ما بنخاف
05-01-2019 01:43 PM

ما بنخاف......

(( ما بنخاف ....ما بنخاف))...هتاف ردده الثوار صناع هذه الثورة المجيدة فيما كانوا يواجهون الرصاص والبمبان والضرب والتاتشرات والملثمين والامنجية والكجر والطوارئء والسجون. تلك ايام الله لا عادها ولا عاد من تسببوا فيها. ويرحم الشهداء ويشفي المرضى ويحمي المعتصمين ويزيدهم منعة وقوة وثبات.

تذكرت الهتاف أعلاه فيما كان محمد حمدان دقلو" حميدتي" قائد قوات مليشيا الدعم السريع يحذر ويهدد ويتوعد متحدثا عن مندسين وفوضى من قبل المعتصمين امام القيادة. ونحمد الله انه لم يستطرد ويصف الثوار بشذاذ الافاق والجرزان.
وللفريق صلاح عبدالخالق الذي فات عليه ان المايكرفون مفتوح التقط عبر الاثير ما قاله(( والله انا اكعب من حميدتي لكن ساكت ما عارفيني)), اكرر ذات الهتاف

ألم يقتنع حميدتي ومن لف لفه بعد, أن زمن التهديد والوعيد قد ولى وان هؤلاء الشباب العزل هم القوة الحقيقة التي بادرت بالوقوف امام الطغيان ولم تهابه تماما كما لم تهاب اي قوة مسلحة اخرى...... ولن تهابهم ؟؟.

دون شك ان اعضاء المجلس العسكري وفي مقدمتهم حميدتي(( الذي تم تنصيبه هكذا نائبا لرئيس المجلس العسكري رغم ما يثيره من جدل ورغم ايمان قطاع واسع انه مجرد قائد مليشيا تلوثت يداه بدماء مواطنين)) يعلمون كل العلم ان هذه الثورة كانت سلمية وما تزال رغم ما اصاب الثوار من موت وتعذيب وتشريد وعدم امن وفقدان امان طال البيوت التي انتهكت حرماتها.
كانت السلمية الشعار المرفوع لهذه الثورة وظلت النهج الذي يلتزمه المعتصمون المرابطون في الهجيرة امام القيادة مؤكدين في كل لحظة استعدادهم الكامل ل" صبها" ليل نهار الى ان تحقق اهدافها ويتم تسليم الحكم لمدنيين يمثلونهم من تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير, وان ارتضوا مشاركة عسكرية سيادية لا حبا في حكم العسكر وانما لمتطلبات المرحلة, فالجيش مهمته حماية الوطن وحدوده وليس الحكم.

هذا ولم تنطل على احد من هؤلاء الثوار وغيرهم المحاولات التي ظل حميدتي ومن شارك معه من اعضاء المجلس العسكري في المؤتمر الصحافي الذي عقدوه نهار اليوم- الثلاثاء - يحاولونها بدق اسفين لشق الصف بالحديث عن شرعية المفاوضين وضرورة ان يعودوا لطاولة التفاوض بتفويض شعبي, وكأن لا تكفيهم الشرعية الثورية.

لقد تقدم المفاوضون من تجمع المهنيين على وجه الخصوص ومن قوى الحرية والتغيير صفوف القوى المدنية والحزبية الاخرى لكونهم الجهة التي قادت هذا الحراك الثوري, ولكونهم القوى التي شاركت بمختلف قطاعاتها والتي دعت ونظمت الاعتصام امام القيادة, وكانت تلك هي الخطوة الذكية التي ادت لنجاح الثورة اذ دفعت بالقوات المسلحة لاعلان انحيازها للشارع السوداني.

ولن ننكر ان انحياز قوات الدعم السريع للثوار قد ساعد في حقن مزيد من الدماء, وخشية انفلات حميدتي منح منصب نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي رغم سابق عمائله كمليشيا ضمت جنجويد ومرتزقة ومتكسبين اثروا بخيرات البلاد.

الى حينه تسكت, قطاات واسعة من الشعب السوداني في اطار الحكمة والترتيبات التي تتطلبها المرحلة السياسية المحتقنة, عن الدور السابق الذي قامت به قوات مليشيا الدعم السريع صنيعة الرئيس المخلوع الذي وتشبسا بالسلطة ارتضى تكوين مليشيا دخيلة على الجيش بل لم يتوان البشير في ترقية حميدتي الى رتبة لواء ثم فريق ضاربا عرض الحائط بما اثارته قراراته ومحاباته تلك من سخط قيادات الجيش واستتياء الشارع العريض واستغرابه.
وما يزال الاستغراب هو السائد بينما تكثر الاسئلة عما يربط بين حميدتي والبرهان وعن مصير قواتنا باليمن التي يمكن ان تعود وينتهي الزج بها في حرب لا ناقة لنا فيها ولا جمل اذا لم نقبل اية مساعدات او اموال واستعضنا عن ذلك بتنمية مواردنا الذاتية, وبسودانية القرارات وفق مصالحنا !!!.

اثناء المؤتمر الصحافي المذكور كرر حميدتي الذي, فيما يبدو قد اصابه غرور لصمت الشارع ولهتاف البعض باسمه والاشادة بتحركات يقوم بها, كرر ما وصفه بفقدانه للصبرعلى قفل المعتصمين لطرق وجسور مما اعاق حركة بعض القطارات, واصفا ذلك بالفوضى التي سوف يتعاملون معها بكل حزم.

تهديد حميدتي لم تخفف عنه تأكيداته انهم مع الثورة, وأنهم لن يمسوا المعتصمين متجاهلا ان تكديس الشباب المعتصم للمتاريس يرجع اساسا لا لميلهم للفوضى او لاعاقة المرور والتسبب في عطلة وانما لاحساس باهمية المتاريس كوسائل دفاعية لا يتوفر لهم غيرها, ولاحساس بعدم الامان وخشية الغدر, خاصة وقد تكررت محاولات فض الاعتصام بمختلف المسببات.

ردا على ما اطلقه حميدتي من تهديد وتخويف ووصفه للمتاريس بالفوضى طالب المعتصمون المجلس العسكري بالاسراع في المفاوضات لحسم امر الحكم وتسليمه للمدنيين. وعند ذاك فقط ينفك الاعتصام بكل هدوء دون ضرر او ضرار.

الى ذلك لم يتردد الشباب في توجيه لوم للمجلس العسكري, الذي وفي اول تصريح له قال انه ليس طالبا لسلطة ومن ثم امسى يجري ورائها مطيلا في عمر المفاوضات مكيلا التهم لمفاوضيه متذرعا بضرورة تحديد نصيبه ودوره كما لم يمل المماطلة بدعوى فتح الباب لمشاركة الاحزاب كافة وعددها يفوق 170 بما في ذلك حتى تلك التي لم تغادر سفينة الانقاذ الا عندما غرقت. متناسين مطالب ثورية متفق عليها أكدت أن الفترة الانتقالية فترة غير حزبية يفترض ان يتولاها تكنوقراط بحكم تخصصاتهم ومهاراتهم العملية وليس الحزبية.
فترة انتقالية تنذر تماما لاعادة بناء السودان ومؤسساته وخدمته المدنية كما تعمل في حيادية لتهيئة المناخ لاقامة انتخابات شفافة ونزيهة.
وللعلم لم يغفل الشباب مطالبة قادة تجمع المهنيين وقوى التغيير كذلك بضرورة الحزم والعزم والدقة في الخيارات بعديا عن اية محاصصات حزبية وليساهموا بدروهم في تسريع المفاوضات وحسم الخلافات حتى تنصرف الاطراف كافة لممارسة حياتها الطبيعية وحتى تبدأ المرحلة الانتقالية الجديدة ويا لها من مرحلة .

وفيما ندد حميدتي ومن معه بما وصفوه فوضى ادان الثوار بدورهم تراخي المجلس العسكري في تهدئة الامور وحسم قضايا مرحلية اساسية تتطلب السرعة في مقدمتها كامثلة وليس الحصر القاء القبض على قيادات الانقاذ كافة وحصر اموالها وتأكيد ذلك علنا, بدلا عن هذا البطء الذي شجع قيادات دعمت النظام السابق بل هي من رؤوسه ان تظهر في انتهازية مستفزة ظنا انهم سوف يعاودون انشطتهم وتجمعاتهم قبل ان يحاسبوا كما فعلت قيادات المؤتمر الشعبي ربيبة الانقاذ التي تسببت في شغب بتجمعها لعقد مؤتمر بقاعة قرطبة.
ناهيك عن تلك الدعوة التي اطلقها عبدالحي يوسف لتسيير مسيرة مما كان من الامكان ان يتسبب في كارثة ويخلق فتنة وفوضى.
اضف الى ذلك الفوضى التي يتسبب فيها استمرار معظم التنفيذيين من الانقاذيين وبقائهم حتى اللحظة في مناصب قيادية لم يتولونها لولا سياسة التمكين.
ان توقيف امثال هؤلاء وكثرغيرهم من سدنة النظام السابق ليس اقصاءا وانما احقاقا لحق ظل ضائعا, ومنعا لاي فوضى في حال هب البعض لطردهم كما سبق أن حدث. هذه الامثلة وغيرها توضح بجلاء من تسبب وقد يتسبب في تفلتات امنية

ونذكر الفريق حميدتي بما سبق ان قاله بعظمة لسانه(( ان اي جبروت وطغيان نهايته تكون صعبة)). الى ذلك وكما تذكرون جميعا كم كرر حميدتي انه(( جديد على السياسة)). ونوافقه القول ان للسياسة ناسها, وأنها تحتاج للكياسة وللدبلوماسية.
وعليه الا ينسى ان من أيده في هذا الشارع الثائر الفائر ايده لما عرف عنه من كره للكيزان. وليعلم تماما ان صمت البقية لا خوفا منه ولا رهبة مما معه من سلاح بل خشية انفراط امني يضيع ما حققته هذه الثورة العظيمة من نجاحات وحتى نعبر المرحلة باقل خسائر لحين ان يختار الشعب ممثليه .
والى حينه عليه الا ينسى مطلقا انه وقواته دخلاء على الجيش وقد تم ضمهم كقوة نظامية بتعديل للدستور قام به البشير المخلوع, وعليه ان يتوقع امكانية مراجعة هكذا قرارات .

وان كان حميدتي راغب حقيقة في عمل ينفع السودان عليه ان يبادر بطلب العفو من القبائل التي قتلوا افرادها وتلك التي شردوها وروعوها.
وليبدأ العمل الجاد والدقيق لعقد مؤتمرات صلح تمول من المال المنهوب ومما جنوه من الاستثمارات التي يتفاخر بها, وليطلبوا السماح والغفران من اصحاب الدم, وليبحثوا الاجاويد ممن يقنعوا المتضررين بقبول ديات وتعويضات, ويشرعوا في إقامة مشروعات تنمية مستدامة ولن يعوزهم المال فقد دفع الاتحاد الاوروبي الملايين وأكثر.

مؤتمرات الصلح والتسامح عمل لازم وبالغ الاهمية لازالة الضغائن والاعتراف بالاخطاء وطلب العفو والا فان الاحقاد سوف تزيد تراكما ويزيد السودان دمارا وفرقة.

بثينة عبدالرحمن
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 633

خدمات المحتوى


بثينة عبدالرحمن
بثينة عبدالرحمن

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة