الموضوع: ذكريات رمضانية.. 2...!! وفاة طفل سوداني بفندق في القاهرة ...!!
05-08-2019 01:19 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قريمانيات..
ذكريات رمضانية.. 2...!!
وفاة طفل سوداني بفندق في القاهرة ...!!
في أواخر الثمانيات من القرن الماضي كنا طلابا بجامعة الازهر حيث كنا نسكن في مدينة البعوث الإسلامية تلك المدينة الجامعية التي تمتلئ الى اخرها بطلاب من مختلف انحاء العالم يدرسون بكليات ومعاهد جامعة الازهر المختلفة وكان السودانيون في مقدمة أولئك الطلاب ...!!
هذه البيئة أتاحت لنا ان نتعرف على طلاب من بقاع مختلفة من العالم فكان ان التقيت بأحد الطلاب السودانيين وكان طالبا بكلية الهندسة تطورت علاقتي به واستمرت طوال الفترة التي كنا فيها معا في الجامعة بل واستمرت هذه العلاقة الى يومنا هذا وتحولت العلاقة بيننا أخوة وعلاقة اسرية ممتدة ...!!
كان الأخ المهندس محمد حسن محمد عوض قد سبقنا الى الجامعة بسنوات فكنا نعتبره اخا كبيرا وقدوة لنا فكنا نستشيره في كثير من مما يشكل علينا من أمور.. وكان محمد ناضجا ومثاليا وكان عصاميا ومجتهدا في دراسته بل كان مختلفا عن كثير وأكثر ما يميزه انه رجل منظم ومهتم باستثمار وقته الى اقصى درجة ممكنة ...!!
اذكر جيدا انه وفي شهر رمضان جاء محمد حسن الى غرفتي وطرق الباب ولما فتحت الباب لمحت تغيرا في وجهه فطلب منه الدخول الا انه اعتذر وبسرعة غير معتادة طلب منى أن استعد لأذهب معه الى مشورا ضروري فلم أترددت في الاستجابة لطلبه ودون استفساره عما به او الجهة التي سنذهب اليها فكنت جاهزا للذهاب معه في بضع دقائق ...!!
دوما ما كنا نتنقل ونتجول في انحاء القاهرة المختلفة بدراجته النارية الا ان ذلك اليوم أشار الى محمد ان نستغل سيارة اجرة وسرعان ما اوقفنا سيارة اجرة وبينما نحن في داخل سيارة الأجرة ذكر لي أن احدى قريباته قد حضرت الى القاهرة وان زوجها سيلحق بها دون تفاصيل أخرى وأضاف ان الامر اختلف الان فان زوجها سيذهب الى السودان بدلا عن المجيء الى القاهرة وأننا يجيب ان نقف مع هذه السيدة حتى تسافر الى السودان في أقرب وقت ممكن خاصة ان إدارة الفندق الذي تنزل فيه هي وطفليها قد طلبت منها مغادرة الفندق وفورا...!!
كل ذلك ولم أكن اعرف تحديدا عما يتحدث محمد حسن وذلك لسببين الأول لان الحزن كان قد التفه فلم يكد يرفع صوته حتى يتثنى لي سماعه والسبب الثاني أن الطريقة التي يتحدث بها محمد سريعة للغاية وكثير من معارفنا يستغربون على ويسألونني كيف افهم حديثه ...!!
وصلنا الفندق والتقينا تلك السيدة عند مدخل الفندق وهي في حالة انهيار تام وبكاء ما بعده بكاء فسلمنا عليها وبسرعة اشارت الينا ان أحد طفليها قد توفى وبالرغم من ذلك كانت بها رباطة جأش وقبول ما حدث لها ...!!
أجرى محمد عدد من الاتصالات غير أن كل المستشفيات رفضت ان تستقبل الطفل لأنه قد توفى ...!!
اتصلنا بالجهات الرسمية وبعد قررنا الذهاب بالأم وطفليها الى معارف لهم "اسرة مصرية " واذكر جيدا ان تلك الاسرة كانت في منطقة العباسية.. وبعد دقائق حضر الينا الحانوتي "الشخص المختص بإعداد الموتى “سرعان ما قام الحانوتي بعمله وقد طلب ان يدفع له اجره مقدما فاستغربت وعجبت لذلك السلوك التجاري البحت ...!!
وبحلول وقت صلاة المغرب أنهي الحانوتي عمله.. فأحضرت تلك الاسرة شيئا حتى نفطر فلم نسطع ان نأكل غير تمرات وقليل من الماء واما صاحب المنزل وذلك الحانوتي قد اكلا حتى شبعا ونحن نوسى تلك السيدة في مصابها ونصبرها فتحول حالنا الى حالها...!!
بعد ذلك ذهبنا الى ما يعرف ب" القرافة" المقابر.. وقد منحتنا تلك الاسرة مقبرة لتدفن فيها جثة الطفل وقد حرصنا ان يكون الدفن دفنا حقيقا في قبر منفصل وليس كما يدفن المصريون موتاهم بوضعهم في غرفة كبيرة تحت الأرض دون دفن ...!!
مباشرة بعد مراسم الدفن توجهنا الى مطار القاهرة وسافرت تلك الام المكلومة الى الخرطوم حيث زوجها في الانتظار هناك...!!
فكانت تلك الأخت تودعنا والحزن يلفها من كل جانب والشكر والامنان في وجهها...!!
ذلك كان يوم رمضاني محزن للغاية ...!!
نسأل الله لك الصبر لأختنا "أم الناس" ...!!
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
الطيب رحمة قريمان
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|