المجلس العسكري يتمسك بالماضي
05-12-2019 02:57 AM
منذ حوالي ستة أشهر والبلد تعيش ظروفاً قاسية ما بين تظاهرات انتهت باعتصام مازال مستمراً في انتظار أن يسلم المجلس العسكري السلطة لحكومة مدنية كما وعد والتزم، وإرث من الأزمات الطاحنة تركها النظام المخلوع، وما اندلعت التظاهرات إلا لأن الشعب فقد حتى الأمل في الخروج من تلك الأزمات، وهي مازالت مستمرة كما هي لا شيء جديد يشعر به الناس غير السعادة القلقة بذهاب البشير والخوف من بقايا نظامه وتأخر المجلس في تسليم السلطة والتوجس منه.
الرئيس المخلوع كان يعلم أن طريق الفساد الذي مضى فيه لا يمكن العودة منه، والجيش لم يتصرَّف معه بل ساعده وتستر عليه وقاتل معه من أجل الحفاظ على السلطة من خلال علاج الفساد بالفساد وهزيمة الشعب باليأس والإحباط وما كانوا يدرون أنها وقود الثورات، وهذه الثورة الشعبية ما كان لها أن تتأخر يوماً واحداً فانطلقت دون إذن وفتحت باب الأمل ويجب أن يخرج من خلاله السودان إلى واقع جديد وبسر عة، ولذلك علينا كشعب أن نتساءل: من سيفعل ذلك الجيش صانع الأزمة نفسها أم حكومة كفاءات مدنية؟، المجلس العسكري يعلم الإجابة ولكنه لا يريد الخروج عن الماضي ليرى جمال الغد.
في الحقيقة المجلس العسكري يبالغ في تعقيد المسائل والبلد في أمس الحاجة إلى خطوات سريعة تبعدها عن شبح الأزمات المتراكمة بسبب أنه يريد زعامة المجلس السيادي ورئاسته والتمثيل الأعلى، مع أن الثورة أنجزها الشعب وحده وهو صاحب المبادرة، صحيح الجيش انحاز له ولكن بعد أن وجد نفسه أمام الأمر الواقع ولا مفرَّ من إبعاد البشير، ولكن يبدو المجلس العسكري ما زال غير قادر على استيعاب أن الأمور يجب أن تتغير ويتأقلم هو مع الوضع الجديد أو سيصبح لا فرق بينه وبين البشير.
المجلس العسكري يمكنه تشكيل حكومة بكل سلاسة ودون عناء إن لم يكن يريد تكرار التجربة والتمسك بالماضي، الحلول التي يهدد باللجوء إليها ماهي إلا تمهيد لإعادة إنتاج حكم عسكري أو مدني مشوَّه، وعليه فهو سيحرم السودان من فرصة تاريخية للتغيير الحقيقي، ويجب أن ينتبه إلى أنه يشوِّه صورة الجيش أكثر مما فعل البشير.
قوى الحرية والتغيير يجب أن تنتبه إلى أنها قادت الحراك وحافظت عليه كل هذه الشهور ولكن متطلبات المرحلة تتطلب أن تحشد حولها أهل الثقة المستقلين من الكفاءات وأساتذة الجامعات وأهل القانون والخبرة لتقفل الباب أمام الاتهام بأنهم تجمُّع من أحزاب عانت الإقصاء وتحاول البحث عن موطىء قدم، والزمن ليس من مصلحة الثورة المتربص بها من قبل جهات كثيرة وخاصة النظام السابق.
عموما البلد في محنة حقيقية ويجب أن يهتم الجميع بالخروج بها إلى برّ الأمان، حافظوا عليها من الانزلاق في مزالق الدول العربية، عيب أن يفشل كل هؤلاء الرجال في تشكيل حكومة بتوافق مؤقت إلى حين إعداد ساحات النزال الشريف.
التيار
|
خدمات المحتوى
|
أسماء محمد جمعة
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|