المقالات
السياسة
ما الدولة العميقة في السودان؟؟
ما الدولة العميقة في السودان؟؟
05-20-2019 10:48 AM

(1)
إن مصطلح الدولة العميقة، أو*الدولة*المتجذرة ، أو دولة داخل دولة مصطلح يستخدم لوصف أجهزة حكم غير رسمية تتحكم بمصير*الدولة
*بهدف مؤامراتي للحفاظ على مصالح ما 'وأخطرها وأكثرها المصالح ذات المدي “السياسي” لأنها تقوض العمل السياسي.” برمته للدولة الشرعية .
وتختلف مصالح “الدولة العميقة” من بلد إلى أخر حسب نظام الحكم فيها.

ظهر أول مرة مفهوم الدولة العميقة في أوربا ولكنه ظهر بشكل فعلي في تركيا عام 1923م، عندما أنشأ مصطفى كمال أتاتورك شبكةً سرية مكوّنة من ضباط من الجيش، والشرطة، وعناصر من القضاء، والجهازالبيروقراطي، وغيرهم، من أجل المحافظة على علمانية الدولة، ومحاربة أيّ فكر، أو حركة تهدّدها ، ثم انتشرت في امريكا والدول العربية وكانت أحدثها التي ظهرت في جمهورية مصر العربية لتغيير المسار الديمقراطي فيها برئاسة مرسي إلي مسار عسكري بقيادة السيسي.

(2)
أما في السودان فالدولة العميقة لم تهجع أصلا لتستيقظ فمنذ الإطاحة بنظام حزب المؤتمر الوطني البائد إثر ثورة الحراك السلمي الذي انتظم البلاد منذ التاسع عشر من ديسمبر2019 وانحياز القوات المسلحة لخيار الشعب ' ظهرت مجموعة من التحالفات واللوبيات وبمسميات مختلفة ووجوه مزورة كانت متنفذة في جميع مؤسسات الحكومة البائدة وظلت تسعي في كل ثانية لتبديد ومناهضة إقامة دولة مدنية ديمقراطية أساسها المواطنة .
هذه الدولة وجدت مساحات شاسعة ربما للتهاون والتراخي في كبتها وحبسها في الزنازين مما جعلها تتمدد بصورة سرطانية مخيفة ظهرت للعيان منها مجموعات كبيرة في الأيام الفائتة وبواجهات وتجمعات حزبية وتحالفية كمجموعة نصرة الشريعة وغيرها من واجهات وظل جزء كبير منها يعمل في الخفاء متمثل فيما يسمي كتائب الظل والأمن والدفاع الشعبي ' ومايميزها أنها مدعومة من الداخل والخارج بعناصر رفيعة داخل المؤسسات العسكرية والاقتصادية والأجنبية من الموالين لها وأيضا مدعومة من بعض الأفراد الذين مكنتهم من قبل دون وجه حق ومن الأحزاب التي لا وزن لها ممن كانوا يقتاتون علي موائدها ' وتخشي كل تلك الواجهات والمؤسسات المستبدة من قيام دولة مدنية لكيلا تتم محاسبتهم أو تتعرض مصالحهم الشخصية التي نالوها بغير وجه حق للمراجعة والانتزاع.

(3)
إذن الدولة العميقة او المتجذرة في السودان حاليا هي “كل مؤسسة أو هيئة أو جماعة أو فرد” تعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على عرقلة مطالب الحراك الثوري وعنفوانه السلمي ، الذي صدح به الشعب السوداني من أجل القضاء على كل أشكال الفساد والمفسدين والشروع في إقامة دولة الحرية والسلام والعدالة من أجل الارتقاء العالمي والالتحاق بمصاف الدول المتقدمة.
لذلك فإن *“الدولة العميقة" في السودان الآن لن تهجع أبدا وستظل في حراك دائم وخلق للفتن والانقسامات وتأجيج الصراعات بكل الوسائل 'وما لم يتوصل المجلس العسكري الانتقالي وكافة الأطراف من تجمع المهنيين واعلان قوي الحرية والتغيير والقوي السياسية المستقلة في إنشاء حكومة مدنية انتقالية يسود فيها الاعتراف بحق الاختلاف ، واحترام خيار الناس في شكل القيادة التي تسوسهم، ويتم حل الخلافات فيها بقوة الإقناع و القانون لا بقوة السلاح . فلن تنعم البلاد بدولة متجانسة . فها هي الدولة العميقة وبمجرد انتصار الشعب في ثورته السودانية السلمية ودخوله في أولي خطوات استلام السلطة بدأت في التشكيك في قدرته على الأخذ بزمام الحكم نحو الأفضل والاستقرار، بل شنت عليه حملة قذف في حق كل نشطائه. وقادته ، ولم تتوان في فبركة الإشاعات الواحدة تلو الأخرى، بل كفرت من كفرت وخوفت من خوفت وهددت من هددت حتى لا تحلم الجماهير بحكومة مدنية ديمقراطية يتساوي فيها الجميع ، وسمحت هذه الدولة لنفسها جهرة بتحريف شعارات الثورة لصالحها باسم الشريعة والدين!!

(4)
وحتى لا نبحر ونلهث وننجر خلف الدولة العميقة من حيث ندري ولا ندري ونصبح أذيالا لها وأبواقا لمصالحها ' علينا أن ندرك أنها هي التي صنعت الأثرياء فجأة دون ممارسة عمل منتج ، وتركت الشعب يتسول لثمن الغذاء والدواء وهي التي كدست ملايين الدولارات ليعيش المواطن تحت خط الفقر ، وهي التي تسببت في تسريح الآلاف من الأساتذة والعسكريين والموظفين المتشبعين بالخبرة بحجة الصالح العام وعوضتهم بأصنام لا يمتلكون أدنى خبرة وقدرة علي الانتاج والابداع. والإدارة والقيادة ' وهي التي توجه الرأي العام بما يخدمها عن طريق الشعارات الاسلامية والقنوات الموجهة ' وهي التي زرعت الفتن وأججت الصراعات القبلية وانتهجت مسار الجهوية والمحسوبية تمكينا لحكمها المستبد.

صلاح التوم كسلا
[email protected]





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 414

خدمات المحتوى


صلاح التوم كسلا
صلاح التوم كسلا

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة