المقالات
السياسة
هل يشهد السودان إنقلابا" مُضادا"؟
هل يشهد السودان إنقلابا" مُضادا"؟
05-14-2019 07:30 PM


محاولة قراءة في أحداث الإثنين 13 مايو 2019م

جرت مساء يوم الإثنين 13 مايو 2019م أحداث مؤسفة بشارع النيل وحول محيط
القيادة العامة حينما قامت سيارات التاتشر بالهجوم على الثوار في شارع
النيل بينما كان القناصة يرتكزون فوق مسجد جامعة الخرطوم حسب إفادة
نُشطاء بمواقع التواصل الإجتماعي .

إنّ العجيب في الأمر هو توقيت هذا الهجوم الذي تزامن مع
إعلان المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير عن إحراز تقدُم في المفاوضات
التي بدأت بين الطرفين ظُهر اليوم الأمر الذي دفع ببعض الناشطين تحميل
مسؤولية الهجوم لفلول النظام السابق خصوصا" مليشيات النظام المتمثلة في
كتائب ظل الأمن الشعبي الذي يتبع لحزب المؤتمر الوطني والتي تحدث بها
مُهددا" الهالك علي عثمان محمد طه نائب الرئيس المخلوع عمر البشير
والقيادي بالمؤتمر الوطني في حديث تم نقله عبر قناة النيل الأزرق وقتها
وقال أن لدينا كتائب ظل على إستعداد للدفاع عن النظام حتى الموت إذا لزم
الأمر وربما قامت هذه الكتائب بالهجوم لضرب الإتفاق في اليوم الأول
للمفاوضات والذي تم الإعلان للتوصل إليه بواسطة المجلس العسكري وقوى
إعلان الحرية والتغيير بالإضافة لخلق نوع من عدم الثقة بين الطرفين إذ
كان المهاجمون يرتدون زي عسكري ويستغلون سيارات تاتشر وهي سيارات من
المفترض أن تكون حصرية على القوات النظامية .

في نفس الوقت وجه بعض الناشطين إتهامهم لقوات الدعم السريع
والجيش بمحاولة فض الإعتصام بالقوة خاصة وأن لهذه القوات بعض المحاولات
في الأيام الماضية لإزالة المتاريس ولكنها فشلت في ذلك ولم يُذكر أنها
إستخدمت الرصاص الحي ضد المعتصمين من قبل فيما ذكر الناطق الرسمي لحزب
المؤتمر السوداني مساء الإثنين لقناة العربية الحدث عن مسؤولية تلك
القوات في حماية المعتصمين خاصة وقد نفت هذه القوات المتمثلة في ( الجيش
والدعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات الوطني )مسؤوليتها عن ماحدث اليوم
وتقع المسؤولية على هذه القوات بحماية المعتصمين بإعتبار أن المجلس
العسكري هو القابض الان على السلُطة ومن واجباته حماية المعتصمين والحفاظ
على الأمن ليس في محيط ساحة الإعتصام فحسب ولكن في كل ولايات السودان حتى
يتثنى الإنتقال لحكومة مدنية تقوم بهذه الواجبات بعد إنتقال السُلطة
للمدنيين.

ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه إن كانت القوات النظامية لم تقوم
بهذا الهجوم فما هي هوية هذه القوات التي تمتلك كافة أنواع الأسلحة والتي
قامت بهذا الهجوم الذي سقط على إثره عدد من الشهداء وعشرات الجرحى بعضهم
في حالة حرجة غير بعض المعتصمين الذين تم قذفهم من الكبري داخل النيل ؟
هذا السؤال الجهة الوحيدة التي يجب أن تجيب عليه هو المجلس
العسكري الحاكم بصفته المسؤول حاليا" عن الأمن والدفاع في البلاد مع
ملاحظة أن هذه الهجمات ليست هي المرة الأولى التي تقع في محيط الإعتصام
فقد تكررت منذ بداية الإعتصام في يوم 6 أبريل 2019م وسقط بسببها عدد من
الجرحى والشهداء وعادت نفس الهجمات اليوم الإثنين 13 مايو 2019م تحمل نفس
الصبغة ولكن بصورة أكثر تنظيما" ... وإصابة أحد الثوار الذي إستشهد
بالأمس أمام القيادة كانت بطلق ناري في الرأس بينما أصيب اخرين في البطن
أو الرجلين وقد كانت هذه السمة الغالبة للإصابات منذ إنطلاق التظاهرات في
19 ديسمبر 2018م مرورا" بأيام الإعتصام مما يؤكد أن القاتل واحد وأن
الجاني مازال حُرا" طليقا".!.

