إنه ، أيضا ، طريق للتغيير على كل حال
04-18-2019 07:15 PM
عادل إسماعيل
لم أكن أريد للأمور أن تسير بالوجه الذي سارت عليه . أي ما كنت أريد للتغيير أن يكون بكلفة دماء و معاناة الشباب ، و تدخل المؤسسة العسكرية ، التي كثيرا ما اشتكينا تدخلها في عملية التطور السياسي ، و أن تكون شريكا في عملية التغيير بطلب من مفجري الثورة و قادتها . كما لم أكن أرغب أن يجبرنا الوضع الجديد على التصالح مع العقل السياسي القديم الذي كان له النصيب الأوفر في الحضيض السياسي و الاجتماعي الذي وصلنا إليه .
و لم أكن أرى أن تلك الدماء المبذولة و المصالحة الاجبارية مع العقل السياسي القديم و جرجرة القوات المسلحة للتدخل في المسار السياسي ، ضروريا لإنجاز عملية التغيير . لأنها ، في أفضل حالاتها ، تجعل طريق التغيير وعرا و طويلا .
كنت في المقال السابق دعوت إلى تحويل الطاقة الاحتجاجية إلى طاقة انتخابية ، وسيلة ناجعة للتخلص من العقل السياسي السائد عموما و الحاكم خصوصا ، و ذلك حتى نتفادى طول و وعورة الطريق ، و أن أصواتنا كانت محروسة بشاب لهم مخالب و أنياب . كما استهجنت استسخاف دعاة التغيير أن يكون الخبز أقوى دوافع الثورة ، لأنه هو الذي دفع الطبقة الوسطى الجديدة لتفجير الثورة ، و ذلك بوعيها الفردي الذي اكتسبته من تجاربها المريرة التي أجبرت على خوضها إبان سني حكومة "الإنقاذ" الإسلامية . و هو بالضرورة وعي أنتجته تلك التجارب و لم يخرج من ماعون حزبي ، بل لا يتسنى لذلك الماعون ضمه إليه . و قلنا ، أيضا ، إن ذلك الوعي الفردي للطبقة الوسطى الجديدة قد التقى أخاه الوعي الفردي الذي اتفق للشباب و سارا معا بحثا عن مجرى التغيير . إلا أن الطبقة الوسطى الجديدة عادت أدراجها لأسواقها و مفارشها عندما تم استسخاف مطالبها المتعلقة بالخبز . و حسنا فعلت قيادة التغيير بتضمين الخبز في تسمية شعار مسيرتها الظافرة في السادس من أبريل 2019 ، و هكذا ولد شعار "مسيرة الخبز و الحرية" .
على أية حال ، رأى الشباب و قادتهم ضرورة هذه التضحيات الكبرى ، و أنها السبيل الوحيد للتخلص من هذا الكابوس اللعين ، كما رأوا ضرورة جرجرة القوات المسلحة للانخراط في المسار السياسي و معها قوات مسلحة أخرى ، كما رأوا أن لا بأس بالتصالح مع العقل السياسي القديم و لو إلى حين . و ذلك ، يا ابن ودي ، طريق طويييييل و وعر للتغيير و التعافي ، و لكنه طريق على أي حال . فليسر فيه الشباب سيرا ، إذن ، و ليتعلموا من أخطائهم ، ف"السايقه واصله" ، و الألف خطوة تبدأ بخطوة . كما يجب أن يعلموا أن ليس هناك شيء مقدس سوى "الخبز و الحرية" ، فليبنوا تحالفاتهم عليها ، و ليفضوا تحالفاتهم بها ، فهي المسيرة القاصدة فحسب ، و يتعلموا من الأيام .
و بالرغم من الكلفة العالية و طول الطريق و وعورته ، أحب ان أعرب عن ارتياحي النفسي الكبير الذي أشعر به ، لأنني لن أرى البشير يهز عصاه مع كل كذبة مجددا بعد اليوم ، و لن أرى تلك الوجوه و هي تتنعم بمال الفقراء الذين كانت تسرقهم بالفهلوة حينا ، و باسم الله حينا آخر . فقد طويت ، الآن ، حقبة سخيفة من عمر الشعب السوداني ، فقد فيها هيبته و مكانته بين الأمم ، و جعلت أدناهم يستحقر بلادنا بسبب ذلة و وضاعة حكام حكموه في غفلة من الزمان .
شكرا لك أيها الشباب . فغضبك ما يزال جميلا زي بسمتك .
|
خدمات المحتوى
|
عادل إسماعيل
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|