الفلول والبلوفة وبلف البشير
05-13-2019 10:33 PM
في الاجتماع العاجل الذي عقده المجلس العسكري الانتقالي ليلة الجمعة الماضية وكان من أطرافه مدير هيئة مياه ولاية الخرطوم، عزا مدير الهيئة مشكلة النقص في الإمداد المائي التي تعانيها العاصمة من بين أسباب أخرى، لما قال عنه عمليات متعمدة لقفل بعض البلوفة في بعض المناطق لقطع المياه عنها، وعزز هذا الحديث نبأ آخر عن ضبط شباب الثورة بحي الحتانة بأم درمان لفلول اللجنة الشعبية المحلولة بالحي متلبسين بجريمة قفل البلوفة الرئيسية للحي، البلف الرئيسي جوار مدرسة الدولب والبلف الثاني جوار المقابر والثالث بمربع 3 الواحة، وتبعث هذه الضبطية الشبابية الثورية برسالة لشباب الأحياء الأخرى أن احرصوا على معرفة أين توجد بلوفات حيكم وراقبوها وأحموها من مثل هذه العمليات الدنيئة التي ينشط فيها الفلول، وعطفاً على هذه الضبطية فليس من المستبعد ان لم يكن من المؤكد أن هناك فلول أخرى تمارس الاعيب تخريب مقصودة في مناحي أخرى في اطار حملاتها المضادة للثورة..
وعلى ذكر كلمة (بلف) أذكر أن البلف الذي كان يفصل بين بترول الجنوب وأنابيب الشمال أطلق عليه مسمى (بلف البشير)، وفي عقابيل الانفصال وعندما اشتدت الخصومة بين الطرفين، عمدت حكومة الجنوب لاغلاق هذا البلف، ويومها ضجت وسائل الاعلام العالمية والاقليمية بأخبار اغلاق (بلف البشير) لدرجة أزعجت أحد الساخرين، فعلق قائلا ألم يجد البشير من عمليات استخراج البترول من آبار وخلافه غير أن يسمى عليه (بلف) ثم زاد (اما صحيح هو بلف بالفعل)، فالمعروف عن السودانيين في عمومهم أنهم لا يستسيغون عبارة (بلف التي يجمعونها على بلوفة)، لجهة أن هذا الـ(بلف) قد ارتبط ليس في ثقافتهم الشعبية السودانية وحدها، بل في ثقافات شعوب عربية أخرى، بمعانٍ ودلالات ساخرة تقلل من شأن الذي يطلق عليه مسمى (بلف)، فمثلاً عند سائقي الحافلات (البلف) هو الكمساري، وهي ثقافة مستمدة من المهنة، وإذا قال لك أحدهم (أمشي يا بلف) فلا شك أنه يشتمك بما لا ترضاه، وسيدفعك للتعارك معه لا محالة، أما إذا اكتشف أحدهم أن آخر يحاول أن يستكرده أو يخدعه، فإنه يبادر لإيقافه عند حده بالقول له (بالله عاوز تبلفنا)، ويبدو لي أن حكاية قفل البلوفة هذه صناعة انقاذية معتمدة، استخدمتها فيما مضى غير ما مرة في محاولة تبريرية فطيرة لأزمات شح المياه التي كانت تضرب العاصمة بين الحين والآخر.
ومن أمثلة ذلك عندما كابد أهالي ضاحية بري عنتاً وضنكاً شديدين جراء انقطاع المياه عن دورهم أياماً وليالي، فخرجوا إلى الشوارع يحتجون على العطش، وإزاء هذه الأزمة لم تجد الهيئة تبريراً لها غير أن تعزوها إلى البلوفة التي قالت إن بعض الحاقدين قد تعمدوا قفلها لتحجب الماء عن أهالي بري، ثم مرة أخرى استخدم وزير البنى التحتية ذات المبرر الفطير (قفل البلوفة) في معرض تبريره لأزمة طاحنة سابقة في المياه، ثم هاهم الآن يعمدون فعليا لقفل البلوفة وافتعال شح في المياه لجعل الناس يتضجرون وينفعلون ضد الثورة.. والكلام ليك يا المطير عينيك يا مجلس يا عسكري..
الجريدة
|
خدمات المحتوى
|
حيدر المكاشفي
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|