(شو بيك خَيُّو..؟ خلّي العَسْكور يتكلّم بعدين نَظِّرْ)!
05-02-2019 11:03 PM
(شو بيك خَيُّو..؟ خلّي العَسْكور يتكلّم بعدين نَظِّرْ)!
بعد إنقلاب مايو بأيّام قليلة أتى من لبنان وفد صحافي كارب، كانت غالبيّته من قوى اليسار. وكان الزمان زمان مدٍّ لليسار العربي، وكانوا فِرحين لنشوء نظام تقدّمي في السودان يشارك فيه واحدا من أقوى الأحزاب الشيوعيّة العربيّة والأفريقيّة. إلتقى الوفد بعدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة، بيْدَ أنْ كان بمعيّتهم أحمد سليمان - المدني، وعضو اللجنة المركزيّة للحزب الشيوعي السوداني، والذي لم يكن عضوا في المجلس القيادي، فالمجلس مكوّن من العساكر وعضويّة مدني واحد هو بابكر عوض الله الذي أصبح رئيسا للوزراء. المهم، كان الصحافيّون يوجّهون أسئلة عويصة لأعضاء المجلس في السياسة والفكر والفلسفة والحياة الدنيا، وكان كلّما تلجلج العساكر في الإجابة ينبري أحمد سليمان ليجيب، وكان ذا ثقافة واسعة. ولمّا تكرّر ذلك عدّة مرّات هتف به أحد الصحافيين محتجّاً: شو بيك خيّو..؟ خلّي العسكور يتكلّم بعدين نظّر..!
أها.. هسّه العسكور بتاعين اليومين دي نباصرم كيف، وهم لا معاهم بابكر عوض الله ولا أحمد سليمان (يرحمهما القدير) كيْ يتادركا عنهما أسئلة وفد قوى الحريّة والتغيير العصيّة عليهم، فلا يفتح عليهم سبحانه تعالى سوى بالتشنج والغضب فتسقط عنهم الأقنعة فيخرجون على خلق الله الثائرين سافرين يُخرجون ما حاولوا مداراته بين الصدور والأفئدة. يتوعّدون المصبوبون (نعم، هكذا مرفوعةً) في الهجير أمام قيادتهم بالثبور وعظائم الأمور.
وخيراً فعلوا..! فالآن الشعب من أمامهم وضباط (عميد فما دون) وضباط صف وجنود وشرطة وجندرمة من خلفهم، فماذا هم فاعلون؟!
*
هذه ثورة لاتشبه ما سبقها من ثورات السودان السابقات؛ ثورة تصرّ على تأسيس سودان جديد، دولة طالما حلمت بها شعوب السودان، وطن يسع الجميع. ففيما سبقها من ثورات (ما عدا عامٌ واحدٌ برئاسة سر الختم الخليفة الذي أعقب ثورة أكتوبر) لم تلد الثورة سوى دكتاتوريّات مدنيّة، لم تلد سوى الخيْبات! ويكفي أن نقول، ولنبرهن على مانقول، أنّ الديكتاتوريّات لا تستطع وضع دساتير ديمقراطيّة، ولذا ها نحن بلا دستور دائم منذ أن نلنا إستقلالنا..! لأنّ السادة المراغنة والمهديّة الجهديّة كانوا، مثلما الكيزان، يريدون لنا دستورا إسلاميّا في بلد، ليس متعدّد الديانات فقط، بل متعدّد الإسلام نفسه، فبأيّ إسلام يُريدون أن يحكمون: إسلام مالك الذي يبيح قتل ثلث الشعب، أم إسلام الصوفيّة، أم أيّ إسلام قاطعنو من راسم كما يشتهون، وكما قال علي الذي كرّم الله وجهه: الإسلامُ حمّال أوجُهْ..!
*
العسكور بتاعين المجلس الإنتقامي من الواضح أنّهم يريدون أن يجعلوا من البشير كبش الفداء ليبقى النظام كما كان. فلماذا يحاكم البشير الآن وكلّ العرّابين مطلوقي السراح، من قتلوا الناس منذ العام 89 وحتى الأمس القريب، من نهبوا وسرقوا وباعوا أرض البلاد والعباد..؟!! فالبشير منذ البداية إنّما جيئ به لذرّ الرماد فوق العيون لأنّه لم يكن معروفا، إلا أنّه تنمّر عليهم.. فحانة ساعة حسابه!
|
خدمات المحتوى
|
عادل عبد الرحمن
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|