المقالات
السياسة
ذو النون ما فرعون!!
ذو النون ما فرعون!!
04-27-2019 09:27 PM

تأمُلات

ذو النون ما فرعون!!

خلال الأيام الأولى من عمر ثورتنا الفتية كتبت أكثر من مقال دعوت فيهم إلى أن نعتمد النجومية الجماعية منهجاً لهذه الثورة.
لم تأت تلك الدعوات من فراغ، بل كانت تحسباً لمثل هذه الأيام التي نعيشها حالياً.
فالآن وبعد أن اقتربنا كثيراً من تحقيق الهدف الذي ضحى من أجله الشباب والشيب والصغار وفقدنا في طريقه أرواحاً عزيزة، عم القرى والحضر جدل بيزنطي حول بعض الشخصيات.
كل من ساهم في هذه الثورة ولو بتقديم كوب ماء بارد لأحد المتظاهرين يعد ثائراً ضد الظلم والطغيان واللصوص الفاسدين.
وإن كانت ثورة وعينا قد بلغت غاياتها حقيقة لا قولاً لما منحنا أي ثائر أكثر من غيره.
وحتى لا نخوض في ما بين الصدور الذي لا يعلمه إلا من خلقنا ونفخ فينا الروح جميعاً، كانت دعواتي تركز دائماً أن نتحرك كجماعة ونشتهر ونتلمع ( إن كان لابد من التلميع) كجماعة.
لكننا للأسف ما زلنا على النهج القديم في بعض الجوانب، رغم الوعي الكبير الذي نلحظه في الميدان.
وحتى لا نهدر الطاقات في التفكير والاستنتاجات واطلاق الاتهامات أو الدفوعات أعيد ما ظللت أردده في مقالاتي الرياضية.
هناك كلما انتقدت رئيساً لهذا النادي أو ذاك تتُتهم بأنك تناصر رئيساً آخر في المعارضة، وقد كانت دعوتي منذ أول مقال رياضي كتبته هو أن نسعى لمؤسسية الأندية حتى نسد الطريق أمام بعض الأقلام التي اعتادت أن تقتات من التطبيل والتهليل للأفراد.
وهنا في ثورتنا هناك أيضاً للأسف من يسوقوننا لاعتماد نهج الأفراد أيضاً.
ثورتنا أكبر من أي فرد مهما علا شأنه بين الناس.
ولايفترض أن نسمح لأي شخصية جدلية أن تأخذ منا وقتاً، فالمرحلة الحالية تفرض علينا أن ننفق كل ثانية فيما هو مفيد.
معلوم أن الفرد مهما كانت أعماله وتضحياته يظل فرداً يحمل في دواخله الكثير من الأهواء والنزوات.
ولأن الأوطان أكبر من ذلك، والقضايا العامة عموماً لا تحتمل استفراد أي كائن، علينا أن نركز مع أهدافنا العامة ونعمل على تحقيقها جماعياً دون الوقوف كثيراً عند محطات الأفراد.
إن أضعنا وقتاً في أن فلاناً قام بدور أكبر من علان، وأن علاناً يستحق موقعاً أبرز من فلان فعلى ثورة الوعي والمفاهيم السلام.
ولكم في الدكتور بكري علي خير مثال.
فبالرغم من حجم الأموال المهولة التي ساهم الدكتور الجليل بكري في جمعها، إلا أنه وصل الخرطوم وغادرها دون ضجيج، ولم نسمع بزيارته للسودان إلا بعد عودته لأمريكا.
ننشغل كثيراً بأمور هامشية مثل هذا فعل كذا وذاك قال وصرح بكذا، وفي خضم هذا (الشمار) الكثير تمر القضايا الأهم دون تركيز.
دعونا نركز مع دعم ثوار الميدان بتواصل وإعلام واعي وراشد يهمه جوهر المواضيع.
حتى حديثنا عن الفريق حميدتي يشير إلى أن ثورة وعينا ما زالت في منتصف الطريق وتحتاج لعمل شاق حتى تصل إلى غاياتها.
فقد تجاهلنا عمداً أو سهواً لا أدري أسئلة يفترض أن نطرحها بكل الوضوح في العهد الجديد الذي ننشده.
لماذا لا نسأل حميدتي صراحة عن جهد (القطعة) الذي يبذلونه في الامساك باللصوص والفاسدين المعروفين بالنسبة لهم.
نقدر جداً الدور الذي يقوم به أفراد الدعم السريع في استعادة بعض الأموال المنهوبة، لكن لماذا هذا البطء في العملية؟!
لما لا يمسكون بكل المشتبه بهم كإجراء تحفظي ومن ثم يطلق سراح من لا تثبت الأدلة ولوغهم في الفساد بعد أن تتشكل الحكومة المدنية وتقوم الأجهزة العدلية بعملها كاملاً؟!
كيف تم اطلاق سراح بعض الشخصيات المعروفة بعلاقاتها المتجذرة بكل مفاصل الفساد ورموز النظام الحاكم؟!
متى تمت التحقيقات حتى يحدثوننا عن براءة هذا أو ذاك؟!
ولماذا لا نقول لحميدتي بصريح العبارة أيضاً أن أي أموال تدفعونها من الدعم السريع لا تعتبر تبرعات بل هي جزء من أموال هذا الشعب؟!
صحيح أننا لم نتعود من الكيزان ( السجم) إعادة ولا مليم أحمر يسرقونه من الخزينة العامة، لكن طالما أن حميدتي قال أن عهد المجاملات انتهى، فلماذا لا نطالبه بأن يكمل جميله ويبدأ بمحاسبة نفسه ومجموعته؟!
حتى الأموال المدفوعة نظير قتال جنودنا في اليمن، وبالرغم من رفضنا التام لبيع الدم السوداني، إلا أنها تظل أموالاً تخص الدولة لا مجموعة محددة.
أما أموال الذهب وريع ما تدفعه أطراف دولية نظير حماية الحدود ومكافحة الاتجار البشر فهذا حق أصيل لهذا الشعب.
ما زلنا نبوح بأشياء ونسكت عن أخرى، وهذا مؤشر لا يسر.
ما دمنا قد قمنا بثورة فلابد من تغييرات جذرية.
والتغييرات الجذرية لا تقبل أي طبطبة.
نقر ونعترف بالوضع الأمني المعقد الذي ورط فيه الساقط البشير وزمرته الفاسدة البلاد والعباد.
لكن سكوتنا عن أمور لا تحتمل الصمت قد يقودنا لدكتاتورية جديدة.
تذكروا أن البدايات دائماً تكون بصمت وتجاهل للمشاكل وتضخيم للانجازات، لتكون النهايات التي لا تسر أحداَ.
ثمة مؤشرات عديدة أخرى على أن عبارة " الناس أصبحت واعية" ليست دقيقة،وأننا تقدمنا خطوة في هذا الاتجاه، لكن ما زلنا في حاجة لخطوات عديدة، وهذا ما سأتناوله في المقال القادم بإذن الله، حتى لا أطيل عليكم.

كمال الهِدي
[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 1449

خدمات المحتوى


التعليقات
#1826194 [عزوز (الاول) المناكف الذي لن يهدأ له بال حتى نضرب الكيزان با]
1.94/5 (5 صوت)

04-28-2019 03:19 PM
إذا أردنا أن ندلف مباشرة لصلب الموضوع فإني أقول ان (عثمان ذو النون) قد قام بعمل جبار ومقدر، طيلة أيام الثورة، وبالطبع ليس هو وحده وإنما هنالك الكثير من المناضلين غيره ربما فعلوا أكثر منه بكثير.
ولكن مثل هذه الأفعال لا تقاس بالقلم والمسطرة أو توزن بالكيلو لمعرفه ايها اكبر أو أثقل، بل أن هنالك اعتبارات أخري قد تجعل الأقل عطاءاً أوفر حظاً من غيره، و ينال السهم الأكبر من الإشادة والتقدير.
ومن متابعتي لل (لايفات) التي قدمها الشباب الرائع عثمان خلال أيام الثورة أجد فيه الكاريزما القوية والحماس الدافق وحديثه العميق، فضلاً عن كيفية استخدامه للشعر الثوري بنهاية كل (لايف)، بطريقة مبهرة تثير الحماس والعزة في النفس.
و أكرر القول إن من يعمل قليلاً قد يصيب النجاح بصورة أكبر ممن يقدمون أكثر منه، ولكي نضرب مثالاً: هل أن الشابة (آلاء صلاح) التي صارت أيقونة الثورة خلال خمس دقائق، أحق بذلك اللقب أم عشرات الفتيات اللاتي قدمن أضعاف ما قدمت، أنها اللحظة التي خدمتها فيها الظروف فنالت ما نالت، وقد لا تكون قد خططت لذلك الأمر، بل أنها ما كانت تتوقع كل هذا الصيت. و أيهما أعظم ما قدمته آلاء أم ما قامت به الشابة الجسورة التي أخذت البمبان وقذفت به الأمنجية؟ اين هي الآن ؟ من يعرفها؟؟
أما قولك سيدي عن الرجل الشهم الذي قدم دعماً كبيراً ولم يسمع به أحد حتى عاد أدراجه، فإني أرى أن ذلك الرجل النبيل متواضع أكثر من اللازم، وهذه (مثلبة) و ليست (منقبة) فينا نحن السودانيين، نمدح الشخص بأن (الغنماية تاكل عشاه)، فهل بربك ياأستاذ هذا مدح أم قدح؟؟
لماذا لم يقدم ذلك الرجل نفسه للشعب ليعرف قدره ويشكره على دعمه، بل يلجأ اليه اذا أحتاجه، أو يستدعيه ليكون فرداً في طاقم الوزارة، هل سيكون ذلك عيباً يستنكره الناس؟
معليش كترت الكلام ولكني أختم بأن عثمان ذو النون عندما وصل المطار لم يتوقع أن يقابله هذا الجمع، ببساطة الرجل أبلغ أهله بأنه قادم للسودان يوم كذا، و ذاع الخبر واستقبله الناس بتلك الحرارة، بل أن بعض المستقبلين حاول أن يرفعه فوق الأعناق فرفض ذلك بإصرار، ثم عندما وصل ساحة الإعتصام صعد المنصة كأي ثائر قادم من الخارج يملؤه الشوق ليخاطب المحتشدين، وهذا حقه، وما يأخذه عليه البعض أنه قد أوقف عملاً دراميا كان يقوم به الشباب المعتصم ، فإنه قد إعتذر عن ذلك بعدم علمه بذلك الأمر، ثم أن أول (لايف) بعد عودته بثّه من منزل أسرة أحد الشهداء، وقال أنه لن يصدر لايفات في الأيام القادمة إنما سيكرس كل جهده لزيارة كل أسر الشهداء حتى في الولايات، ليواسيهم ويقف على ظروفهم، وهذه بلا شك نظرة تدل على أن هذا الشاب يحمل في دمه جينات القيادة و أنا شخصياً أتنبأ له بمستقبل واعد في السودان الجديد، لأنه سيكون قادراً على جمع الناس حوله، وهذه من أهم شروط السياسي في البلدان الديمقراطية.
مرةً أخرى آسف للإطالة،، ولك الشكر استاذ كمال على مقالاتك الرصينة.


ردود على عزوز (الاول) المناكف الذي لن يهدأ له بال حتى نضرب الكيزان با
European Union [mohamad saeed] 04-28-2019 05:31 PM
ka;am gameel


كمال الهِدي
كمال الهِدي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة