الــزوّل
05-29-2019 10:15 AM

بسم الله الرحمن الرحيم


أعبئ جيبي نجوما ياوطني وأنسج من شوقي المرهف اليك سلالم من المجد لكي أصعد إليك وأرصع سماؤك العالية بتلك الأنجم لكي يراك العالم أجمع جمالا لا يضاهية جمال , و لآن أكثر ما يعذبني في كلمات اللغة العربية إنها لاتجد تعبيرا يليق بمقامك المرموق ولا يكفيك تعبيرا ولا تكمّل وجهك العبقري الفريد .
(يازوّل) رصعتني تلك الكلمة بحلل من الدر وميزتني بين فلول من المارة حيث نادي أحدهم بصوت جهور (يازوّل) كان صوته عاليا إلتفت إليه كل المارة وعندها أحسست بالتمييزّ والفخر والشموخ لإنتمائي المميز لهذا الوطن (السودان ) لأن تلك الصفة اللفظية لا تجدها عند الجنسيات الآخري من البشر , عندها إلتفت إليه مسرعا ولبيت النداء , ثم بادلني التحية بحب وإحترام بالغ وسط الحاضرين وبلهجته الإسبانية المميزة الممزوجة بنكهة الكلمات العربية سألني كيف أحوالك ؟ وبدأ وبكل حرص يسألني عن أهلي في السودان وكيف الأمور الآن في السودان ويعني بذلك ( الثورة ) وشذراتها , وتمنياته لي وللسودان بالاستقرار والسلام, وكان معجبا بالدور الكبير الذي قام به الثوار وكان مواكبا للأحداث و بتفاصيلها الدقيقة حتي أنه كان يردد بعض الشعارات الثورية بإبتسامات رقيقة ( تسقط بس , والشاي بيجاي و ألخ ), وبعدها تجاذبنا معه أطراف الحديث عن مواضيع أخري !!! كانت لحظة تأمل وإندهاش للجميع ووقفة تباهي وشموخ لشخصي المميز بكلمة الزوّل لأنها تميزني بسودانيتي وتعمق تميزي بتلك الصفة الخاصة للإنسان السوداني العزيز وبالمعني اللغوي الفصيح للكلمة وهي تعني الفطّن أو الذكي وكذلك الشجاع والسمح الكريم و الكيّس واللطيف ولكنها تعني في الخطاب السوداني (شخص ) أو الفرد المعين . وهنالك مدلولات لغوية فصيحة للكلمة في معاجم لغوية اخري . فهي كلمة تحمل في مفاصلها و معانيها الزوّل السمح الذكي الفطن الراقّي وكل الصفات الجميلة التي تتخمر بمعانيها المطاطية الجميلة في داخل هذه الكلمة (الزوّل ) وبمحض الصدفة كان من ضمن فلول الجمع أحد ألأشخاص يعرفي عن قرب يعرف إسمي بالكامل وقف كذلك مدهوشا يصافحني ولكنه إستغرب حينما سمع الآخر يناجيني يا(زوّل) فقال لي هل هذا هو إسمك الحقيقي !!!؟ فرددت له قائلا : لا , هو إسم إنتمائي ولفظ جلل !! وبعدها شرحت له تفاصيل الحكاية .
عندها جالت في دواخلي وقفات من التأمل العميق في هذه اللحظة العابرة التي جسدت في مكامنها عمق المعزة والتميز الفريد للإنسان السوداني وسط المجتمعات والدور الكبير الذي قام به الثوار من ثورة عكست مفاهيمها الراقية ورسخت مبادؤها السامية في إنطباعات الشعوب الآخري .
كان اليوم هو ذكري الاحتفال السنوي بتضحيات الحروب الأهلية الأمريكية والتي أعلن الجنرال ( جون لوغان) هذا الإعلان , 1868 ، قام المشاركون بتزيين قبور لأكثر من عشرون ألف جندي من الاتحاد والاتحاد الكونفدرالي. وذلك في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى ، أصبح اليوم احتفالًا بالشرف لأولئك الذين ماتوا في جميع حروب أمريكا ، وكذلك أولئك الذين هم من قدامى المحاربين والأعضاء الحاليين في الجيش الأمريكي حيث يزور العديد من الناس المقابر والنصب التذكارية في يوم الذكرى العريقة لهؤلاء الشعب العظيم .
خاصة لتكريم أولئك الذين لقوا حتفهم في الخدمة العسكرية. حيث يضع العديد من المتطوعين العلم الأمريكي على كل قبر في المقابر الوطنية و تكريما مسبقا لأولئك الذين يخدمون حاليًا في الجيش الأمريكي.
عندها كان جدال المقارنة والحوار الفكري إشتد غماره في داخلي وإمتطت مخيلتي بساط (علاء الدين السحري) وبدأت أفكر في دور العسكر في الاهتمام بمهنتهم العسكرية والتفاني في تفاصيلها الرائعة التي تخلد ذكري الذين ضحوا من أجل الوطن والمواطن بسم العلم الأمريكي في جميع انحاء العالم , ومقارنة بدور العسكر الذين يتسابقون في السلطة والحكم والتسلط علي شعوبهم ويستعرضون قوتهم و بطولاتهم علي شعوبهم المسالمة التي تنادي بالحرية والتغيير من نظام عسكري الي نظام مدني يستطيعون من خلاله التهيأ الي نظام مدني أكبر يحس الانسان من خلاله أنه حرا لا يقف في حكمه عسكرا ولا يعترض مصالحه المدنية , تلك هي المطالب البسيطة المتواضعة في الحق المدني للشعوب في العالم.
وإستفذت مشاعري كثيرا تلك اللهجة الغليظة التي مازال قادات العسكر يرشقونها علي مسامع ومشاعر الشعب الذي لم تلتئم جراح السنين من ويلات النظام السابق طوال الثلاثين عاما , ذاك الشعب الراقي العظيم المعلم .الذي يستحق أن يعيش عيشة كريمة مرفهة .
ولقد كان القاسم المشترك بين جميع تلك الثورات التي حَدثت في السودان هو رغبة المواطن الثائر في الحصول على استحقاقه من التنمية بأشكالها الثلاثة (الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية ) لكن دائما ما تحلق بعض الطيور خارج سرب الوطنية والحرص علي مصالح الوطن والمواطن , مما لهم من طموح ومآرب شخصية , ولكن هذه المرة تختلف تيارات الإرادة الوطنية عند الثوار بإصرارهم وعزيمتهم وثباتهم ودرايتهم بما يدور في حولهم .
إنَّ لدى الشعب السوداني الآن ومن خلال معاينة للأوضاع التي يعيشها المجتمع في الدولة السودانية بمكوناته المختلفة يتبين أنَّها يسعى إلى إحداث ثقافة تغيير ممنهجة ذات رؤية استشرافية للمستقبل شاملة لنواحي الحياة كافةً. لكن المشكلة تكمن في أنَّ ثقافة التغيير حتى الآن لم تخرج من إطار السلوك الارتجالي والاندفاع العاطفي، ولا يزال التخطيط بأشكاله الهيكلية كافةً غائباً ، وهو ما يفسر حالة الفوضى التي تعيشها الدول الآن، وذلك في الوقت الذي يتحتم على عملية التغيير أن تكون استراتيجية ومدروسة .
وإن ثورة (الزوّل) السوداني ودرايته التامة بما عاشه من قبل من مؤساة وضنك عيش و من سوء لإدارة موارد البلاد من شرذمة عاثوا فسادا وسرقة لمقدرات الوطن , لكفيلة بأن تقضي علي كل من يحول حاجز في تحقيق كل الطموحات والأهداف الوطنية , فليسقط كل عميل يقف في وجه الثورة وتحقيق أهدافها السامية .
في ظل ثبات سياسات معظم الدول النامية وسوء إداراتها ، وعدم اتسامها بالحداثة والتجديد ، وتماسكها بالنماذج الكلاسيكية للإدارة ، ومعاندتها للتجديد من منطلق الحرص على مواقعها والحفاظ علي وجودها داخل السلطة , تمخَّض حالات من الغضب الجماهيري في الكثير من الدول النامية على شكل ثورات ضد أنظمة حكوماتهم مطالبين تغيير طبيعة الأنظمة أو إسقاطها هذا ما يحدث الآن في السودان .
فالمجلس العسكري يريد أن يحافظ علي نفس القالب القديم في الحكم بإضافة بعض الشمارات والمتبلات ويظن أنه ماهر في طبخ المقالب السياسية الماهرة , ولكن هذا شعب معلم وعبقري وكيّس ضحوا بأنفسهم من أجل أن يعيش الآخرون حياة كريمة راقية .

سابل سلاطين – واشنطن
[email protected]





تعليقات 1 | إهداء 0 | زيارات 615

خدمات المحتوى


التعليقات
#1831987 [عثمان موسي الحباك]
5.00/5 (1 صوت)

05-29-2019 01:02 PM
اخى سابل لك التحية انت مثال للزول الخلووق ..من عشروون او اكثر لم نلتقى ولكن جمعتنا الراكوبة فى الكتابة والمتابعة يدفعنا جميعا الغيرة على وطنا لا يستحق كل هذا الجور ؟؟؟ ..

كلمة يازول ..لا يعلم قيمتها إلا من كان فى المهاجر والمنافى..إن وقعها فى نفس المهجرى ..كفرقد مفقود وعقدا منضوم ..وظل ممدود بعد هجير الغربة ..كلمة لها سحر تعيدك الى الوطن ..تهدهدك كما الطفل ..تليلوه الجدة بصوتها المشبع ودا ورائحة البلد تملأ رئتك طمأنييينة..اللهم احفظ كل زول فى فجاج الارض اللهم قر عينهم بوطن عزيز رفيع رفعة اهله وقامة رجاله ..إن المهجريين لأكثر سهرا واكثرا توترا منذ بداية الحراك يريدون الاوبة للوطن تقهرنا الغيرة على شخوص لا يساوون مما لدينا نهضوا وكل زوووول له قدر معلى من صفوة القوم فى كل بلد وطأت رجل الزوول والزووولة ما اجملها ايضا ولها وقعا خاصا وحقا لها ان تتوج بلقب الكنداكة..دائما الزووول فى المقدمة والريادة ويصمت فى تواضع عميق وتطارده مغريات المناصب والمكانة ولكن يهرب حلمه الوطن ويتدثر بالتواضع ويتوارى بالزهد ..
اين زعماء وحكام الغفلة يرتفعون لمقام الزووول لقد ابتلينا بقادة الغفلة ....مات شيخ المهجريين وابدع بصدق المشاعر وحيا ادبيا من عبق حنينه للوطن الاديب الطيب صالح..ما فتىء مندهشا من قادة الانقاذ؟؟بكلمته من اين جاء هؤلاء..بل الاكثر دهشة من اين خرج هؤلاء ..يقتلون صبيا صائما..يتسورووون بيوتا آمنة ..الشعب غض الطرف عن رجلا غير مؤهل ولكن اعتقدووا انهم المنقذووون سلالة الانقاذين المقدسون ..من اين خرج هؤلاء يبيعون وطنا بحفنة مبلغ ..مبلغا مستعد المهجريون فى جمعية شييييير لجاءت للخزينة اضعافا وعليه حبات دموع وفاءا مهرا لكرامة الوطن الم يسمعوا بقرش الكرامة..عندما تبجح القذافى وحاول يدوس على كرامة نميرى الغيور للوطن حين طلبة رد القرض فورا لقذافى ..طلب من كل الشعب بالمساهمة لرد هذا القرض خلال 48 ساعة جمع المبلغ وزيادة ..وقد كنا تلاميذ فى الابتدائى ودفع كل تلميذ قرش من مصروفه ...يا للقادة ويا للشعب الذى مازال جينات الثورة والكرامة تبض بشدة داخل عرووووووقه...


سابل سلاطين
سابل سلاطين

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2024 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة