المجلس العسكري..وأم جركم المؤتمر الشعبي..هل وعوا الدرس؟
04-28-2019 07:37 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال بديهي ينهض أمام كل من يتفكر في سيناريو الثورة خاصة منذ يوم 6/ ابريل والإعداد له وهو : هل كان في حسابات تجمع قوى إعلان الحرية والتغيير، أن يتدخل الجيش بكامل قيادته وانتمائها للنظام لحسم الموقف ؟ الوقائع على الأرض تقول غير ذلك. فالبيان الذي استبقت به القوى صدور بيان الجيش يوم 11/ أبريل. يغني عن التكهن. فقد كان واضحاً وبجلاء في تبيان انتظار البيان لمعرفة إن كان انحيازاً للثورة ، أم محاولة يائسة لإعادة إنتاج النظام البائد. عليه يمكن التكهن بأن قوى إعلان الحرية والتغيير ، في أحسن فروض توقعاتها، كانت تتصور دوراً حاسماً للرتب الوسيطة، وربما مع قيادات ليست صارخة الانتماء للنظام البائد. وحتى الآن ، ورغم الذكاء الذي تعاملت به هذه القوى مع مجريات الثورة، استغرب كيف أنها لم تدرك منذ الوهلة الأولى بأن إعلان انتظار بيان من الجيش ، كان يعني كامل قيادته . فالعادة في هذه الحالة ، أن يكون انتظار بيان من شخص ذي رتبة معينة. ليفهم أن أتباع النظام قد أطيح بهم.وربما هنا بالتحديد ، كان تباطؤ القيادات الوسيطة ، في تسلم السلطة ، وعلى الأقل ، إعادة تعيين محال سابق في قيادته. ما يبين أن قنوات الاتصال بين قوى الثورة وثوار الجيش ، كانت تعاني من قصور.والثورة وكل الوطن ، يدفع ثمن ذلك.
لا يستطيع كائن من كان ، إغفال دور السيناريو الذي سارت به الأحداث في سقوط النظام بالتقسيط المريح- بفعل الضغط الشعبي الرافض لكل خطوة لا تعبر عن الثورة – في حقن الكثير من الدماء.لكننا وبنفس القدر ، لا نستطيع أن نعفي المجلس العسكري من سوء تقدير الموقف . والذي كان بفعل محاولته البقاء في ساحة الثورة برجل ، والثورة المضادة برجل أخرى. كان سبباً في حالة الشد والجذب والاحتقان السائدتين في يومنا هذا.
ولتبيان موقف الخطأ في التقدير، سنستدل بالأحداث المؤسفة التي جرت بالأمس ، وكان المؤتمر الشعبي ، الطرف الرئيسي فيها. فكيف جاز للمجلس العسكري ، إغفال التحفظ على قيادات الشعبي منذ الوهلة الأولى ، وهو يدرك أن الثوار يحملونهم محقين وزر إقامة النظام بانقلاب الثلاثين من يونيو المشئوم . وليس مجرد المشاركة حتى اليوم الأخير في الحكم ؟ فأدنى حسن تقدير كان يستدعي من المجلس، التعامل بنفس النهج الذي تعاملت به مع استمرار احتجاز الناجي عبد الله بعد أطلاق سراح البقية. هذا الإغفال ، كانت تداعياته كارثية . فكل الأحزاب التي لم توقع على إعلان قوى الحرية والتغيير. ليست ذات خطر في ذهن الثوار بقدر المؤتمر الشعبي. لذا ، كان سوء تقدير المجلس العسكري في عدم التحفظ على قياداته ، سبباً مباشراً في أحداث الأمس.وليت المجلس اكتفى بعدم التحفظ . بل استخدم المؤتمر الشعبي كقوة في مواجهة قوى إعلان الحرية والتغيير. والتسويف في انجاز مهمة تسليم السلطة ، رغم إدراك جنرالاته بأن عوامل الضغط الكبيرة عليه ، ستجعله يقدم التنازل تلو الآخر. فما الذي تعلموه من دراسة الإستراتيجية؟
وتشترك قوى إعلان الحرية والتغيير بدرجة ما في هذا الأمر. فإغفالها ضمن أجندتها دور المحاسبة السياسية، بالحديث عن عدم الإقصاء لمن لم يثبت القضاء إدانته، فيه عدم اعتبار ليس بما تم في ثورات سابقة في السودان، بل بالتجربة المصرية في براءة حسني مبارك من تهم كثيرة.فالمحاسبة السياسية ، في غاية الأهمية في الفترات الانتقالية في الثورات. فالإحالة للقضايا الجنائية وحدها ، ليست كافية في تطهير الأرض من بقايا النظم البائدة. بل يمكن أن يعودوا أطول لساناً بعد براءة بعضهم من القضايا المرفوعة ضدهم. وللأسف ، هذا هو الحبل الذي يلعب عليه المؤتمر الشعبي.ويتاجر فيه بدم الشهيد الاستاذ أحمد الخير.وربما كان الأستاذ علي السيد ، أدق قراءة للواقع عندما اعترف أن شيوخ الاتحادي واصلو مع النظام ، وشبابه مع الثورة. وهي نفس حالة الشعبي.
خلاصة القول ، أن المجلس العسكري لم يقدر مستوى الاستفزاز الذي يمكن أن يمثله ظهور قيادات الشعبي في المشهد بهذه البساطة . والأنكى أنه صدق باجتماع مجلس الشورى في هذا الظرف الدقيق.
أما المؤتمر الشعبي، ولحسابات خاطئة ، يظن بها أنه يمكنه أن يكون الجرح والسكين في آن واحد. عمد على عقد مؤتمر شوراه. إمعاناً في زيادة حالة الإحتقان. فهل يعقل أن يظن أن وجود السنوسي متحركاً بحرية ، لن يستفز الثوار ويؤدي إلى ما أدى إليه.
عليه يجب أن نختم بعدم إغفال المحاسبة السياسية ، حتى ولو بالتحفظ على رموز شاركت في النظام السابق من منطلق صلاحيته وظنه بديمومته معبراً عن تيار الاسلام السياسي ، أو مستردفين في طلب المصلحة الشخصية على حساب الوطن. وسيدفع المؤتمر الشعبي في قياداته ثمن هذا التقييم الخاطئ ، وجاء الدور على إصلاحييه . وأظنهم قد بدأوا من الجزيرة. لكن يجب أن يكون التصحيح ، بعد هدوء الخواطر، وليس الآن. فهل وعى الجميع الدرس؟
|
خدمات المحتوى
|
معمر حسن محمد نور
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|