المقالات
السياسة
فصل الحكومة عن الدولة!!
فصل الحكومة عن الدولة!!
05-06-2019 11:08 PM

صديق عائد أمس بعد غياب طويل بالخارج سألته، ما أكثر ما لفت انتباهك عند عودتك إلى وطن السودان بعد كل هذا الغياب؟ قال لي، زحمة السيارات في الطرق تعطي الانتباه بأن البلاد في (عطلة) فالمفترض أن الناس في أعمالهم خلال النهار، فتخلو الطرقات من السيارات والمارة.. بينما تزدحم السيارات والمارة في العطلات لأنهم لا يذهبون إلى مكاتبهم بل يخرجون من بيوتهم للتنزه أو التسوق والزيارات الاجتماعية.. ولمزيد من توضيح الفكرة قال لي صديقي (أتوقع أن يكون نسبة الذين يعملون في السودان لا تزيد عن 20%..)

ولا علاقة للأمر بما تشهده بلادنا من تطورات حالياً، فالحقيقة أن سوق العمل اختنق خلال السنوات الأخيرة لدرجة مخيفة، الوظائف انحسرت ومخاطر العمل الحر باتت أكثر من أرباحه.. حتى العمل في شركات سيارات الأجرة والتي استوعبت عدداً مقدراً بات يتقلص بصورة كبيرة.

والسبب، لأن السياسة في السودان تملك مفاتيح الحركة والسكون في كامل الدولة.. الحالة السياسية تتحكم في مصير المواطن تماماً.. فلماذا لا نبحث عن معادلة تفصل الحكومة عن الدولة.. حتى لا تتعطل مصالح الناس إن تعطلت الحكومة أو تغيرت أو حتى لو تكاسلت أو فشلت؟

الحكومة هي الجهاز السياسي المشرف على العمل التنفيذي.. أما الدولة فهي جميع مكونات البلاد المجتمعية والإدارية.. لماذا لا نفصل الحكومة عن الدولة لنحقق مجتمع الـ(لا) حكومة.. تحقيق المعادلة التي تنص أن العلاقة عكسية بين الحكومة والدولة.. كلما صغرت الحكومة كبرت الدولة..

وتصغير الحكومة لا يعني تخفيض عدد الوزراء.. هذا فهم قصير النظر.. تصغير الحكومة يعني إخراجها من حياتنا لتختصر عملها في السيادة والتشريع. تصغير مهامها وتفويضها لصالح مهام المجتمع وتفويضه.

وفي البلاد التي تحكمها حكومة (صغيرة) لا يحتاج المواطن أن يعرف اسم رئيس الجمهورية أو الوزراء.. فتفاصيل حياته لا تمر بهم.

لكن أنظروا إلى حياتنا في وطننا السودان.. الآن وبلادنا تعيش مرحلة الانتقال من حكم ديكتاتوري إلى حكم ديموقراطي يتابع المواطنون بقلق كبير تشكيل الهياكل الدستورية.. بين هضاب الاتفاق والاختلاف بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير.

أليس من الحكمة أن نحوِّل الثورة الشعبية إلى قوة حركية هائلة تحرر المجتمع من أغلال الحكومة.. ليصبح مجتمعاً كبيراً يتولى أمره بلا حاجة لولي أمر..

لدى فكرة سبق لي طرحها كثيراً هنا بل ودوَّنتها في كتابي (كيف أضاعوا السودان، عشر مخاز سودانية)، مختصر الفكرة يقوم على عزل (طبقة السياسة) حتى لا تتغوَّل على الطبقات الثلاث تحتها (طبقة الخدمة المدنية- طبقة الأعمال- طبقة المجتمع) وذلك بحصر الجهاز التنفيذي من أعلى سنامه في درجة (الوكيل) فقط.. يظل دائماً الوزير مجرد (واجهة سياسية) لا يستطيع أن يحرك بقلمه الأخضر جنيهاً واحداً ولا سلطة..

التيار





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 2121

خدمات المحتوى


التعليقات
#1828621 [خالد]
0.00/5 (0 صوت)

05-08-2019 09:07 PM
والله ياعثمان اخوي انت رومانسي شديد الاحظ في كل مقالاتك التمتع بالإتيان بفكره جديده لم تدرس وأم تختبر وبالتالي لن يكتب لها النجاح خليك في السياسة السودانية ورزق اليوم باليوم.


عثمان ميرغني
عثمان ميرغني

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة