النداء قبل الأخير.. للمجلس وقوى التغيير..
05-16-2019 05:19 PM
استبشر صناع الثورة وشبابها بالأنباء التي تواترت عن اتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي .. وإن جاء هذا الاتفاق بعد يوم مضرج بدماء الشهداء التي ما كان ينبغي أن تسيل وتهدر بعد زوال نظام الطغمة الظالمة البائدة .. ليشكل هؤلاء الأبرار إضافة مجيدة جديدة لسجل الشهداء والجرحى ..إلا أن هذه البشريات لم تصمد بعد يوم دامِ آخر .. وتعليق المجلس للمفاوضات لثلاثة أيام دون مبرر معقول يستدعى كل هذا الصلف .. لأن مسؤولية ما جرى من تفلتات أمنية يتحملها المجلس بالدرجة الأولى وذلك لأنه ، إن كان من هاجم الثوار من الدعم السريع كما يقول شهود العيان لأنهم يلبسون ملابسهم ويستقلون سياراتهم، فهو اتهام له وجه الصحة التي لا تقبل الدفع والتناقض .. وإن لم يكونوا من الدعم السريع بحسب أقوال " حميدتي " الموثقة ، فالمشكلة أيضا فيكم لأنكم السلطات المختصة التي لا تعرف كيف تحمي الزي الرسمي لفصيل عسكري معروف يتبع القوات المسلحة وهي فوق ذلك عاجزة عن القبض عليهم مع أنهم يطلقون الرصاص أمام أعينهم ، ونحن في عصر لا تخفى فيه خافية على عيون كاميرات العامة فما بالك بعيون وأجهزة وكاميرات أجهزة الاستخبارات ؟!!.. ولذلك فإن زعم المجلس العسكري والدعم السريع أن من يطلقون الرصاص لا ينتمون لهم أمر مخجل عليهم عدم تكراره .. وهم بذلك يرثون أسوأ ما في النظام البائد من التمترس وراء المنطق المعوج الكذوب والمزاعم الباطلة التي بدأت بإسرائيل ومرت بأعوان عبد الواحد وانتهت بأن الثوار يقتلون بعضهم !!.. وما قصة العصر " البنت والخرطوش " الشهير ببعيدة عنكم.
إن أول نداء نوجهه أن على المجلس العسكري العودة مباشرة لمواصلة الحوار على التفاصيل من حيث انتهى الاتفاق والوفاق ، وعليه أن يعلم أنه وإن كان يناور في المرحلة السابقة فإن " مركب الثورة " هو الناجي وعليه أن يستغله دون تردد أو تراجع وأن يمضي قدما في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه دون أن يلتفت لتحذيرات بقايا نظام المخلوع وجماعات الإسلامي السياسي المتشدد وبغاث الأحزاب ممن كانوا " طفيليات " تقتات على جسد الإنقاذ المتعفن والذين ينبحون ويهددون ليل نهار ..
إن السياسي يستبشر لكن بتحفظ شديد، لأن الشيطان يكمن في التفاصيل .. وقد يطيح بند واحد يصر طرف عليه بما تم الاتفاق عليه من قبل .. وسبل " اللولوة والفهلوة " لا حصر لها لمن شاء .. لذلك علينا الحذر والانتباه ..
أما النداء لقوى الحرية والتغيير فهو ضرورة توحيد الكلمة والهدف بعد أن أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من النصر المضرج بالدماء .. وهو النصر الذي لم يأت هبة من أحد ..بل تم انتزاعه انتزاعا .. بتضحيات جسام من أجل وطن الحرية والعدالة والسلام..
عليكم أن تكونوا يدا واحدة فالعدو يتربص بكم والنظام البائد حي يرزق .. موجود في مفاصل الدولة .. يسيطر على مقدراتها المالية التي نهبها وقواته العسكرية حيث ما تزال كتائبه بقضها وقضيضها ومليشياته بأسلحتها ، وألسنته " مطلوقة " تلعلع في الفضاء وأجهزة الدولة الرسمية ، وهي تتخفى لتنقض على الثورة ما لم يتم اجتثاثها بأسرع وقت وإسكاتها ومطاردتها ولن يكون ذلك إلا بعد تشكيل حكومة قوية تعرف مهامها وأولوياتها المتمثلة في حفظ الأمن وتأمين الثورة.وقطع دابر أعدائها الذين يكيدون لها كيدا في العلن والخفاء.
نقول إننا رجعنا للنضال الأكبر وهو مغالبة النفس عن الطمع والمحاصصة ..تغاضوا عن الشكليات في تشكيل السلطات الثلاث وركزوا على الصلاحيات التي تقيد الطرف الطامع من المغامرة واستغلال السلطة.. ضعوا خلافاتكم البينية في الرؤى جانبا لأن بعضها مثالي، "وما لا يدرك كله لا يترك جله " .. كونوا جميعا يدا واحدة متمثلة في قواكم ، قوى التغيير والحرية " حزب التغيير وحرية التعبير " الذي يتطلع له الوطن في هذه المرحلة .. احرصوا على تشكيل حكومة قادرة على الانجاز لأن المرحلة المقبلة مرحلة صعبة .. ستواجهون فيها العقبات والمطبات في بلد خزائنه فارغة وخدمته المدنية مترهلة .. وأجهزته الأمنية والعدلية في حاجة لإعادة هيكلة .. وتركة الخلافات والدماء التي تركها النظام البائد سوف تثقل كاهل المتفاوضين لإعادة أبناء الوطن لدائرة البناء والتعمير في وطن العدالة المرتقب .
لتكن الحكومة من شخصيات مشهود لها بالخبرة والدراية والدربة ونظافة اليد واللسان والقدرة على العطاء ونكران الذات والمشاركة في العمل العام فالألقاب الأكاديمية وحدها لا تسعف في العمل السيادي والوزاري والواقع العملي غير النظري .. والمهام التي أمامهم ليس من طريق لحلها إلا بالعمل بروح الفريق الواحد وتراتبية السلطة والحد من التدخلات الفوقية. ..
الوطن في حاجة لسياسة خارجية متوازنة .. تتعامل مع الجميع بمسافة واحدة إذا ما تعلق الأمر بسياستها وسيادتها .. بعيدة عن المحاور وبعيدة عن الاستعداء وفقا لإسقاطات تاريخية .. وطن في مرحلة بناء ينكفيء على الداخل ما أمكن لترتيب بيته .. دون الانقطاع عن محيطه .. وطن يلملم جراحات أبنائه ويعيدهم لحضنه .. وطن تسود فيه العدالة فيلقى كل واحد فيه حظه بقدر جهده ومهارته وعمله وإتقانه .. وطن بلا أحقاد ولا أحزان ولا ضغائن ولا " حرامية " ..
الوطن في حاجة لأجهزة أمن تبني وتعمر لا لأجهزة تضرب وتبطش وتهدد وتقمع .. وأجهزة عدل تعمل عبر قوانين توفر الحريات التي ترعاها تقاليدنا السمحة وأعرافنا العريقة وتراثنا المجيد ..
الوطن في حاجة لأبنائه الذين " خرجوا من الخدمة " إلى " ظلال العطالة " .. علينا العمل كي نعيد للشباب ثقتهم بأنفسهم ومستقبلهم .. ليعمل كل في مجاله وتخصصه وبحسب قدراته .. نستثير هممهم العالية وطاقاتهم الكامنة ونخرج بهم من المكاتب في مواسم الحصاد .. أياديهم تمتد لمناطق الفقر بناء وتعميرا وسواعدهم تتوجه لمناطق الإنتاج لتعود بالخير الوفير ..
نريدها ثلاث سنوات من العمل الجاد والعطاء بلا مقابل ..
علينا الانتباه ، فمن الظواهر التي بدأت تطل برأسها ، حتى قبل تشكيل الحكومة .. كثير من الوقفات المطلبية والمعيشية التي رأيناها .. وهذا غيض من فيض قادم .. لكن يجب أن نعي أن مثل هذه الظاهرة يجب أن تتوقف .. فالشعب يعرف أن الخزينة خاوية وأن البلد على حافة الانهيار ومن الصعب تحقيق المطالب المادية والمعيشية في ظرف وجيز .. و مثل هذه الوقفات وإن كانت تعبر عن حاجات ملحة نقدرها ، لكن ليس هذا أوانها وستكون فرصة لأعداء الثورة من المندسين والظاهرين ليدخلوا منها ويعطلوا عجلة العمل .. كما فعلوا في الديمقراطية الثانية ..
لقد درجنا على التحريض على الثورة حتى تحقق النصر لجماهير شعبنا .. والآن علينا أن نحث على البناء .. بهدوء .. فالمشوار ما زال طويلا وفي الطريق عقبات كأداء وأعداء ألداء .. وأوضاع اقتصادية استثنائية صعبة وثورة تحتاج من يحرسها من أولئك بالصبر والتضحيات .. وفيكم يبقى الأمل. ولنا عودة.
أبو الحسن الشاعر
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
أبو الحسن الشاعر
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|