وكأني أسمعهم يرددون..( ماذا يريد جزن قرنق!!؟)
04-30-2019 09:16 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
وكأني أسمعهم يرددون..( ماذا يريد جون قرنق!! ؟)
عقب انتفاضة أبريل 1985 ، كان تقييم الحركة الشعبية لتحرير السودان ، يختلف عن تقييم كل القوى السياسية . أو على الأقل التعامل مع تسلم الجيش للسلطة. فقد أعلن زعيمها الراحل جون قرنق ، أن ما حدث إنما هو استنساخ لمايو وأسماها مايو 2 . في حين أن بقية القوى السياسية ،تعاملت مع الأمر الواقع. وربما ذهبت إلى حد اتهام الراحل برفضه التعامل مع المجلس العسكري بإضعاف موقف تيار الانتفاضة. وأعلن المجلس العسكري أنه بصدد تسلم رؤية الحركة الشعبية وتسلم مذكرتها كبداية للتفاوض.والشعب مترقب للحدث. خرج فرع التوجيه المعنوي ببيان غريب تغلب عليه الإثارة ، وتصوير الحركة كرافضة ليس للحوار فقط. بل تقدم الفترة الانتقالية بإيجابية. وختم البيان الشهير بجملة تلخص هذا الموقف تقول ( ماذا يريد جون قرنق؟).وأذكر أن الحزب الشيوعي احتج على لغة البيان مردداً (ماذا يريد فرع التوجيه المعنوي؟).
المجلس الانقلابي الحالي ، الممثل للنظام البائد وفلوله . يحاكي تماماً تلك الرؤية. كل ما تغير هو أن الناطق الرسمي لما يسمى المجلس الانتقالي ، قد حل محل فرع التوجيه المعنوي. فبيانه بالأمس ، والذي يصور فيه موقف المفاوضين وكأنهم يعطلون التفاوض ، بتقديم رؤية مغايرة للنقطة التي وصل إليها الاتفاق ، ويبني عليه تحذيراته، هو نفس اللغة والرؤية. ويحق لنا أن نتساءل : ما الذي جعل ما أطلق على نفسه المجلس الانتقالي يحاكي هذا الموقف؟
الإجابة بالقطع هو تشابه الهدف. فإن كان المجلس الانتقالي في أبريل ، قد فاوض الجبهة الاسلامية المتحالفة مع النميري حتى الأشهر الأخيرة ، وكان رئيسه وأعضاء كثر ممن زرعهم الكيزان في الجيش،فإن الأمر في الوقت الراهن لا يحتاج لمجرد الاتهام .لأن ترقية النظام لمنسوبيه للرتب القيادية دون غيرهم ، لا تحتاج إلى استنتاج . وتكفي الإشارة لما نقل عن صاحب كتائب الظل عند بداية الاعتصام ، أن الجيش لن يتدخل حتى ولو قضى المعتصمين عمرهم أمام القيادة .لأن قيادة الجيش (منهم وفيهم).تماماً كما ودود المش عند المصريين . هذا عن الخلفية . أما المحفزات لذلك . فهو تعويله على تصوير الثورة ، على أنها ثورة جياع ، عكس ما يراه الثوار بأنها ثورة كرامة .فقد استند على التواطؤ الإقليمي.فمصر السيسي تتوسط لمد مهلة مجلس السلم الأفريقي الذي بدوره عين مبعوثاً خاصاً للسودان!!أما بقية المحور السعودي الإماراتي ،فأغدق عليه بمليارات ثلاثة ، بدأت ابو ظبي الإيداع بالأمس بمبلغ 250 مليون دولار. وبدأ وصول الدعم الاستهلاكي من الوقود والدقيق والوقود أو على الأقل قد ضمن. فاربط معي اتهام المجلس الانقلابي للاعتصام بتعطيل سريان المواد التموينية إلى غرب السودان عبر السكة حديد، وللأسف فإن قوى إعلان الحرية والتغيير قد تعاملت كمن يحاول درء التهمة دون التصويب على المغزى من المحاولة.
ولكن هل ستنجح المحاولة ؟ العسكريون الكيزان هنا كملوك البوربون. لا يتعلمون شيئاً ولا ينسون شيئاً. فالظروف مختلفة تماماً. فلا التوجيه المعنوي ولا الإذاعة والتلفزيون الحكوميتين مصدر المعلومات .فتطور وسائط الاتصال ، جعل حتى الفضائيات تعتمد أحياناً على البث المباشر عبر الجوالات.والشعب بأكمله قد تعلم كثيراً. وهذا الجيل يختلف عن سابقيه.ويكفي رد الفعل السريع عن البيان بإشعال الإطارات وزيادة المتاريس.
كلمة أخيرة . يجب على قوى إعلان الحرية والتغيير إعادة الأمور إلى نصابها. فلا تفاوض إلى ما لا نهاية.ويجب تصعيد العمل الثوري والدخول في مراحل الاضراب السياسي والعصيان المدني. ويجب التعامل مع موضوع الجسور ، ليس بفتح بعضها ، بل بإغلاق البقية بالمعتصمين الكثر.
|
خدمات المحتوى
|
معمر حسن محمد نور
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|