المقالات
السياسة
ماذا يدور في كواليس المجلس العسكري الانتقالي
ماذا يدور في كواليس المجلس العسكري الانتقالي
05-01-2019 01:51 PM

ربكة مذهلة وتناقض غريب وتعارض صارخ يكتنف المشهد السياسي والعسكري في الوقت الراهن وماسبقه من سقوط مدوي لعصابة الانقاذ الفاسدة ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان يصرحان علنا قبل الاقتلاع القسري للعصابة الحاكمة بحمايتها والدفاع عنها ويصفان في الوقت ذاته الشعب السوداني المنتفض في الشوارع بانهم شذاذ آفاق ورئيس جهاز الامن والمخابرات يصرخ وينتقد قواته لفشلها في اخماد جذوة الثورة على الرغم من سفك الدماء والبطش والانتهاك الصارخ للكرامة الانسانية الذي مارسته قواته ومافي شاكلتها من كتائب علي عثمان وطلاب المؤتمر اللاوطني والتاتشرات بلا لوحات التي تدهس الثائرين وتقتحم بيوت العزاء بلا رحمة او ضمير او انسانية والملثمين اشباه الرجال سياطهم وهراواتهم تلهب اجساد شباب وطننا المنتفض وكنداكاته الماجدات يهتفن من داخل السجون والمعتقلات مساجينك نغرد في زنازينك وقائد قوات الدعم السريع يتخذ موقفا ضبابيا ويمسك بالعصا من منتصفها فلاهو مع النظام ولاهو ضده والشارع يفور ويغلي وموجه يهدر في رحلة البحث عن الانعتاق والاستقلال الحقيقي ودماء الشهداء تعطر ثرى الوطن ودموع الامهات وحرقة حشاهنّ صار رمزا للنضال وهتاف الثائرات في عواصم الضباب وكاليفورنيا اصبح ايقونة للثورة المجيدة التي بهرت العالم بسلميتها وتحضرها والكنداكة آلاء صلاح بثوبها الابيض وقرطها الذهبي الذي يلمع في وهج الشمس وهي تهتف للوطن وثورته المجيدة وقد شبهتها صحافة العالم المتمدن بتمثال الحرية والشارع يغلي و6 ابريل 2019 على موعد مع النصر وانبلاج فجر الحرية وقهر دولة الظلم والاستبداد والفساد ومااشبه الليلة بالبارحة
الجموع الهادرة تواصل الزحف بقوة فاما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدا حيث لم يعد من شي يمكن خسارته فالموت والحياة صارا لايختلفان كثيرا والشارع يهدر والجموع تتقدم نحو مقر القيادة العامة للجيش السوداني وينتفض صغار الضباط وضباط الصف وبعض الجنود م ويعلنون في شموخ وقوة عن تضامنهم مع الثورة وحماية الثوار والثائرات من بطش كتائب الظل وسحل مرتزقة المؤتمر اللاوطني وقمع القوات الامنية ويختلف المشهد هذه المرة وترتبك هيئة اركان الجيش وتهتز قناعة اللجنة الامنية العليا وتبدا سلسلة من الاعتقالات داخل القيادة العامة للجيش ونذر عصيان عسكري على وشك وقاب قوسين ومخالفة للتعليمات والاوامر العسكرية داخل قيادة الجيش تبدو في الافق الامر الذي تصبح معه السيطرة على الوضع اكثر تعقيدا وتجتمع اللجنة الامنية العليا المكونة من وزير الدفاع وقتها ورئيس هيئة الاركان وقائد الدعم السريع ومدير المخابرات ومدير الشرطة ووزير الداخلية ومن معهم بالرئيس المخلوع الذي رفض الانصياع لتوجيهها له بالتنحي وان الخيار الامني الذي كان مصرا عليه سيؤدي لحدوث مجزرة بشرية
مارشات عسكرية في صباح الخميس 6ابريل واعلان عن بيان هام للجيش والشارع يزأر بقوة هذه المرة والعالم كله يترقب البيان والفضائيات قد حشدت مراسليها ووجهت كاميراتها انتظارا للبيان الهام وطبخة على نار هادئة تجري داخل مطبخ المؤسسة العسكرية بمشاركة اللجنة الامنية العليا وترتيبات تعد في الخفاء ابرز ملامحها غير المعلنة اعادة تدوير نفايات النظام البائس تحت مظلة اقتلاع النظام والانحياز للشارع ويطل علينا الفريق اول بن عوف وزير الدفاع ليعلن بصفته هذه اقتلاع النظام وراسه والتحفظ عليه في مكان آمن وتشكيل مجلس عسكري انتقالي لمدة سنتين برئاسته ورئيس هيئة الاركان نائبا له مع اشادة بدور اللجنة الامنية وصلاح قوش وحميديتي وانهما كانا من قادة التغيير
ويدرك الشعب الثائر الطبخة وينتفض ويثور للمرة الثانية مطالبا بكنس جذور النظام وعلى راسهم وزير دفاعه ورئيس هيئة اركانه ورئيس مخابراته وقائد الشرطة ويقف حميدتي هذه المرة في جانب الثورة والثورة تزداد لهيبا وحماسا وقوة واتى البيان الثاني من البرهان مسنودا بقدر من التطمينات للجموع الثائرة وانه رجل وطني لاعلاقة له بالانقاذ على الرغم من انه المفتش العام للجيش وظهور ماسمي برئيس اللجنة السياسية عمر زين العابدين مع اقصاء حذر لصلاح قوش رئيس الامن والمخابرات هذه المرة مع ظهور معلن لنائبه الفريق جلال مع رئيس الشرطة والثورة تتوجس من مؤامرة أخرى ودعوات باستمرار الاعتصام ويعتلي حمدتي هذه المرة سدة المؤسسة العسكرية ويبدا في إطلاق التصريحات والتطمينات المؤكدة لانحياز قيادة الجيش وقواته بالكامل للثورة وانها مع الثورة وليس ضدها وان غرضها هو انتشال الوطن وحماية الشعب واجتثاث رموز النظام المقتلع وان ماحدث ليس انقلابا بل وقوف في صف الثورة
