علاج أزمة نظم الحكم لا يخرج من صيدلية السعودية و الامارات و مصر و قطر
04-19-2019 04:56 PM
الطاهر عمر
غاية الآمال للشعب السوداني في قيادته للموجة الثانية من مد الربيع العربي هي الوصول الى ديمقراطية غير منقوصة. و هذه المسيرة الطويلة المتعرجة منذ فجر الاستقلال أضافت لذاكرة الشعب السوداني الكثير من الحيل التي ساعدته في قدرته الفريدة على أن يصل بالموجة الثانية من مد الربيع العربي لمنتهاها بغير عنف. و هذا التاج الذي ألبسه الشعب السوداني الى موكب النصر الجديد هو نتاج قدرة الشعب السوداني على كبح جماح العنف و تفاديه و كذلك قدرته على كسر حلقة الخوف المرضي الذي عشعش على رؤوس النخب و جعلها خانعة تسيطر عليها الحيرة التي أورثتهم روح يائسة تجسدت في فكرة استحالة ازاحة كابوس الانقاذ بضربة واحدة و مفصلية و الى الأبد.
فالحيرة و الاستحالة كانت أفق لم تستطع النخب السودانية أن تتجاوزه الى اللحظة التي قد تقدم فيها الشعب و أخذ بزمام المبادرة و قد قلب الطاولة على كساد الفكر الذي جسدته الحركة الاسلامية السودانية و كذلك عجز النخب التي قد سيطر عليها الخوف المرضي من فكرة أن مسألة اقتلاع الانقاذ من جذورها بضربة واحد مفصلية و الى الأبد ضرب من الخيال. و هاهي الانقاذ تقتلع من جذورها بضربة واحدة مفصلية و الى الأبد بفعل شعب عبقري استخدم خبرته التي استمدها من علاقة سرمدية بين ضمير الوجود و تجربة الانسان في سيره الى الحرية بلا قيد أما الشرط فهو الشرط الانساني في علاقته مع دالة تراجيدية و مأساوية قصدها تحقيق الشرعية و المثال.
و لا يمكن تحقيق فكرة الشرعية و المثال بغير طريق الفكر الليبرالي فالديمقراطية و ثمرتها الجميلة الفردانية ستكون غاية الآمال الى مسيرة الشعب السوداني بعيدا عن كل فكر غائي ديني لاهوتي لا يفتح الا على نظم شمولية كحال حكم الحركة الاسلامية السودانية و هاهو دخان احتراقها بنار غضب الشعب مازال ماثل للعيان. و هنا عندما نقول أن الديمقراطية لا تتحقق تحت نير فكر لاهوتي غائي ديني نقصد فكر احزاب اللاجؤن الى الغيب في أحزاب دينية قد سدت آفاق الفكر في السودان و قد جعلت السودان يغوص في وحل الفكر الديني من كل شاكلة و لون في زمن تقول فيه تجربة الانسان و مسيرته مع أفكار الحداثة بأن الدين قد خرج نهائيا من حقول السياسة و الاجتماع و الاقتصاد و قد كلفت البشرية الكثير المثير أي ما يقارب الاثنين ألف عام حتى يصبح الدين في مستوى دين الخروج من الدين و بعده تصل البشرية الى مرحلة زوال سحر العالم أي الى فكرة أن الدين لم يعد كجالب لسلام العالم كما يقول ماكس فيبر و يوافقه الفيلسوف الفرنسي مارسيل غوشيه.
ما يشغل ضمير البشرية الآن هي فكرة معادلة الحرية و العدالة في زمن قد أصبح فيه المجتمع هارب من الفرد فتاريخ الليبرالية قد أصبح خلفية للانسانية كافة و الحرية أمامها و هنا لا يبقى أي أثر لتاريخ الفاشية و النازية و الشيوعية فلا أمل للبشرية بغير نمط الانتاج الرأسمالي بعكس ما يعتقد فكر المتحلقون حول فكرة انتهاء الصراع الطبقي و الصحيح هو فكرة التقارب الطبقي ثم التضامن الطبقي و بالتالي تاتي مسألة التصالح الطبقي و هنا تبقى مسيرة الأنسانية منفتحة على تاريخ لا نهائي بلا قصد و لا معنى في تراجيديتها و مأساويتها عكس الايمان بفكرة نهاية التاريخ.
نجاح هبة ديسمبر لا يتحقق بغير ان تسلك هذه الثورة طريق الفكر الليبرالي وكما لا يمكن تحقيق الديمقراطية بغير فكرة العقد الاجتماعي فلا ديمقراطية بغير الايمان بقيم الجمهورية و الايمان الكامل بميثاق حقوق الانسان و لا يمكن أن يتحقق كل ذلك بغير فكر ليبرالي. و حتى اقتصاد التنمية و دوره في خلق الثروة لمجتمع تقليدي كالمجتمع السوداني لا يكتب له النجاح الا في ظل فكر.
|
خدمات المحتوى
|
الطاهر عمر
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|