المقالات
السياسة
المجلس العسكرى و قوى الحرية و التغيير
المجلس العسكرى و قوى الحرية و التغيير
04-20-2019 07:49 AM

شئ من حتى

د. صديق تاور كافى

المجلس العسكرى و قوى الحرية و التغيير

الإنتقال من المواكب الأسبوعية و تظاهرات المدن والأحياء، إلى الإعتصام المفتوح أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، لم يكن بين عشية وضحاها. فقد بدأ تصعيد المواجهات الإحتجاجية، ضد المخلوع عمر البشير و نظامه، منذ عدة أشهر، و أخذت المواجهة دفعها القوى بإعلان الأطباء إضرابهم عن العمل إلى حين سقوط النظام فى الأسبوع الثالث من ديسمبر ٢٠١٨م. مترافقا ذلك مع تظاهرات الدمازين و سنار و عطبرة. ثم دخل تجمع المهنيين على الخط بموكب ٢٥ ديسمبر الذى إلتفت حوله كل القوى السياسية و المطلبية و الإحتجاجية المختلفة، بعد أن نقل سقف المطالب من الفئوية إلى السياسية بإسقاط النظام.

منذ ذلك الوقت إنتقل الحراك إلى مواكب أسبوعية يعلن عنها تجمع المهنيين، ويشارك فيها الجميع بقوة. تم تكوين جسم تنسيقى بين القوى الرئيسية الفاعلة لإدارة هذا الحراك، على أساس برنامج حد أدنى سياسى عنوانه ( إعلان الحرية و التغيير). و أخذت هذه القوى عنوان قوى الحرية و التغيير و هى تجمع المهنيين السودانيين، قوى الإجماع الوطنى، تجمع القوى المدنية، التجمع الإتحادى المعارض، و قوى نداء السودان. و قد تركت هذه القوى الباب مفتوحا لمن أراد أن يلتحق بها، بعد الموافقة على إعلان الحرية و التغيير. و فى نفس الوقت تركت الباب مفتوحا للتعديلات و الإضافات لبرنامجها حتى يستوعب أكبر عدد من المؤمنين بتغيير النظام.

هكذا إنتظمت المواكب الأسبوعية: موكب القصر، موكب القندول، موكب الرد، موكب التحدى، مواكب المدن إلخ. و فى كل موكب كانت تظهر عبقرية و جسارة الشعب السودانى بفئاته المختلفة، يتقدمهم الشباب.

كما أزهلت النساء الكل و عبرن عن صمود و قدرات على المواجهة خرافية، حتى سجلن أعلى رقم فى العالم لسجينات سياسيات.

و شملت جدولة الحراك مظاهرات المدن، مثل الأبيض، القضارف، الفاشر، بورتسودان، مدنى، كوستى، و هكذا. كما إنتظمت الوقفات الاحتجاجية جميع التكوينات المهنية، مهندسين، أساتذة الجامعات، البيطريين، المعلمين، و غيرهم.

ظل هذا الحال منذ منتصف ديسمبر و حتى السادس من أبريل، حيث قررت قوى إعلان الحرية و التغيير، نقل الصراع خطوة متقدمة لحسم المعركة مع النظام.

إختيار توقيت ٦ أبريل لرمزيته المقترنة بذكرى إنتفاضة أبريل ١٩٨٥م، التى أطاحت بالمخلوع جعفر نميرى. أما إختيار القيادة العامة للقوات المسلحة، فلإعتبارين أساسين أولهما مطالبة الجيش بالإنحياز للشعب المنتفض و مساعدته في تحقيق مطالبه المضمنة فى إعلان الحرية و التغيير، و ثانيهما أن يضع الجيش حدا لإنتهاكات جهاز الأمن و مليشيات الحزب الحاكم مثل كتائب الظل و الأمن الشعبى و كتائب المجاهدين و الخلايا النائمة إلخ، و التى أفرطت فى التجاوزات و الإنتهاكات بصورة مستفزة لأى صاحب فطرة سوية. و لم يكن ضمن الأهداف دعوة الجيش لإستلام السلطة و إنما تسليمها لسلطة مدنية وفق ما تحدده القيادة الميدانية لمعركة إسقاط النظام. هناك بعض أطراف شاركت في هذا الحراك من خارج قوى الحرية و التغيير، و لكنها كانت صدى لما تقرره هذه القوى و لم تكن جزءا من غرفة عمليات الحراك، دون أن يعنى ذلك التقليل من شأنها.

هكذا فرض الشارع السودانى المنتفض مطالبه، و قيادته فى هذه المرحلة، و التى أسفرت عن سقوط عمر البشير و نظامه و حزبه منذ الأسبوع الأول للإعتصام أمام القيادة العامة. و لولا هذا الحراك الشعبي المتصاعد لما إهتز عرش الطاغية عمر البشير. و بالتالى فما يقوم به المجلس العسكرى من ممارسات و تحركات و مناورات لا ينسجم و أهداف هذه الثورة ، إذ أنه يريد للناس أن ينفضوا، و يمنحونه تفويضا (على بياض) لتحقيق غايات الثورة، و هذا شئ غريب.

إصرار المجلس على حماية رموز النظام السابق و أذرعه داخل المؤسسات الحساسة بشكل خاص، يقدح فى نوايا هذا المجلس و ما يريده من إلتفاف.

حتى الآن لم يقدم المجلس على خطوة حقيقية بخصوص مؤسسة التمكين، خاصة في مستوى الأجهزة الأمنية و المليشيات. و يحاول فرض أمر واقع على قيادة الثورة، و يماطل فى عملية نقل السلطة للقوى المدنية، و يفتح الباب للمحاور الإقليمية و هكذا. على قادة المجلس أن يدركوا أن قوة إرادة الشعوب لا نقهرها البندقية، و وعى الشارع أكبر من المناورة. هذه الحشود غير المعسكرة تستطيع تعطيل دولاب العمل في الدولة بأسلحتها الخاصة و تستطيع تسييره بإرادتها.. الرهان على تطويل الزمن و التشويش الإعلامى و إضعاف إرادة الشعب لن يحقق ما يريده المجلس العسكرى، و لا مجال بعد الأن لمؤتمر وطنى و لا إنقاذ و لا يحزنون. يرتكب أعضاء هذا المجلس خطأ تاريخيا كبيرا إن هم توهموا بأنهم أذكى من هذا الشعب. فليختصروا الطريق على أنفسهم و يحترموا إرادة هذه الجموع التى يدخل إعتصامها أسبوعه الثالث بلا كلل أو ملل.

[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 476

خدمات المحتوى


د. صديق تاور كافي
د. صديق تاور كافي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة