعيد السياسي فهنالك ما يشير إلى أن للسعودية والامارات دور في صعود برهاني للسلطة في السودان. فالدولتان سارعتا قبل كل دول العالم بدعم برهاني ومجلسه العسكري ومغازلة الحكومة الجديدة بتعهدهما بتقديم الدعم المادي لها. كما أن زبارة (الجاسوس) الفريق طه عثمان الحسين المدير السابق لمكتب المخلوع عمر البشير للخرطوم مؤخرا تكشف التقارب بين السعودية والمجلس العسكري. والفريق الحسين كما هو معروف يشغل حاليا منصب مستشار الديوان الملكي السعودي للشئون الأفريقية. وجدير بالذكر أن برهاني كانت له اتصالات قوية، من خلال علاقته بحرب اليمن، بالمسؤولين بدولتي السعودية والإمارات.

في المقال القادم سنتناول تبعات أي تقارب للمجلس العسكري مع دولتي السعودية والإمارات من منظور دورهما المخزي في ضرب انتفاضات الربيع العربي.





تعليقات 2 | إهداء 0 | زيارات 1000

خدمات المحتوى


التعليقات
#1824141 [محمد عوض]
0.00/5 (0 صوت)

04-18-2019 09:29 AM
أفضل حاجة في مقالك السطرين الأخيرين، منتظرين المقال


#1823991 [محمد الطيب]
0.00/5 (0 صوت)

04-17-2019 06:27 PM
عجيب أمرك!!! لا أعلم توصيفا لمثلك ولا أدري ما تريد توصيله وأنت تكتب (المجلس العسكري الذي تسلم السلطة في 11 أبريل 2019 في السودان ما هو إلا امتداد لحكم المركز الذي يحكم البلاد منذ الأول من يناير 1956. إن صلة نسب نظام الحكم الجديد بالمكون السياسي، المتسيد في السودان لأكثر من ستين عام هي عمر الحكومات الوطنية) عايز سيادتك نستورد ليك حكام من وين، وحتي حديثك عن رئيس المجلس العسكري ونائبه لا يليق ولكن الملام هو الراكوبة التي تفتح صفحاتها لوجهة نظر معيبة ولا تليق بإصدارة محترمة


ردود على محمد الطيب
[أبو هنيدة] 04-17-2019 10:23 PM
شكراً محمد الطيب ، ردك مفحم


محمود محمد ياسين
محمود محمد ياسين

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة