المقالات
السياسة
مهنيون وعساكر "عظم النزاع" شرعنة السيادة!!
مهنيون وعساكر "عظم النزاع" شرعنة السيادة!!
04-18-2019 10:56 PM

ركن نقاش

مهنيون وعساكر "عظم النزاع" شرعنة السيادة!!

عيسى ابراهيم

منذ ارهاصات بدايات سقوط نظام الاسلامويين نتيجة الثورة الشعبية التي نادت ورفعت شعار "تسقط بس"، بدأت تلوح في الأفق سيناريوهات بدائل تحتاج الى حنكة ودراية وفطنة ثاقبة لقراءتها بموضوعية و"فكفكتها" الى مكوناتها الاساسية للتعرف على حفرها ومطباتها ومنعرجاتها واهدافها الظاهرة والمستترة..
تسابق حميد وخبيث:
لا شك ان الثابت الوحيد في منظومة التغيير الجارية الان على قدم وساق هي حركة الجماهير العفوية نحو الخلاص من الحكم الاسلاموي الجائر والتي نادت: "بحرية سلام وعدالة والثورة خيار الشعب" وكل ما عداها ينظر فيه ويغربل ويتم فرزه بعناية، من ذلك بداهة اعلان مجموعة من ابناء السودان الاخيار الوقوف بجانب حماية الثوار والترحيب بهم امام بوابات قيادة القوات المسلحة من الرتب الوسيطة والصغيرة من هذه القوات، ولقد وصف الفريق عوض ابنعوف في بيانه الأول غداة وصول الثوار الى ساحة قيادة القوات المسلحة يوم السادس من ابريل ٢٠١٩ انها محاولة احدثت شروخا في القوات المسلحة وما انصف من انحازوا لشعبهم ورفضوا طاعة أوامر القيادات العليا الامرة بفض تجمعات الثوار بالقوة الغاشمة، والمفارقة التي وقع فيها ابنعوف ولم يستطع قراءة المشهد العظيم بموضوعية ان الذين رفضوا طاعة أوامر قياداتهم المؤدلجة انما كانوا يستجيبون لنداء الحق والواجب المنوط بعقيدة الجيش القتالية المنحازة لحماية الوطن والمواطنين، ومن تلك اللحظة بدأ السباق نحو من يحوز على السلطة اولا..
انقلابان متعاقبان متوافقان: بدأ انقلاب ابنعوف وتلاه انقلاب برهان المعدل استجابة للعاصفة الشعبية التي هبت من جميع اركان الوطن شرقه وغربه شماله وجنوبه ووسطه قاصدة تغيير الحال البئيس للوطن، ومن هنا تحدد الدافع الاول للتغيير بالهبة الشعبية اللاهبة لاقتلاع الحكم من براثن الايدلوج الاسلاموي وتسليمه لاوليائه المطالبين بحريتهم واستقامة شؤون حياتهم، ومن هنا تحددت الشرعية للشعب لا للثورية العسكرية..
مجلس العساكر: بتكوين المجلس العسكري الاول (ابنعوف) والثاني (برهان) يتضح ان كلاهما لم يتحركا لاستلام السلطة الا بايعاز من ثورة الشعب الناهضة لاقتلاع نظام الاسلامويين، ومن هنا لا شرعية الا لشرعية تستند الى حركة الشارع وتستمد شرعنتها منها لا من غيرها.
السيادة لمن؟!: قرر كلا المجلسين العسكريين الاول والثاني ان تكون فترة الحكم لعامين اثنين بينما نادت قوى التغيير ممثلة في تجمع المهنيين قائدة الحراك الشعبي ان تكون فترة الحكم الانتقالية لاربع سنوات يتولاها أكفاء تكنوقراط يديرون البلاد لمعالجة مشاكل الاقتصاد والسياسة والاجتماع بدراية ومعرفة لا مكان فيها لمحاصصة حزبية وان تتفرغ الاحزاب لبناء كياناتها التي بعثرتها الانقاذ ومزقتها وفصلت بينها وبين قواعدها لأزمان تطاولت، ومن هنا ظهر التباين بين رؤية تجمع المهنيين ورؤية المجلس العسكري، وظهرت لذلك متسنمة ظهر الاولويات مقولة السيادة لمن؟، لمجلس عسكري صرف، ام لمجلس مدني يلتحق به عساكر أكفاء محايدون متوائمون مع رؤية كلية لادارة الفترة الانتقالية الشائكة..
العقدة والحل التوافقي:
طلب مجلس "برهان" العسكري من تجمع المهنيين تسمية رئيس وزراء متوافق عليه لقيادة الفترة الانتقالية متباينة الرؤى بين الجهتين المدنية والعسكرية، قبل حسم أمر السيادة، وامر مدة الفترة الانتقالية، التي تتطلب اولا حسم هاتين النقطتين مع نهوض المجلس العسكري بشتى السبل لفض اعتصام القيادة وتجريد تجمع المهنيين من قوة ضغطه وحصره في ركن لالتهامه وازالته والانفراد بالسلطة وافشال ثورة الشعب القاصدة المجيدة..
لا شك ان الحل التوافقي والبدهي - بلا جور على طرف من الاطراف - هو التوافق على مجلس سيادة مدني يستند على الشرعية الشعبية يتكون من ثلاثة او خمسة أو سبعة أشخاص من المدنيين والعسكريين تكون الغلبة فيه للمدنيين ويكون محكوما بسياج دستوري متوافق عليه يحكم مسير الفترة الانتقالية شائكة الأبعاد والمهام للخروج منها بسلاسة ورشاقة وحنكة ودراية ترى الامور قريبا من قريب ..
