المقالات
السياسة
شباب الثورة .. والشباب غير السياسي !
شباب الثورة .. والشباب غير السياسي !
05-12-2019 01:19 AM

شباب الثورة .. والشباب غير السياسي !

من مضحكات اقوال الثورة المضادة فى محاولاتها التى لاتنتهى ، القول بان من قام بالثورة هم شباب غير مسيس ، ثم جاء السياسيون لاخنطافها !وهو قول كان من الممكن تجاهله على اساس أنه آت من مصدر لايتوقع منه غير ذلك . ولكن لأنه يأتى أيضا من بعض مؤيدى الثورة ، كان لابد من الرد عليه ، اذ انه فى راىي يمثل خطرا ماثلا على الثورة ان لم يكن حاليا ففى المنظور القريب .

ونبدأ اولا بتعريف السياسية . وهى كلمة من الصعب ايجاد تعريف لها متفق عليه ، ذلك لأنها كبعض اشياء اخرى يعتمد تعريفها على وجهة نظر المعرف ، التى بدورها تعتمد على الوضع الطبقى أو الجهوى أو الاجتماعى .. الخ لذلك المعرف . ولتبسيط الامر لخدمة مقصد هذا المقال نقول ان السياسة هى مدى فهم مجريات الامور فى البلد المعين وماحوله من مؤثرات محلية واقليمية ودولية .غير ان هذا الفهم ، فى راينا لايشترط بالضرورة الانتماء الى كيان سياسى معين ليوصف الشخص بانه سياسى او غير سياسى .

فاذا اتفقنا على معقولية هكذا تعريف ، يصبح من غير المناسب والمعقول ان نصف الشباب الذى وصل اقتناعه بالثورة الى التضحية بالروح ومادون ذلك ، بأنه غير سياسي ! اذ أن موقفا كهذا لايمكن ان يصدر الا عن فهم تام لمجريات الامور ، وهذا بالاضافة الى ان الشعارات التى رفعها شباب الثورة قد تخطت فهم ومواقف كثيرين من من لايشك احد فى انتمائهم الى صنف السياسيين بل والقادة السياسيين :

شعار الثورة الرئيس و الممتد : سلمية سلمية ، هو الشعار الذى كف ايدى حاملى السلاح من كل الاشكال والالوان من استخدامه الا فى اضيق الحدود وبسرية شديدة بالرغم من ان طلب راس النظام كان هو قتل ثلثى الشعب وبسند مالكى ! ألا يدل استخدام هذا الشعار على معرفة بتاريخ الثورات فى الدنيا واختيار الشعار المناسب لثورتهم ، واليست هذه سياسة ؟!

تكملةالشعار أعلاه : ضد الحرامية : ألا يعنى معرقة بأحد مصائب الانقاذ الكبرى ، وأليس هذا من السياسة ؟!

سلام .. حرية .. عدالة .. والثورة خيار الشعب : الثورة – ليس الانتفاضة – لأنه باكتمال هذا الشعار ، أى بتحقيق السلام بعد حروب تعبر عن مطالب المناطق المهمشة .. ثم الحرية التى تكفل للجميع العمل من خلال التعبير والتنظيم وكل اشكال الاحتجاج والمطالبة السلمية .. ثم العدالة فى توزيع الثروة والسلطة على الكل من غير اعتبار للأختلافات العرقية أو الجهوية او الدينية ، أقول بالتحقيق الكامل لهذا الشعار ألا يحدث تغييرا جذريا فى المجتمع : ثورة كاملة الدسم ؟!

وعندما حاولت الثورة المضادة أثارة النعرات القبلية والجهوية ، التى استخدمتها الانقاذ طوال عمرها المديد ، باتهام عدد من طلاب دارفور بالتخطيط والاستعداد لقتل المتظاهرين ، جاء الرد سريعا : العنصرى المغرور .. كل البلد دارفور ، فهل من فهم سياسى اكثر من ذلك ؟!

فاذا بحثنا عن أدلة أخرى على صفة السياسة لدى شباب الثورة ، فاننا نبدأ بفكرة تجمع المهنيين ، الذى هو تجمع نقابى وبالتعريف الذى يجعل السياسى هو من لا ينتمى الى تنظيم سياسى ، أى حزب ، فان المهنيين قد تجمعوا لمطالب تخص مهنهم ولذلك فقد كانت مخاطبتهم الاولى للسلطة حول الميزانية واثرها عليهم . ولكنهم وجدوا ان تحقيق مطالبهم ذو ارتباط وثيق بسياسات الدولة الاقتصادية على الاقل . وهذه عين السياسة . ولعل هذا يفسر الارتباط الوثيق والعجيب والمذهل بين تجمع المهنيين وجماهير الشعب السودانى فى كل اصقاع البلاد ، بالدرجة التى جعلت أحد الشباب يعبر عن ذلك الارتباط بالقول " لو دعانا التجمع لدق الريحة لاستجبنا ؟! "

واذا تتبعنا الدور الذى قام به هذا التجمع والتاكتيكات التى استخدمها فى قيادة هذا الحراك الثورى ، فاننا فى المنتهى لانجد له وصفا غير انه كان فى منتهى السياسة !

فالتكوين نفسه فكرة عبقرية فى مجابهة نقابات المنشاة ، التى شلت بالفعل حراك النقابات التى يشترك فى عضويتها الوزير صاحب الثروة المقدرة ب 64 مليار دولار والخفير الذى يبلغ مرتبه عشرة دولارات ؟!! وقد بدأ الصراع الثورى اثناء تكوين هذه النقابات المهنية وكشف الطريق أمام جحافل الثورة . ثم بعد ان اشتعلت المظاهرات هنا وهناك وتنوعت بين شاملة وفى بعص الاحياء ، ثم نهارية وليلية ، ثم انتشرت فى اقاليم السودان . وهكذا كسب تجمع المهنيين ثقة الشعب ولاأظن ان مثل هذا العمل يمكن ان يوصف بغير كونه سياسيا من الطراز الاول وقد قام به شباب ربما لا ينتموت الى حزب معين ولكنهم بالتاكيد متاثرين بسياسات وافكار بعض الاحزاب السياسية الموجودة فى الساحة برغم ما يوحه اليها من انتقادات عن حق وعن جهل او محاولة تشويه . السبب لكل ذلك هو ما ذكرته من خطورة الفصل بين الشباب والعمل الحزبى المنظم ، الذى ازعم انه لولا وجوده وماقام به من نضال ضد النظام الاسلاموى الشمولى منذ اليوم الثانى لانقلاب الجبهة الاسلاموى ، وبرغم الاخطاء والصعود والهبوط الذى حدث فى هذه المعركة غير المسبوقة مع نظام خليط عسكرى واسلاموى ، لما انتهينا الى هذه الثورة التى اصبحت حديث العالم . ولعل ما حدث عند فكرة الاعتصام امام القيادة العامه للقوات المسلحة ومعارك الكر والفر بين المعتصمين تحت حماية الضباط الشجعان المخالفين لاوامر قياداتهم واشكال الثورة المضادة المنوعه ، لعل هذه الفكرة العبقرية لاتصدر الا من عباقرة فى الفن السياسى.

وهناك غير هذه وتلك من الادلة على الفكر السياسى العبقرى لدى الشباب المعتصم وقيادته فى تجمع المهنيين مالا يمكن حصره فى مثل هذه العجالة . غير انه فوق كل تلك الادلة المذكورة يبرز دور التجمع المهنى ( غير السياسى !) فى تجميع القوى السياسية ، التى كانت تسعى لهذا الهدف ولاتصل اليه ، في ماعرف بقوى الحرية والتغيير . وهى القوى التى استطاع الشباب ، قاعدة ووقيادة ، ان يجبرها فى بعض الحالات على الاعتذار عن بعض مواقف اعلنت عنها بعض الجهات الممثلة فى تحالف القوى وقد كانت تعبر عن اختلافات غير مبررة . فهل يمكن بعد هذا ان يوصف الشباب بغير السياسى الا اذا كان الهدف هو تشتيت هذه الوحدة الرائعة بين الشباب الذين هم بالفعل عمود ووقود الثورة ، وبين القيادات السياسية التى بذلت معرفتها وخبرتها لتنير الطريق لخطوات الثورة الواثقة والمكلله بالنجاح ، بأذن الله ، وباستمرار الوحدة حتى الانتصار الوشيك عند الاجتماع القادم والاخير بين المجلس العسكرى وقيادات قوى الحرية والتغيير .

وأخيرا سؤال ينتظر الاجابة من زعماء الثورة المضادة : ألم يكن الشباب بين صفوف الشعب وفى القوات المسلحة هو وقود انتفاضات الشعب السابقة وعنصر رئيس فى 1964 وفى 1985 ؟! وهل كان شبابا مسيسا أم غير مسيس ؟!

عبدالمنعم عثمان
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 264

خدمات المحتوى


عبدالمنعم عثمان
عبدالمنعم عثمان

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة