محضر خير
05-30-2019 09:03 AM

من محاضر الخير التي أعنيها تلك التي نشط فيها استاذ الاجيال محجوب محمد صالح وآخرين للتوسط وتسهيل عملية التفاوض بين العسكريين والثوار، ومثل هذا الحضور هو ما تحتاجه حقيقة بلادنا التي تمر بأحرج لحظة واخطر منعطف وتحتاج الاوضاع المفصلية التي تعايشها الى التعامل معها بحكمة ورشد وبعد نظر، ولكننا للأسف نجد بدلاً من ذلك أن الذي يسود ويتعالى ويضج ويصطخب الآن هو الضجيج والشتائم والتهديدات والتوعدات المتبادلة التي تزيد الامور ضغثاً على أبالة وتوغر الصدور وتسهم في توتير الاوضاع على توترها وتزيد حالة الاحتقان وتضاعف من حالة الإفتراق وتلقي المزيد من الحطب على البؤر المشتعلة أصلاً، فلا يورث ذلك البلاد إلا المزيد من الضغناء والشحناء والتباعد والتباغض وذلك عبر المزايدات والمكايدات من شاكلة (كيّة ليكم وكيّة عليكم وكيتاً فيكم) التي تجيدها الفاتيات من النساء فالتات اللسان، تبدأ إحداهن بكلمة فالتة ونابية فترد عليها الاخرى الصاع صاعين، ويستمر سجال الردح على هذا المنوال بنغمة تصاعدية إلى أن ينتهي الى فتنة كبرى، فهل هذا ما يريده المتساجلون الآن على طريقة سجالات الحواري والازقة، بل إلى ماذا يهدفون من وراء هكذا مكايدات ومطاعنات غير الإثارة وتأجيج الفتن والهاب حماس المشاكل، هل يظنون أنهم يحسنون صنعاً بما يلقونه من كلام جارح وأحيانا خارم بارم وتصريحات هي أقرب للبجاحة من الصراحة، إن هذا الوطن الذي يكابد اليوم آلام مخاض قاسية ليس في حاجة إلى مثل هؤلاء في هذا الظرف الدقيق، بل هو في حاجة إلى من يزنون أقوالهم وخطواتهم وقراراتهم بميزان بيض النمل قبل أن يطلقوا الاقوال ويتخذوا القرارات، وهذا الشعب الذي يعيش الآن حالة من الترقب المشوب بالقلق في غنى عن من يطلقون مثل هذا الكلام الملوث في الهواء الطلق يلوثون به الاجواء، وليس المقام هنا مقام تخصيص أو حصر لهذا الكلام الموذئ الذي خرج من أفواه البعض، وليس المقال اليوم للإنجرار وراء هذا السخف والانسياق خلف هذه التصريحات المتخلفة التي نتبرأ منها ونربأ عن إعادتها والتذكير بها، وإنما المقام مقام العقلاء والحكماء والراشدين، والمقال مقال ذوي الحجى والرؤية الناضجة والرأي السديد، ففي مثل هذه المحكات والانعطافات التي تواجهها الشعوب لا بد أن يعلو صوت العقلاء ليسود فوق كل هراء..

إن الذي يجب أن يفهمه من يطلقون الاقوال على عواهنها وبالمجان حول قضايا وترتيبات ما بعد الثورة والتي يكتنفها شيء من التعقيد، هو أن حاجة هذه البلاد للسلام والاستقرار والحرية والعدالة التي كانت الشعار والهتاف المركزي للثورة، هو ما يفترض أن يشغل أي بال، فدونها لن يكسب أحد بل الكل سيخسر بما يثار من مناكفات، والقضايا الكبيرة تحتاج إلى الكبار وعلى الصغار أن يمتنعوا ولا أقلّ من أن يكفوا عن الناس أذاهم..

الجريدة





تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 813

خدمات المحتوى


حيدر المكاشفي
حيدر المكاشفي

مساحة اعلانية




الرئيسة |المقالات |الأخبار |الصور |راسلنا | للأعلى


المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.
Copyright © 2025 alrakoba.net - All rights reserved

صحيفة الراكوبة