أمثلة لما ينتظر الفترة الانتقالية من عقبات: لعل أخطر ما ميز فترة حكم الاسلامويين من سيئات ما قامت به من افعال يندى لها الجبين حيث ساهمت في اهتراء النسيج الاجتماعي في مناطق دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق وكان لدارفور النصيب الاعظم من تلك التركة المثقلة بالدماء والدموع والاسى خيطت خلالها حروب عبثية لا ضابط لها اخلاقا وقانونا وعرفا خلال فترة حكمها الممتدة من يونيو ١٩٨٩ الى ابريل ٢٠١٩ والتي وجهت فيها اتهامات لقيادات الاسلامويين المدنية والعسكرية بالتطهير العرقي وفيها ظهرت التشكيلات المسلحة للعديد من قبائل دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق تقاوم ما قابلته بها تشكيلات الاسلامويين القبلية ومن هنا طفحت تشكيلات قبلية موازية من ما يسمى بالقبائل العربية بايعاز وجهد من اسلامويي السلطة الانقاذية (نشير الى ان البعض يرجع ظهور هذه التشكيلات القبلية في فترات كان الحكم فيها الى احزاب سياسية في العهود الديمقراطية)، ومن هنا بدأ توطين ما يسمى بالمليشيات العربية في مقابل مليشيات ما يسمى بالزرقة..
الدعم السريع عقبة امام توطين السلام في البلاد:
وجود مليشيا الدعم السريع (مليشيا قبلية) الان وبروزها كفصيل عسكري سوداني يتبع الى القيادة العامة للجيش السوداني تعتبر عقبة كؤود امام توطين عملية السلام في البلاد في مقبل الايام، ونحن لا نحمل كل المسؤولية للمليشيا وحدها ولكن نحمل جلها لمسؤولي حكم الانقاذ الاسلاموي المنهار، ذلك انهم استغلوا التباينات الثقافية بين القبائل المتعايشة ليجعلوا منها حروبا عرقية متخلفة لابد من اعمال العقل لتصفيتها بتفهم بواعثها وتفهم انهائها، فلا يعقل ان يسود السلام بلادنا الحبيبة ويكون لمليشيا الدعم السريع مكان بيننا في قادمات الايام ونحن نعالج جراحات الوطن والمواطنين، ولا يعقل ان تدخل الحركات المسلحة لمجموعة عبدالواحد او مجموعة جبريل او مجموعة مني اركو مناوي او مجموعة الجيش الشعبي لتحرير السودان بقسميه؛ مجموعة الحلو ومجموعة عقار البلاد مسالمة ومليشيا الدعم السريع تتسنم موقعا في بلادنا..
افرازات تغيير العقيدة القتالية للجيش:
تعاورت حقيقة ان تحتكر الدولة العنف عدة مفاهيم نتجت عن تغيير الاسلامويين لعقيدة الجيش السوداني القتالية من عقيدة تركز على حماية الوطن والمواطنين الى عقيدة ترمي في كفة حماية بيضة الدين وان يكون جيشا جهاديا، فافرز ذلك خلطا موبقا لاحتكار الدولة للعنف ليتم توطين اليات العنف شعبيا في صور دفاع شعبي (تسجيل الفريق برهان الداعي لتوطين وحماية الدفاع الشعبي حاميا وسندا للجيش)، وشرطة شعبية، وأمن شعبي، وأمن طلابي، وهلمجرا، وكتائب ظل علي عثمان، فانبهل الاحتكار وتاه دليل الامنين، واذا تتبعنا افرازات هذا المناخ الاسلاموي لوجدنا هذه العقيدة الان مصدر خطر عظيم لامن وسلامة مواطنينا ووطننا، ولوجدناها معشعسة في رؤوس جنرالات جيش الاسلامويين، اصحاب الصولجان الان، ولابد من تصفية هذه العقيدة وافرازاتها المتعددة، ويكفي في ذلك ما قاله سيدنا عبدالمطلب جد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حينما طالب ابرهة بارجاع ابله له التي حازها جيش ابرهة، فاستنكر ابرهة مقولة حكيم العرب وهو يغزو بيته المقدس، فقال عبد المطلب: "ان للبيت ربا يحميه"..
لا للمحاور مذهبية كانت أو سياسية أو عسكرية:
ما يجري في اليمن خلاف مذهبي ويحمد لايران تاسيسها مجلة التقريب بين المذاهب، وعلى المملكة العربية السعودية ان تنتهج الحوار وسيلة لا الحروبات ولا دخل لنا في حرب اليمن وعلينا سياديا ان نسحب ابناءنا من الحرب الدائرة رحاها هناك ونحقن الدماء وان نكون رسل سلام لا رسل حرب، هذا هو الموقف السليم وعلينا انتهاجه فورا بلا تقاعس ولا مجاملة على حساب الحق الابلج، وليسقط الباطل اللجلج..
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 272

خدمات المحتوى


عيسى ابراهيم
عيسى ابراهيم

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة