بصريح العِباره .. !! 05-01-2019 01:54 PM سفينة بَـــوْح
بصريح العِباره .. !!
إذا لم يكن الحديث عن تحوُّل هذه الدولة إلى دولة مؤسسات وديموقراطية حقيقية مجرَّد تُرهات ولعب على الذقون ، وخطة خفية لإستمرار العهد البائد بثوب جديد ، لا يمكن أن يحتدم نقاش حول (شكلية ومحدودية) التمثيل العسكري في مجلس السيادة المزمع إعلانه ، بالقدر الذي يجعله لا يكاد مرئياً ولا محسوساً ولا مُشيراً إلى (عسكرية الدولة) ، فالنظام الديموقراطي المدني يتناقض من حيث المبدأ مع كل ما يشير إلى أن المؤسسة العسكرية لا تقف على أعمالها التخصصية والمهنية البحتة ، فضلاً عن (خضوعها) عبر الدستور والقوانين واللوائح لإمرة الحكم المدني في كل أعمالها وتحركاتها ، هذه هي الحقيقة المحضة التي نقدمها بلا موارة لكل الذين يستحون أن يُعبِّروا عن حقيقة المعنى الأصيل لمؤسسية الدولة وديموقراطيتها ومدنيتها .
طبعاً سيقول البعض أن الظروف الأمنية الخاصة التي تعيشها البلاد من حروب إقليمية وإحتمالات المقاومة من فلول النظام البائد عبر كافة السبُل ، يفرض وجوداً (خاصاً) للمنظومة العسكرية والأمنية في الدولة مما يجعل ذلك يُمثِّل نوعاً من الحماية التي يحتاجها النظام الديموقراطي الجديد الذي تُعبِّرعنه حالياً الحكومة الإنتقالية المُرتقبة ، وفي ذلك نقول أن كل هذا يمكن القيام به عبر وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز الأمن ، أو يمكن تكوين لجنة أمنية خاصة تتولى هذه الأمور، فالإختصاصات المتعلِّقة بإستتباب الأمن وحماية البلاد والعباد والنظام الديموقراطي لا تستدعي بأي حال من الأحوال فرض سيادة العسكر وحكمهم للسودان من جديد ، وإن كان الأمر كذلك فكما نُقرُ بأن أمر الأمن والحماية المدنية مهم ، يمكننا أن نُقر أيضاً بأهمية قطاعات كثيرة لا يختلف إثنان في كونها ذات أهمية قصوى ، كالصحة والتعليم والإقتصاد ، فلماذا لا نجعلها تعتلي صهوة جواد الحكم والسيطرة عليه بنفس الدافع الذي يدفعنا لقول ذلك عن الجيش لأنه يضطلع بمهنية حفظ الأمن والإستقرار .
الذين يُقرَّون سيادةً عُليا للجيش في التمهيد لبناء السودان الديموقراطي الجديد من زاوية الإشارة إلى أهمية الحفاظ على الأمن والإستقرار والحماية في المرحلة المقبلة ، يجب أن يعلموا أن أمر الأمن والإستقرار والحماية لا يصنعه الجيش وحده ، فالصحة والتعليم والتخطيط الإقتصادي وتصفية معاول الهدم التي أسسها النظام البائد ومحاكمة مجرميه وإسترداد أموال الشعب المنهوبة وتعديل المنظومة القانونية واللائحية والهيكلية البائدة ، إن لم يُجابه بحكومة مدنية قادرة وذات فعالية وصلاحيات واسعة وعُليا ، سيشُكِّل في الواقع إنعداماً حقيقياً وماثلاً (للأمن والإستقرار وحماية النظام الديموقراطي) ، لا أحد يمنع الجيش والمنظومة الأمنية والشرطية من أداء مهامهم المهنية الأصلية في ظل دولة المؤسسات عبر هياكلها الأساسية ، لكننا نعترض على إشتراطها أداء هذه المهام وفق الإستحواز على ممثليات وصلاحيات تفوق في شكلها ومضمونها المنهج المتفق عليه في وصف دولة المؤسسات الديموقراطية .
هيثم الفضل
[email protected]
الجريدة |
خدمات المحتوى | هيثم الفضل مساحة اعلانية الاكثر مشاهدةً/ش الاكثر تفاعلاً |