إنّ أهم ما كان ينادي به الثوار في ميدان الإعتصام هو حل حزب
المؤتمر الوطني الذي قام بخلق كل هذه المليشيات بما فيها جهاز الأمن
والامن الشعبي وكتائب الظل وتجريدها من أسلحتها كخطوة أولى تسبق خطوة
التفاوض التي تنادي بتسليم السلطة لحكومة مدنية ومنذ سقوط النظام السابق
كان بإمكان المجلس العسكري على الأقل ملاحقة مليشيات النظام وكتائب الظل
ومصادرت سيارات التاتشر والسلاح ولكن المجلس لم يقُم بهذه الخطوة مما فتح
الباب لهذه المليشيات بترتيب نفسها للمحاولة مرة أخيرة بمحاولة خلق زعزعة
في الأمن العام يمكن من خلاله خلق فوضى تمهيدا" للثورة المضادة التي حذر
منها الفريق السابق محمد بشير سليمان بعد أيام قليلة من الإعتصام في
إتصال معه من قِبل إحدى القنوات الفضائية العربية .

إن مسؤولية حماية المعتصمين أمام ساحة القيادة العامة هي
مسؤولية تقع على جميع الأطراف بما فيها المجلس العسكري وقوى الحرية
والتغيير فالمجلس العسكري مطلوب منه حفظ الأمن عبر لجنته الأمنية وتقصي
الحقائق بصورة واضحة تضمن القبض على الجُناة من فلول النظام السابق
وتفكيك مؤسسات الدولة العميقة الأمنية وإعادة هيكلة جهاز الأمن خاصة بعد
الجدل الذي أثاره الكثيرين بعد تعيين مدير لجهاز الأمن دمبلاب وهو محسوب
على النظام السابق لأن الكثيرين يرون أنه من صلب الإسلاميين بالإضافة
لذلك إعتقال كافة رموز النظام السابق وتشديد الحراسة عليهم كي لايهربوا
كما هرب العباس شقيق المخلوع البشير الذي أعلن المجلس العسكري عن هروبه
سرا" من سجن كوبر إلى تركيا في الوقت الذي نفت إدارة السجن أن يكون
العباس كان معتقلا" لديها من الأساس..!..

خلاصة القول أن ماحدث يوم أمس الإثنين يقوي الموقف التفاوضي
لقوى الحرية والتغيير من جهة خاصة وأن كثير من الدلائل على هجوم أمس
الإثنين والتي ساقها الثوار من مكان الحدث تشير إلى تورط قوات الدعم
السريع والجيش في هذه الأحداث ..ومن جهة أخرى نجد أن ماحدث ما كان ليحدث
لو أسرع طرفي التفاوض المتمثل في المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في
التوصل لإتفاق يتم بموجبه نقل السُلطة لحكومة مدنية يكون من أهم مهامها
إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والشرطية وإعادة هيكلة الخدمة المدنية
لتفكيك دولة المؤتمر الوطني العميقة التي ظلت تتربص بالثورة السودانية
وتبذل الجهد والخطط والمحاولات لإفشالها بشتى السُبل ..ولكن ثورة يُقدم
الشباب أرواحهم رخيصة فدائها لن تعرف الفشل وسيواصل الثوار إعتصاماتهم
وسيعيدون تقوية المتاريس لحين تحقيق المطالب التي قدموا من أجلها الغالي
والنفيس فداءا" لأن يكون السودان وطن يسع كل الأخيار من أهله الطيبين
الذين يستحقون الحياة وليذهب فلول النظام السابق إلى مذبلة التاريخ غير
ماسوفا" عليهم بعد ما أوصلوا السودان والسودانيين لهذا الواقع البشع الذي
لم يكُن إلا بسبب طمعهم وأنانيتهم في محاولاتهم الإستئثار بالسلطة طيلة
الـ 30 سنة الماضية.

[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 364

خدمات المحتوى


بابكر الصادق
بابكر الصادق

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة