الثورة الشبابية من زاوية الفن والإبداع
05-18-2019 03:00 PM
تميزت الثورة الشبابية الجارية احداثها الان في السودان بالكثير من السمات مثل التنظيم ودقة المواعيد وتعدد روافد ومصادر تجمعات المتظاهرين القادمين من كل أرجاء الوطن لتكتمل الجموع في مصب واحد هو الميدان .. وإن كان العنصر الغالب الشباب غير أنها احتضنت مختلف الفئات العمرية من الاطفال وكبار السن .. لقد تميزت أيضا بأدبيات جديدة لم تعرفها سابقاتها في أكتوبر وأبريل فيما يمكن أن نسميه ”الديسمبريات“ .. لقد برزت أسماء جديدة في كتابة القصائد وأداء الأغنيات والأناشيد الثورية .. وهكذا بعد أن تمدد واستطال الليل وأوشك اليأس أن يسيطر على النفوس نهض شباب الثورة كطائر الفينيق من بين ركام وتسونامي الدمار ورماد الحريق مغردامبشرا ايذانا ببزوغ الفجر الجديد .. كان الشارع المحتضن الأمين ثم صار الميدان الرحم الرؤوم للميلاد .. كان الفن والابداع الايقاع السائد والدافع المحفز للشباب والمولِّد للطاقة الايجابية لتتخلق البيئة المواتية لكل ما هو جميل .. كانت ثورة التكنولوجيا الرقمية حاضرة حيث بطاريات الهواتف المحمولة كاليراعات تتوهج في ليل الميدان حين صدح أحد الشباب برائعة محمد عوض الكريم القرشي ”وطن الجدود“ .. كأن ود القرشي قصد وصف شباب ميدان الثورة في الخرطوم حين كتب تلك الكلمات الملهمة التي جاءت مفرداتها بمثابة أجندة للثورة والثوار :
هيا يا شباب هيا للأمام
سودانّا قد ملّ المــــــلام
حرية كاملة هي المُرام
تؤخذ ولا يجدي الكلام
حذار أن وطنك يضام
حذار أن يصبح حطام
جهلٌ .. وفقرٌ.. وانقسام
فلنتحد ويجب نعــيــــد
لوطنّا أمجاد الكرام
تداعت الذكريات استرجاعا لزمن الفن والابداع وثنائيات ود القرشي والشفيع وأبو عفان وبازرعة عبد الرحمن الريح وحسن عطية وابو خليل والقائمة تطول .. وهكذا هاجت الذكرى وأنا أتابع برنامج ”إكسترا“ الذي تنتجته قناة البي بي سي التلفزيونية اللندنية .. فقد بثت القناة حلقات من داخل الميدان حيث أجرت لقاءات حية مع شباب وشابات الثورة .. وركزت كاميرا القناة على الانتاج الفني وتجولت بين لوحات الفن التشكيلي التي ازدانت بها جدران الميدان .. كانت اللوحات ورسومات ”القرافيتي“ تعكس ما تفتقت عنه عبقرية هؤلاء الشباب تلك الطاقات التي ظلت مكبوتة لعقود مضت .. ولا شك ان هذه مجرد بداية في مسلسل الابداع والفنون في بيئة الحرية والسلام والعدالة ..
ومما يلفت النظر إلى جانب اللوحات الابداعية الكلمات المعبرة التي أدلى بها شباب الثورة لمقدم البرنامج شارحين الهدف والرسائل التي أرادوا توجيهها من خلال أعمالهم الفنية .. كانت إجاباتهم مفعمة بالتفاؤل والحماس لبناء الوطن .. هذا جيل لا خوف عليه من غاسق إذا وقب ..
د. الفاتح ابراهيم
واشنطن
[email protected]
|
خدمات المحتوى
|
د. الفاتح ابراهيم
مساحة اعلانية
الاكثر مشاهدةً/ش
الاكثر تفاعلاً
|