@إنشغل الجميع بالاحداث المصاحبة لثورة ديسمبر ابريل و التى زاد من وتيرتها تعنت و مماطلة المجلس العسكرى الانتقالى الذى يفتقد للخبرة علاوة على تأثره بعقلية النظام السابق من ناحية و عدم وجود اتفاق بين الثوار و المجلس الذى فقد بوصلته ولم يعد يفرق بين مهمته فى تسليم السلطة الى المدنيين و عودته الى ثكناته و التفرغ لدوره فى حماية البلاد و الثورة . انشغال الجميع بالوضع السياسى فى البلاد كان على حساب العديد من الملفات الهامة الامر الذى جعل البلاد تدخل فى فوضى بسبب عدم الشعور بوجود حكومة وانعكس ذلك فى زيادة الازمة الاقتصادية بامتناع الجميع عن مقابلة التزاماتهم المالية للدولة مما إنعكس سلبا على التحصيل و بالتالى على الخدمات و إهمال الزراعة المورد الرئيسي للخزينة العامة الى جانب توفير المحاصيل الزراعية التى يتطلب استيرادها عملات حرة و نحن اليوم خسرنا العروة الصيفية ونفتقد فى ذات الوقت للموارد المالية الحرة وكل ذلك بسبب انشغال المجلس العسكرى بالبقاء فى السلطة أطول مدة لتحقيق اجندة مضادة للثورة و لم يبرئ ساحته بتسليم السلطة للمدنيين.
@ الجانب الاهم فى تسيب المجلس العسكرى الانتقالى وانشغاله بممارسة الحكم بلا خبرة او مؤهلات و بدون سابق تجربة انعكس فى حالة الفراغ الامنى الذى انتظم كل الولايات التى تشكو من قلة رجال الشرطة و عدم تجديد فترتهم الزمنية مرة أخرى مما خلق فراغ علاوة على الظروف الاقتصادية التى تأثر بها الجميع بمن فيهم رجال الشرطة المنوط بهم حفظ الامن . الملاحظة التى ظلت مرصودة هى ابتعاد رجال الشرطة وعدم انتشارهم فى الشوارع لحفظ الامن بسبب أن هيبتهم معرضة للامتهان و لا تكاد ترى شرطى يتقدم كما كان فى السابق لفرض هيبة الدولة و استتباب الامن بعد أن استشعر بأنه غير آمن . هذا الشعور السالب الذى ينتاب رجال حفظ الامن و عدم رغبتهم فى المواصلة ترك الباب مواربا للاشرار و المجرمين و الذين أصبحوا لا يخافون من رجال فرض الامن لتنتشر جرائم المخدرات تجارة و تهريب و تعاطى بعد أن صارت الحدود مفتوحة و بلا رقابة وهى فى الواقع فرصة لا تعوض بعدم وجود سلطة تنشط فيها عصابات و كارتيلات المخدرات بتخزين كميات ضخمة فى مناطق الاستهلاك وهذه أهم مرحلة و أخطرها فى عالم تجارة المخدرات التى اصبحت تجارة رائجة و مربحة و تفتقد للمخاطر و الاهم حالة الضعف و الفراغ الامنى الذى ينتظم كل ربوع السودان ولم يهتم المجلس العسكرى بهذا الجانب الامنى و الاكثر تدميرا كما اتفق عليه الجميع.
@ لم نفق بعد من الدهشة التي أصابتنا عقب تصريح وزير صحة ولاية الخرطوم بروفيسور مأمون حميدة قبل الثورة ، بأن ٤٦ ٪ من المترددين علي جميع العيادات و المستشفيات مصابون بحالات نفسية حتي جاءنا جهينة بالخبر الأكيد ، علي لسان خبير الصحة النفسية و العصبية المستشار دكتور علي بلدو في حواره الاستثنائي الذي اجراه معه صحفي الروائع الاستاذ علي عركي بصحيفة الجريدة . من الحقائق والارقام المخيفة التي تستحق التوقف عندها ، ما يعضد تصريح بروف حميدة مع اختلاف الأرقام وذكر المصادر بأنه و بناء علي دراسة في ۲۰۱٦ اكدت بأن ٦٥ ٪ من المترددين علي العيادات و المستشفيات مصابون بحالات نفسية وان ما يتلقونه من فحوصات و ادوية لا علاقة لها مع حالاتهم لأنها نفسية الامر الذي يضطرهم السفر الي الخارج.