وتتوالى الاحداث بسرعة ويزيد الاحتقان في الشارع السوداني وتضج الميديا والاسافير والواتس والمنتديات والناطق الرسمي يصرح واجتماعات مع قوى الحرية والتغيير تنفض وتنعقد وبشائر بقرب الوصول الى اتفاق شامل وظهور واضح في العلن لمن كان مشاركا مع الانقاذ حتى لحظة سقوطها المدوي ومن قفز من مركبها حينما شعر بدنو اجلها وكتائب الانقاذ تمارس هواياتها ولعبتها القديمة في شق الصف الوطني واغتيال الثورة الباسلة والجداد الاليكتروني يكتب ويحلل ودعوات من هنا وهناك وان الشيوعيين على قرب الامساك بمفاصل الدولة ووأد الاسلام واغتياله وانه لابد من مسيرة مليونية دفاعا عن الاسلام والدين والعقيدة والمؤسسة العسكرية والمجلس الانتقالي في حيرة من امره
وفود خارجية تبارك واخرى تطالب بتسليم السلطة للمدنيين ودول تعلن عن دعمها ومساندتها وتاييدها للمجلس العسكري واجتماع ينعقد بالقاهرة برعاية السيسي لدعم المجلس العسكري وودائع مليارية تبشر باسترداد الجنيه السوداني لعافيته واستقالة لرئيس اللجنة السياسية وعضوين من المجلس العسكري بناء على ضغط وحراك قوي من الشارع بمبرر انهم امتداد للنظام المقتلع وقبول الاستقالة مؤخرا تتغير اللغة ويبدا الوعيد والتهديد تحت مظلة محاربة الفوضى والتفلت بدعوى الحفاظ على امن الوطن والمواطن وخلاف حول مجلس السيادة وتشكيله وعدم اتاحة الفرصة لبعض التنظيمات المدنية والسياسية بالمشاركة في القرار المتعلق بمستقبل الوطن بدعوى مشاركتها في النظام المخلوع وتضج الميديا مرة اخرى وهذه المرة برسائل صوتية لرئيس هيئة الاركان المستقيل كمال عبدالمعروف معلنا فيها عن القطط السمان واسامة داود وانه يمتلك الاثبات والمستندات وظهور مفاجئ كذلك لصلاح قوش وهو يتحدث عن القطط السمان بدعوى محاربة الفساد وارجاع اموال الوطن المسروقة والمنهوبة بغير وجه حق بينما كان بامكان الاثنين فعل ذلك عندما كانا على قمة هرم اقوى المؤسسات الامنية والعسكرية الامر الذي يجعلنا لانضع لحديثهما اي قيمة وانه لايسوى قيمة الوقت الذي استغرقه -
لاندري حقيقة مايحدث في كواليس ودهاليز المؤسسة العسكرية وداخل غرف القيادة المغلقة او مايجري بالقصر الجمهوري بعد انتقال المجلس العسكري اليه ومايجري كذلك ضمن ماتناولته الاسافير مؤخرا من ضلوع ومشاركة اشهر ترزية تعديل وتفصيل الدساتير والقوانين التي تتلائم وتتماشى مع صورة واغراض واهداف النظام المخلوع المتمثلة بالضرورة في مصّ دم المواطن المغلوب على امره ونهب خيرات الوطن والعبث بمكتسباته الاستاذة بدرية سليمان في تقديم الفتوى والاستشارات والرؤى القانونية للمجلس وانه تبعا لذلك تغيرت لغة ومفاهيم بعض قادة المجلس ومن يدور في فلكهم
إن مانريده ببساطة متناهية من المجلس في هذا المنعطف الخطير من تاريخ وطننا وقبل ان يتفاقم الامر مرة اخرى وقد بدأت بعض المؤشرات التي تشير لذلك بوضوح تام وحتى لايضيع منا الوطن بعد الملاحم البطولية الرائعة التي سطرها شعبنا على امتداد ثلاثون عاما وماقبلها هو ضرورة الاحتكام للغة العقل والمنطق والاستماع فقط لصوت الشارع بالاسراع بتسليم السلطة لرئيس وحكومة مدنية منتخبة عبر انتخابات حرة نزيهة تشرف عليها منظمات دولية خلال فترة لاتتعدى الستة اشهر من تاريخه مستصحبين في ذلك كل الرؤى والتصورات وان الوطن يسعنا جميعا بمختلف الوان طيفنا مع اهمية الابتعاد التام عن اي محاولة لاعادة تدوير النظام المخلوع ورموزه ، وايقاف اي محاولات من قوى وتكتلات اقليمية تسعى لفرض اجندتها الخفية على الواقع السياسي بمعطياته الراهنة والا فالطوفان قادم لامحالة ، وأن لاصوت في هذه المرحلة يعلو فوق صوت الشعب والوطن فاما الزبد فيذهب جفاء يذهب واما ماينفع الناس قيبقى ويمكث في الارض وعاش السودان حرا مستقلاً بعزم وارادة شعبه الحر الابي .







تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 699

خدمات المحتوى


طارق الأمين علي ادريس
طارق الأمين علي ادريس

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة