الثورة السودانية تحرز نصرا جديدا برغم كيد المتربصين
04-25-2019 10:37 AM
بقلم: بابكر الصادق يوسف
المتابع والمتتبع لمسار الثورة السودانية يجد أنها في كل يوم جديد تُحرز تقدما ملحوظا بالرغم من العقبات الكثيرة التي وضعت أمامها بدءا بالقمع الذي لاقته منذ مهد إنطلاقها في 19 ديسمبر 2019م وحتى الوصول بها لفترة الإعتصام أمام بوابة القيادة العامة وهذه العقبات بالرغم من أنها كثيرة ومتنوعة غير أنها ألهمت الثوار الصبر والصمود في سبيل تحقيق أهدافهم الكبرى والتي تتمثل في تخليص السودان من الحكم الشمولي الذي تمثل في فترة حُكم الأخوان المسلمين الذي جثم فوق صدور الشعب السوداني لفترة إمتدت إلى ثلاثين سنة إلا شهرين ذاق خلالها أهل السودان كل صنوف التعذيب والتنكيل فجاءت الثورة لتزرع بادرة أمل لبناء سودان جديد يتساوى فيه أهل السودان في الحقوق والواجبات وينعمون بالحرية والعدالة والسلام وهذه الثلاثة شرط أساسي لقيام التنمية الإقتصادية التي تهدف لإنتشال الإنسان السوداني من غياهب الفقر والحرمان إلى دولة الرفاهية القادمة في ظل وطن يرسخ مبادئ الحُكم الديمقراطي.
مساء اليوم وفي خطوة مفاجأة وبعد الضغط الشعبي على المجلس العسكري دعا الأخير قوى الحرية والتغيير إلى إجتماع بالقصر بعدما علقت هذه القوى التفاوض مع هذا المجلس الذي يضم في رحمه ثالوث الشر - الفريق أول جلال الدين الشيخ.. الفريق أولعمر زين العابدين
..الفريق أول الطيب بابكر...وخاصة الفريق أول عمر عابدين رئيس اللجنة السياسية الذي أظهر عداوة لثورة الشباب منذ المؤتمر الصحفي الذي عقده صبيحة يوم الإطاحة بالرئيس المخلوع البشير والذي أجزم فيه بعدم تسليم الرئيس المخلوع للجنائية واقرّ بقانونية قوات الدفاع الشعبي وأبقى على قوات الأمن دون حلها وهذه كانت مطالب يهتف بها الثوار من داخل الإعتصام ولكن كما يبدو أن الفريق عمر زين العابدين إنطبق عليه المثل الذي يقول (( الكلب ينبح والجمل ماشي)).
إن العقبات التي تعترض تحقيق أهداف الثورة السودانية كثيرة ومتنوعة ويمكن تقسيمها لعقبات داخلية وخارجية ‘والعقبات الداخلية تتعلق بعدة جهات تعمل على إعاقة الثورة منها على سبيل المثال بقايا الدولة العميقة المتمثلة في سدنة النظام السابق والتي تعمل تارة على تشتيت الشمل بداية بمحاولاتها التي باءت بالفشل لفض الإعتصام وقد إتخذت لذلك سًبل كثيرة منها إرسال مليشياتها في أيام الإعتصام الأولى لقتل المعتصمين بالقيادة العامة بإطلاق الرصاص الحي على الثوار المعتصمين وعندما فشلت هذه الخُطة بعد تصدي الجيش لها لجأوا لخطط أكثر دناءة مثل إساءت سمعة الثوار وزرع الفتن بينهم من ناحية وبينهم والجيش الذي يحميهم من ناحية أخرى وحاولوا نزع الثقة بين الثوار وتجمع المهنيين وكذلك لم يتوانوا عن زرع الشك بين قوى التغيير والمجلس العسكري عبر لقاءات بعض قيادات الإسلاميين من النظام السابق بالمجلس العسكري وحثه على عدم تسليم السُلطة لقوى التغيير بإعتبار أن هذه القوى ستسير بالسودان لأقصى اليسار وهذا كلامه دعمه دُعاة فاسدون كانوا قريبين من الرئيس المخلوع عمر البشير أمثال عبد الحي يوسف وغيره من السلفية المصابين بفوبيا اليسار السوداني.
من الناحية الأخرى نجد أن المجلس العسكري نفسه بحُكم تكوينه الذي يضم ضباط موالين للنظام السابق وضباط اخرين غير موالين للنظام السابق يشكل عقبة في طريقة تسليم السلطة لمدنيين بطريقة سلسة تضمن عدم التدخل من بعض مكوناته التي تدين بالولاء للنظام السابق والتي ظلت طيلة الفترة الماضية تضع العراقيل أمام التفاوض والتوصل إلى إتفاق بين المجلس وقوى التغيير وأبرز الضباط الذين وقفوا حجر عثرة هم جلال الشيخ الطيب الذي كان نائب رئيس جهاز الأمن والمخابرات في عهد النظام السابق وبالتالي هو مرفض من قبل الثوار لأنه يمثل في نظرهم أحد أدوات القمع والقتل التي إستخدمها الرئيس المخلوع في محاولة إفشال الثورة .زوالفريق أول عمر زين العابدين وهو من الضباط الإسلاميين وكان يبذل كل ما في وسعه للحيلولة دون وصول قوى التغيير منفردة لتكوين حكومة مدنية إنتقالية وكان له إتصالات مع الإسلاميين أمثال غازي صلاح الدين ود.علي الحاج من أجل العمل على تحييد الثورة عن أهدافها ومحاولة خلق واقع جديد يجد الإسلاميين فيه موطئ قدم من جديد قفزا" فوق مطالب الشعب السوداني..أما الشخصية الثالثة فهو مدير شرطة النظام السابق الطيب بابكر الذي يرى فيه الثوار المعتصمين ذيلا" لنظام البشير فبصفته مديرا" للشرطة كانت الشرطة تقمع المتظاهرين في الشارع وهو متهم ايضا" بإعطاء البطاقة القومية لأجانب من سوريا واليمن وقد نشر ناشطين بالوثائق عددا" لأجانب من سوريا واليمن يحملون البطاقة القومية السودانية ويرى الناشطين أنه لايمكن إعطاء مثل هذه الوثائق دون علم وفسادة قيادة الشرطة المتمثلة في الفريق الطيب بابكر..لكل هذه الأسباب كان من المستحيل إستمرار الضباط الثلاثة في المجلس العسكري وهم يمثلون بؤرة للفساد والقمع الذي طال الثوار الأحار بسببهم إبان فترة نظام المخلوع عمر البشير.
عقبة ثالثة تقف في وجه الثورة السودانية التدخل الإقليمي لبعض دول الجوار وبعض الدول العربية المتمثلة في موقف مصر الساعي لإجهاض مكونات الثورة والساعية لعدم تحقق مطالبها ومصر تريد للمجلس العسكري بأن يستمر في الحكم كما حدث عندهم بعد أن أستولى السيسي على السلطة في مصر ونصب نفسه فرعونا" جديدا" على مصر وهو يرى في السودان إمتدادا" لحكمه وسيطرته ويريد فرض إرادته على الشعب السوداني ويريد سرقة ثورة الشباب بعد ما بذلوا فيها الغالي والنفيس ولكنه لايعلم بإختلاف ثوار السودان وعنادهم الذي لايقبل بإكتمال مطالب الثورة والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعا الأفارقة لقمة عاجلة لمناقشة الأوضاع
في السودان وقرر من خلالها إمهال المجلس العسكري في السودان 3 أشهر لتسليم
السلطة بدل 15 يوم كما حدد الإتحاد الأفريقي لأن الثورة السودانية تهدد
عرشه في مصر أضف إلى ذلك أن الحكومة الديمقراطية ستفتح ملف حلايب وستطالب
بإستردادها كأرض سودانية ..وستطالبه الحكومة الديمقراطية بحصة السودان
كاملة غير منقوصة من مياه النيل وطبعا" في الوقت الراهن مصر تستهلك حصة
السودان وحصتها وهذا ظلم واضح وحكومة الرئيس المخلوع عمر البشير صمتت عن
مطالبة حكومة مصر بحقوق السودان في مياه النيل وفي حلايب بسبب ورقة ضغط
تمارسها مصر عليها بسبب محاولة إغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك
والذي وجهت أصابع الإتهام فيه لحكومة الإنقاذ الفاسدة .
وفي الجانب الاخر تقف الأامارات والسعودية في جانب الأعداء لثورة السودان وهاتان الدولتان لاتريدان للثورة السودانية أن تحقق أهدافها وذلك بسبب تخوفهم من أن يأتي نظام ديمقراطي في السودان يكون من أحد مطالبه سحبالجيش السوداني الذي يحارب في اليمن لصالح السعودية ومن مطالب الثوار الرئيسية سحب هذا الجيش فورا" وهو ماقابله المجلس العسكري بالرفض وأكد على إستمرار الجيش السوداني في الحرب في اليمن مع أن إرسال قوات سودانية لحرب اليمن هي أحد القرارات التي إتخذها الرئيس المخلوع عمر البشير ويرى فيه المراقبين أنه زج بالجيش السوداني في حرب لاناقة للسودان فيها ولاجمل .
في خطوة مفاجئة ليلة الأمس قدم المجلس العسكري دعوة لقوى الحرية والتغيير للإجتماع معهم وقد لبت هذه القوى الدعوة وجاءت الدعوة بعد ضغوط محلية متمثلة في تسيير مواكب الحرية والتغيير لساحة الإعتصام بالقيادة العامة من كافة ولايات السودان فحضر موكب عطبرة المهيب بالقطار وبعده موكب ولاية الجزيرة واليوم من المنتظر وصول موكب شرق السودان ومناطق أخرى هذا فضلا" عن موكب مليوني دعت له قوى الحرية والتغيير يتجه نحو القياة العامة اليوم للتأكيد على مطالب الشعب في إنجاز مهام الثورة وتكوين حكومة مدنية إنتقالية تشرف على تكوينها قوى الحرية والتغيير وهي الجهة التي نظمت الإحتجاجات منذ إنطلاقها في السودان..بالإضافة لذلك تلقى المجلس العسكري ضغوطا" دولية متمثلة في الموقف المبدئي للولايات المتحدة الأمريكية الداعي للتسليم الفوري للسلطة لحكومة مدنية تضمن الإنتقال السلمي للسلطة في السودان وتؤسس لنظام ديمقراطي راسخ يقطع الطريق على إنقلابات عسكرية جديدة في السودان وكان اخر هذه الضغوط يتمثل في زيارة مسؤولة أمريكية أمس إلتقت بالمجلس العسكري وحثتهم على تحقيق التحول لحكومة مدنية ودونها لن تنظر الولايات المتحدة الأمريكية في رفع العقوبات عن السودان ولن تعترف بشرعية المجلس العسكري في حال إستمراره في سُدة الحُكم .
لكل هذه الضغوط المذكورة تمخض عن إجتماع الحرية والتغيير بالمجلس العسكري عدة قرارات وأتفق الطرفان على مجمل القضايا المطروحة التي تخص االتحول لحكومة مدنية وتبقى نقاط خلاف صغيرة تم تكوين لجنة مشتركة من المجلس العسكري وقوى التغيير لحل نقاط الخلاف وتجاوزها في سبيل الوصول لتكوين حكومة مدنية ومجلس سيادة يكون التمثيل فيه لبعض ضباط الجيش كما تم الإعلان من قبل المجلس العسكري عن قبول إستقالة الضباط الثلاثة الذين يمثلون محور الشر الثلاثي جلال الشيخ الطيب والطيب بابكر وعمر زين العابدين وهذا يُعد تنازلا" كبير من المجلس العسكري بعد الضغوط الشعبيه عليه و نصرا" كبيرا" للثورة السودانية التي ظلت تحقق نصرا" تلو الاخر وهذا حصاد صمود الثوار في ساحة الإعتصام في القيادة العامة وتوفيقا" من الله وعدالة السماء والعزة للثوار والعزة لشعب السودان الذي صبر على الظلم طيلة ال30 سنة الماضية من حُكم الرئيس المخلوع عمر البشير.
بابكر الصادق /ناشط سياسي
|
خدمات المحتوى
|
بابكر الصادق يوسف
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|