@ حَمّل الخبير بلدو الحكومة مسئولية تردي الحالة النفسية للمواطن السوداني و ذهب أخطر من ذلك الي أننا كشعب سوداني مقبلون علي كارثة طبية نفسية لا تبقي
و لا تذر مؤكدا علي الكارثة تتضح من إنتشار الامراض النفسية بالارقام التي تفيد بأن ۳ من كل ۱۰ سيدات يعانون من الإكتئاب و ۲٪ من الشيزوفرنيا وبلغ معدل الادمان الي 20 ٪ و أن السودان يحتل المرتبة الأولي عربيا في معدل الانتحار علي ضوء تقرير الامم المتحدة في ۲۰۱٥ و الاخطر في حديث بروف بلدو أن السودان ينتج و يستهلك ما يقارب
٦٥ ٪ من الناتج الافريقي من (البنقو) الي درجة وصف الخرطوم بالعاصمة المسطولة.
@ هذا جانب من ما ذكره البروفيسور علي بلدو استشاري الطب النفسي و العصبي نرجو أن لا يذهب أدراج الرياح و لا يجد حظه من الاهتمام و علي الاقل البداية بإعلان حالة الطوارئ بقيام حملات توعية بشكل منظم تبدأ من البيت و المدرسة و تأخذ نصيبا وافيا في زمن البث في جميع القنوات التلفزيونية و الاذاعية و تسخير الدراما والمساجد والوسائل الأخري في دعم الحملة . لابد من الاعتراف صراحة بهذه الكارثة الطبية التي حذر منها البروف قبل إستفحالها و يصعب تلافيها و علاجها . أصبح معلوما لدي الجميع أن هنالك جهات خارجية تستهدف اجيالنا بالتدمير وذهاب عقلهم و صحتهم و قد وجدوا المساعدة و العون من ضعاف النفوس ليكملوا الدور في الداخل بتسهيل و حماية دخول المخدرات بالحاويات للتعجيل باستشراء الحالات النفسية وسط أجيال المستقبل.
@ تردي الاحوال النفسية لم يقتصر علي المترددين علي العيادات و المستشفيات فحسب بل أن هنالك قطاعات و مؤسسات وجهات في الحكومة لا تخفي علي المتابع بتردي الاحوال النفسية للنافذين فيها أو غالبية المنتسبين لها والامثلة علي ذلك كثيرة و منها ما يستحق الذكر علي نحو قيام بعض نواب المجلس الوطني بالتصفيق لمشروع الموازنة الاقتصادية الخيرة للانقاذ و التي وصفت بإجماع المتخصصين بأنها الاسوأ في تاريخ السودان ليس من خلال العجز المسبب للغلاء ولكن من خلال الأرقام (المنجورة) التي ستساهم هي الاخري في ازدياد نسبة تردي الحالة النفسية للشعب الفضل الموعود بكارثة طبية و أخري إقتصادية اجازها (بعض) نواب المجلس الوطني بالتصفيق التزاما بتوجيه الحزب الحاكم لنوابه بعدم توجيه النقد لمشروع الموازنة او التصويت ضدها و بلغتهم الإمرة لابد من تمريرها. أي نائب يمتثل لرأي الحزب الحاكم في هذا الصدد لابد أنه يعاني من حالة نفسية أفقدته للأهلية ما يتطلب عرضه علي طبيب نفسي وقديما قيل، (الجن بتداوي كعب الإندراوة) . ها نحن منقبلون على اختيار مجلس تشريعى انتقالى لابد من التركيز على عدم اختيار أى من النواب السابقين فى مجلس الانقاذ الوطنى و لا حتى من ضمن الوزراء السابقين لأنهم بصراحة واقعين تحت التأثير و العياذ باﻟﻠﻪ.
يا أبو على، تتوقع شنو من شعب تم التآمر عليه لمدة 30 سنة وشباب مقهور . طبعا تعلم كل شيء عن حرب الفيون في الصين تاريخيا. أرادوا تغييب الشعب، فما كان من الشعب الا أن غيبهم وبمذلة شديدة. تسقط للأبد.
المشاركات والآراء المنشورة في صحيفة الراكوبة سواء كانت بأسماء حقيقية أو مستعارة لا تـمـثـل بالضرورة الرأي الرسمي لإدارة الموقع بل تـمـثـل وجهة نظر كاتبيها.