السلطة ... المحك الحقيقي 04-19-2019 02:23 PM لا زلت مؤمنا بان الزواج محرقة الحب و مزبلته حيث يتكشف عنده الكثير من الزيف و تخلع الكثير من ثياب التجمل و يتبين كل شريك مثالب صاحبه و تتبخر الكثير من الاحلام و الاماني السندسية في مراجل الحقيقة و الواقع وتسكن لحظات الحب تلك قعر الندم و الملامة على عدم الكياسة و التبصر بالحقائق قبل ( كتب الكتاب و وقوع الفاس على الراس ) .
ما يحدث للمتزوجين يحدث للكثير من السياسيين بعد القفز على مركب السلطة ، فكم من سياسي فقد ثقله الشعبي بعد السلطة و كم من سياسي ظهرت معايبه الاخلاقية و السلوكية بعد السلطة و كم من سياسي حملته الجماهير الى القصر و عادت بعدها بوهلة لتحمله بحناجرها و دعواتها نحو السجن و مرد هذا كله الى استغلال السياسي لرغبات الجماهير و تفصيل وعوده عليها دون التفريق بين الممكن و المستحيل وانشغاله بصراعات السلطة عن تلك الهموم و المهمومين الذين كان لهم القدح المعلى في حمله اليها .
اليوم و بعد اسقاط النظام الذي كان رابضا على السودان لعقود طويلة و اتساع مساحات الحرية و اخضرار الكثير من حقول الكسب السياسي و بريق الكثير من الساسة و التنظيمات السياسية يكاد لا يخبو طفقت الى السطح مطامع كل منهم ، فمن " عسكرها " البسها ثوب الاستقرار و فزاعة الانفلات الامني و من " مدنها " البسها ثوب الحريات و الحياة المدنية و الحفاظ على مكتسبات الثورة و ضمان عدم عودة النظام السابق من الباب الخلفي و انفض سامر الوطن و المواطن .
تغفل معظم التنظيمات السياسية الرغبة الحقيقية لثورة الشعب السوداني فالشعب السوداني لم يثر ليرسل زيدا و شياطينه الى السجن و عمرو و ملائكته الى القصر ( و فضوها سيرة ) بل كانت ثورته نشدا للخلاص و رغبة في تغيير جذري يلامس كل ما تقع عليه العين و يشمله الذكر و قد كان الاولى بساسته التركيز على ذلك بدلا من نفخ نار صراعات طفولية على محاصصات و خصومات و مناكفات تعكس سطحية الاساس الايدلوجي للتنظيمات و الساسة .
أولم يكن حريا بها التركيز على شكل الحكم و اشكالاته و الاستفادة من اخطاء الماضي لبناء نظام حكم اكثر استقرارية و وطنية و صلابة دستورية عاكفا على خدمة الشارع و صاغيا لهمومه لا متسلطا عليه متمترسا خلف شمولية السلطة و عنفوانها ؟
أولم يكن حريا بها اعمال فكرها في التدهور الاقتصادي الذي لم يترك بابا الا و طرقه حتى افتقر من على شاطيء الكفاف و ازداد الفقير فقرا و بؤسا و نكبا و صارت الاسر تعمل باكملها عمل الدواب من اجل تأمين وجبة بائسة من طبق يتيم يدرأ عنهم لعنات الجوع ؟
أولم يكن الاجدر لها الغوص في مكامن الاشكالات الاجتماعية التي تعصف بالمجتمع من تفتق النسيج الاجتماعي و توهان البوصلة الاخلاقية و تفكك منظومة القيم الدينية و الموروثة ؟
اهمال الاحزاب للخطط الاصلاحية ناشيء من قناعات ساذجة ترسخت في ذهنيتها عبر السنوات ( ان كل شيء يمكن اصلاحه اذا ذهب النظام الجاثم على صدورنا ) ... ( البلد فيها كل شيء بس محتاجة ود حلال ) و عودة الامور الى نصابها بحاجة لفترة زمنية وجيزة و تخطيط يسير .
ها قد ذهب النظام الى مزبلة التاريخ و اصبح دهاقنته بين اسير و طريد و حاضنته الشعبية من لاذ منهم بجحوره في سبات صيفي طويل و منهم من بدل جلده و ركب موجة الثورة كان لم يهتف بالامس ( ... سير يا البشير ... هي لله .. تقعد بس ) و السلطة اصبحت قطوفها دانية من اصحاب الوعود البراقة و الامنيات سهلة النوال و الزمن يتربص و يفضح و سجلات التاريخ تدون و تحفظ .
آخر الحكي
******
اظهر العسكر نضجا سياسيا يفوق الاحزاب بسنوات طويلة .
استعجال الاحزاب للسلطة قد تكون نتائجه كارثية .
الفترة الانتقالية فرصة مذهبة للاحزاب لاعادة الترميم و تنظيم الصفوف و المراجعة الشاملة .
آخر الكلام
*******
الولاء للوطن و القيادة للاجدر .
عبدالغفار عبادي
[email protected] |
خدمات المحتوى | عبدالغفار عبادي مساحة اعلانية الاكثر مشاهدةً/ش الاكثر تفاعلاً |