حظر النشر.. ريمة والعادة القديمة
05-19-2019 12:49 AM

في الأنباء أن مجلس الصحافة والمطبوعات عمم على الصحف كافة توجيها صادرا من نيابة مكافحة الفساد والثراء الحرام، بحظر النشر في قضايا الفساد وعدم التعليق على التحقيق أو التحريات إلا بعد الفصل فيها بصفة نهائية بحجة عدم التأثير على عدالة الإجراءات القانونية، وسارعت اللجنة التمهيدية لاستعادة نقابة الصحفيين السودانيين (وحسنا فعلت)، رفضها لهذا التوجيه المتعسف ولومها لمجلس الصحافة المفترض أنه راعي حرية الصحافة ومهنيتها لتبنيه هذا التوجيه وعدم اعتراضه أو تحفظه عليه بل (فتح ليهو كبري) ومرره على الصحف، في الوقت الذي تعتبر فيه الصحف واحدة من أهم آليات مكافحة الفساد ان أريد فعلا مكافحة هذا الغول الذي انداح وانتشر وتمدد خلال العهد المدحور، فكيف بالله في عهد الثورة التي كان الفساد واحدا من أهم عوامل اندلاعها تقمع الصحافة من ممارسة دورها المهم في مكافحته، اللهم الا اذا أريد ممارسة الغطغطة والخمج والتلاعب بمحتويات ملفات الفساد التي قال عنها مبارك الفاضل أنه وحده يمتلك منها ععدا من (الشنط المستفة)، وطالما أن ريمة حظر النشر عادت لممارسة عادتها القديمة تظل الخشية قائمة من أن تتوالى قرارات الحظر وتعود كما كانت في السابق..

لا بديل لحظر النشر الا انتشار الشائعات والحكمة تقول(لو أمر الناس بالجوع لصبروا ولكن لو نهوا عن تفتيت البعر لرغبوا فيه)، وغيرها من حكم وأقوال كلها تفيد بأن الممنوع مرغوب والمحظور يثير الفضول، ولهذا يعجز المرء عن فهم ما ترمي اليه قرارات حظر النشر التي صدرت في السابق في قضايا نزعم أنها لا تستحق إصدار مثل هذه القرارات، وقد ثبت فعليا أنه كلما حظر النشر عن موضوع ما أو قضية ما،كلما تكاثرت حول الموضوع أو القضية الشائعات، وبمعنى آخر كلما ضاقت منافذ النشر كلما اتسعت قدود الشائعات، والعكس صحيح، فليس بديل النشر سوى الاشاعات والتسريبات والشنشنات التي ستجد رواجاً واسعاً، وهكذا يمكن أن تختلط المعلومة الصحيحة بالشائعة الخاطئة، والكتابة الهادفة بالكتابة المغرضة، وهذا في المحصلة يضر بالموضوع أو القضية المحظور النشر عنهما أكثر من أن يفيدهما..

ومن ناحية أخرى ليس من العدل أن يقمع حق الصحف في النشر ويزدري حق المجتمع في أن يعرف، مقابل اتهامات ظنية مسبقة تتهم الصحف في ذمتها ومهنيتها بأنها حتما ستنشر ما يؤثر سلبا على الموضوع أو القضية، أو يغمز أبرياء، فكل هذا من سؤ الظن ليس الا وتقدير للخطأ قبل وقوعه، فالأعدل والأصوب هو عدم المساس بحرية النشر مع محاسبة من يقع في المحظور الذي يؤثر سلباً بصفة فردية، وليس بعقوبة جماعية مسبقة تخالف روح العدالة وتبطل أحد أهم أركانها، وقد تعلم الصحافيون بالتجربة من غالب قرارات حظر النشر التي صدرت فى العهد البائد، أنها غالبا يقصد بها مجاملة جهات أو أشخاص أو أجهزة ستمسها تفاصيل بعض ما ينشر، أو أنها ستفضح سياسات وممارسات غير قانونية، أو تكشف وجها لفساد اداري أو مالي لا يراد للرأي العام الاطلاع عليه، وليس لأن النشر يمس سيادة البلاد وأمنها ومصالحها العليا، والآن في عهد الثورة القائم على قيم الحرية والسلام والعدالة والشفافية فلا مكان للدغمسة و(خلوها مستورة) والتي يمثل أحد تكتيكاتها قرارات حظر النشر..

الجريدة





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 718

خدمات المحتوى


حيدر المكاشفي
حيدر المكاشفي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة